أكدت الفنان القبائلية «سهام ستيتي» في لقاء خاص ب«الشعب»، انها تنحدر من اسرة فنية، وعائلتها قدمت لها الدعم ومهدت لها الطريق لاقتحام مجال الفن ما ساعدها على ابراز موهبتها، التي اصبحت مصدر رزقها، بدلا من ان تكون عالة على عائلة خاصة انها مكفوفة وفقدت بصرها منذ ولادتها. وللوقوف عند مسارها الفني الطويل الذي نحتت به اسمها من بين المع نجوم الاغنية القبائلية الحساسة كانت ل«الشعب» مع الفنانة هذه المقابلة. الشعب: اقتحمت مجال الغناء، وفرضت نفسك وسط الاسرة الفنية منذ سن مبكر ما سر النجاح؟ سهام ستيتي: ليس هناك سرا في هذا النجاح، صوتي ساعدني على البروز في الساحة الفنية والفضل في هذا النجاح يرجع لوالدي «الله يرحمه» الذي كان يهوى الغناء والموسيقى كثيرا، كان والدي دائما يحلم بأن يجعل مني نجمة، لسببين الاول كونه افنى عمره في خدمة الفن ولكن لم يلق منه أي مقابل، وثانيا كان يريد ان يغادر هذه الحياة وهو مطمئنا على مستقبلي كوني مكفوفة، وقد تحمس اكثر للفكرة بعد ان غنيت اول مرة في مركز التكوين المهني بثالة علام، حيث كان يشتغل في هذا المركز كموظف. وقد أثرت اعجاب الجميع. ومن هنا كانت الانطلاقة الفنية لسهام ستيتي، فأصبحت مديرة المركز تستدعيني كلما كان هناك نشاط ثقافي، ونشطت حفلات عبر اقليم الولاية وعلى المستوى الوطني وانتجت ألبومات فنية بعد وفاة والدي. @@ كيف كان مشوارك الفني بعد رحيل والدك خاصة أنه يعد منسق أعمالك ؟ @ كنت ارى ان الغناء دون والدي شبه مستحيل، باعتباره كان المرشد ومنسق اعمالي الفنية وقائد فرقتي الموسيقية وكان معي في جميع اللقاءات التي كنت انشطها، لكن بعد ثلاثة اشهر من وفاته، تلقيت دعوة للمشاركة في حفل بسطيف، بمناسبة انطلاق فعاليات مهرجان الفيلم الامازيغي سنة 2008، رفضت الدعوة في البداية، ولكن بعد تذكري مدى شغف والدي ومجهوداته الجبارة لصنع مني اسما فنيا لامعا بكل المقاييس تقبلت الدعوة، ورغم حزني صعدت على الركح وغنيت للجمهور، كرمت من ديوان حقوق المؤلف حينها احتراما وتقديرا لمجهودات والدي الذي علمني احتراف الفن وفقا للخطوات التي وضعها عمالقة الفن الجزائري بصفة عامة والقبائلي بصفة خاصة. @@ شاركت في أول حفل فني بقاعة «صولفاج» بفرنسا ماذا كان إحساسك؟ @ في الحقيقة لم تكتمل فرحتي لغياب والدي الذي اعتدت مشاركته لي جميع افراحي، كان دوما يطمح لرؤيتي ارفع الراية الوطنية في البلدان الأجنبية استدعيت اول مرة بعد حصولي على التأشيرة سنة 2007 للمشاركة في حفل فني تكريما لوالدي بقاعة التلفزيون البربرية، وبعدهائنظمت عدة حفلات، بعدها في تظاهرة الاغنية الامازيغية التي نظمت بقاعة «صولفاج» الفرنسية، وأديت أغنية «امي ازيد غوري» للفنان القبائلي ادير التي تفاعل وانسجم معها الجمهور، وهذا الاحتفال يبقى منحوتا في ذاكرتي وهنا احسست ان حلم والدي تحقق وتحول من خيال إلى حقيقة، ثم في 2008 غنيت في زينيث بباريس. @@ تكلمت كثيرا عن عقبات صادفتك بعد رحيل والدك، هل لنا أن نعرفها ؟ @ بالتأكيد، فأول عقبة صادفتها في حياتي الفنية هي تعاملي من جديد مع ملحنين ومؤلفين جدد من غير والدي الذي كان دائما ينظم اعمالي. فبعد وفاته وجدت صعوبة كبيرة في ذلك. ولكن الحمد لله استطعت تجاوز هذه المرحلة، وما يؤلمني اكثر، عليكم ان تعرفوا، ان المكفوف محروم من رؤية العالم الذي وجد ليعيش فيه، ولكن اسوء وافضع شيئ قد يؤلمه هو ألا ترى وجه من أتى بك لهذه الدنيا وهما الوالدان فالبصر اكبر نعمة انعم الله بها عباده، لكن انا تحديت هذه الاعاقة وتقبلت فكرة العيش غير مبصرة الى مدى الحياة، ما جعلني اعتمد على نفسي في كل شيء. فلم احس يوما بأنني معاقة الا بعد 31 جانفي 2007 تاريخ مغادرة والدي لهذه الدنيا بصفة نهائية بعد تعرضه لحادث مرور، هنا احسست بأنني مهزومة ومحطمة وأنني معاقة، ومتابعة الفن بعد هذه الفاجعة كان معجزة، ولكن تعب والدي أثمر. @@ بالنسبة لسهام هل كان الفن مهنة ساعدها على العيش ؟ @ في بلادنا الفن لا يرقى الى مستوى مهنة أو مصدر رزق، ونحن بعيدون كل البعد على ذلك، للاسف محيطنا لا يحمي حقوق الفنان، لو كان هذا الشيء متاحا اظن انه يمكن ان نجعل من الفن مهنة، فالفنان يتعب ويشقى من اجل عمله ولما نتعب في اي عمل مهما كان لابد من مقابل على ذلك وهذا لا ينطبق على الفنان ونأمل ان تكون هناك مبادرات جادة تحفز الفنانين وتساعدهم على مواصلة انتاجاتهم، حتى يبقى الفن الجزائري موجودا على الساحة الوطنية او الدولية. @@ ما تقييمك للأغنية القبائلية حاليا؟ @لن اكون متشائمة، فهي في الطريق الصحيح هناك فنانون ناضلوا وكافحوا من اجل خلود هذا الارث الثقافي والفني، امثال شريف خدام، كمال حمادي، نوارة، لونيس ايت منقلات، علاوة، اديرئحنيفة، زروق علاوة وغيرهم، من اعتبرهم رمز هذه الاغنية، وبفضلهم نحن جيل اليوم لم نضيع الطريق واملي كبير ان نواصل في نفس المنهج والمنوال من اجلئ الحفاظ على الارث الثقافي الذي يمثل جزءا من هويتنا. ولا انكر ان وجود من جعلوا من الاغنية القبائلية تجارة، ما جعلهم يوقعون شهادة وفاة اغانيهم بدلا من شهادة ميلادها في اول اصدار لها، ولكن تبقى الاعمال الفنية الجادة والصادقة التي تحمل معان ورسائل ودلالات الى يومنا حاضرة وموجودة في الساحة، وعلينا دوما من تكاثف المجهودات من اجل الحفاظ على مستوى الاغنية القبائلية التي وصلت الى العالمية بفضل عمالقتها. @@ مشاريعك الفنية الجديدة؟ @ انا بصدد التحضير لألبوم جديد يتحدث عن الحنة في الاعراس، التى تعد من العادات والتقاليد التي لا تزال تحافظ عليها منطقة القبائل، سيكون في الاسواق قريبا، امزج فيه بين الموسيقى الهادئة، الرومانسية، وتغنيت بالاوضاع الاجتماعية للشباب والاعاقة والوالدين وغيرها من المواضيع.