''التاريخ هو تراث الأمة وكنزها ومقياس عظمتها في بابي الحضارة والثقافة، وهو ديوانها الذي تحتفظ فيه بذاكرتها ومغترف العبر لأحداثها وبيان لسيرة عظمائها، وهو ماضيها الذي تستند إليه لحاضر أفضل ومستقبل زاهر، وهو دراسة أحوال الماضين من الأمم والشعوب، ووعاء الخبرة البشرية''. كلام لا يحتاج إلى شرح أو توضيح لأحد الدكاترة عن أهمية قراءة التاريخ. ونحن نحتفل بالذكرى الواحدة والخمسين لاسترجاع السيادة الوطنية، نلاحظ أن بعض الشباب مازال يجهل الكثير عن تاريخنا المجيد الملئ بالتضحيات والنضالات والانتصارات على مر السنين، وغير قادر على تحديد تواريخ هامة ومحطات مفصلية ومضيئة مر بها الوطن، وتجد شباب مطلعين على أسماء لاعبي الكرة ونجوم الغناء والموضة وغيرهم، بينما لا يعرفون رجالات الجزائر وحرائرها وعلماءها وشهداءها ومجاهديها شيئا، سوى ما يعلق في أذهان بعضهم من اسم أطلق على شارع من الشوارع أو مدرسة من المدارس. هذا لا يخدم لا مستقبل الشاب ولا تطور البلد، الذي هو في حاجة إلى جيل حافظ لذاكرته وعارفا بصانعي ماضيه ومقدرا حق التقدير نضالات الشهداء والمجاهدين وفضلهم الكبير. صحيح أن هناك مشكلا في كتابة التاريخ ونوعية ما يكتب، وصحيح أيضا أن مشاكل بعض الشباب عزلتهم للاهتمام بها على حساب الكثير من الأمور منها التاريخ، لكن ذلك ليس مبررا لتجاهله، كما أن المكتبة الجزائرية تتوفر على كتب تاريخية قيمة لمؤرخين حاولوا ويحاولون إيصال المعلومة التاريخية بصورتها الحقيقية، حتى لا يترك الشاب حبيس أدراج المشوهين للتاريخ. جزائر اليوم تنتظرها تحديات كبيرة على جميع الأصعدة في حاجة ماسة إلى أبناء قادرين على صنع حاضرها ومستقبلها بشجاعة وقوة، وقراءة تاريخها هو صمام الأمان، لأن فيه شحذ للهمم وبعث للروح واستلهام لتجارب الثوار والمجاهدين والأبطال، الذين حرروا الوطن عبر العصور من قوى استعمارية أرادت إخضاعه للسيطرة وتطميس هوية شعبه وجره إلى صفها، لكنه كان بالمرصاد وترك صفحات بيضاء ناصعة لا تُنسى على مر الأيام والسنين. وضروري كذلك أن يكون الشاب مطلعا على تاريخ باقي الأمم، لمعرفة حقائق الأحداث والوقائع ومدى صدقها وما صاحبها من تغيرات ومجريات، ومعرفة أخطاء السابقين والحذر من المزالق التي تم الوقوع فيها عبر التاريخ، خاصة وأن هناك قوى اليوم تريد إحياء ماضيها الاستعماري بطرق واستراتيجيات ومناهج جديدة وبمسميات متعددة، تستدعي قراءة جيدة للتاريخ لتجنب كل الهزات واستيعاب ما يجري من حولنا. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.