يستعد النواب في الغرفتين لعقد جلسة إستثنائية هي الأولى من نوعها في تاريخ الجزائر لتشريح ومناقشة مشروع تعديل وثيقة الدستور التي جاءت إستجابة للتطورات التي عرفتها الجزائر على جميع الأصعدة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وتصبّ جملة التعديلات الأولية المطروحة على حماية الرموز وتكريس السيادة الشعبية. أضفت البنود المقترحة في مشروع تعديل الدستور، الكثير من الحماية على رموز الثورة المجيدة ويشمل ذلك، إلى جانب الرجال صانعي الثورة، العلم والنشيد الوطنيين على إعتبار أنهما من المكاسب الجوهرية لثورة الفاتح نوفمبر الخالدة، وجاءت هذه المادة لترسيخ بوضوح أهمية هذه الرموز في الحياة الوطنية، كونها رصيد تتقاسمه الأجيال وتحرص هذه المادة على وضع حد لأي إهمال أو تلاعب أو مزايدة أو متاجرة بهذه الرموز. ولم تكن الهجمة الشرسة التي تعرض لها الكثير من المجاهدين، حيث شككت الإتهامات في ثوريتهم إلى جانب أن النشيد الوطني لم يسلم سواء كان عن قصد أو بفعل الإهمال أمام هذا الرمز الروحي من التقزيم والقص في كتب أطفالنا الذين ينبغي أن يتشبّعوا بروح الوطنية وتنقش في أذهانهم الحقائق التاريخية حتى يدركوا حقيقة ماضيهم حتى يتمكنوا من تسطير حاضرهم ومستقبلهم بشكل صحيح وصائب. ومازال التاريخ يشكل هاجسا حقيقيا وأولوية تتصدر الاهتمامات، حيث حظي هذا الأخير بشكل مفصل بالكثير من العناية في مقترحات مواد الدستور المطروحة على التعديل، وعلى ضوء ذلك من المؤكد أن عملية الاهتمام بالتاريخ تدريسا وحماية وترسيخا في ذاكرة الأجيال بالاضافة إلى تفعيل كتابته وتدوين أحداثه بشكل يحفظ الحقائق، ستأخذ منحى تصاعدي وتجسد وثبة حقيقية تنهي التماطل والتقاعس. في وقت مناسب يتطلب على الجزائر أن تسارع في تدوين ذاكرة ثورتها التاريخية قبل رحيل الجيل الصانع لثورة التحرير المجيدة وتحسم في الملف التاريخي بشكل ينصف تضحيات الجزائر ويكون وفيا للمليون ونصف المليون شهيد، لأن كتابتنا للتاريخ الثوري لم يتعد تسجيل الوقائع، ويبقى الكثير من الإرث التاريخي عرضة للضياع. أما تدريس التاريخ للأجيال، يرتقب أن يرتقي بشكل يرسخ في أذهان الأجيال الصاعدة الإرث التاريخي بشكل يسمح لهم الإستلهام منه واستخلاص العبر والمواعظ. وما تجدر إليه الإشارة، فإن الجزائر تمكنت بخطوات ثابتة أن تقطع شوطا معتبرا من التقدم اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا ومازالت وتيرة العجلة تسري نحو الأمام وحان الوقت لتعرف الحياة السياسية، هي الأخرى، الكثير من التغيير والتحسن، وبما أن الدستور يعد أسمى قانون في الدولة وبعد إعادة النظر مراجعة الترسانة القانونية الوطنية، حان دور الدستور الذي يعدّ ضروري في الوقت الحالي بعد استتباب الأمن والتطلع إلى مضاعفة وتيرة التقدم إلى الأمام. ويراهن من خلال المواد المطروحة على التعديل في تعزيز السيادة الشعبية وتفعيل الديمقراطية إلى جانب تحديد صلاحيات السلطة التنفيذية، وترقية مشاركة المرأة سياسيا عن طريق مضاعفة حظوظها في النيابة ضمن المجالس المنتخبة، ويرتقب أن تسفر عملية تعديل الدستور عن تكريس خطوات حقيقية نحو ترقية الديمقراطية. ------------------------------------------------------------------------