يعتبر، الفنان القبائلي علي عمران، النجم الجديد الذي يؤدي الأغنية القبائلية بطابع ''البوب روك''، ذو موهبة كبيرة في مجال الغناء والموسيقى·· يعتبره العديد من المتتبعين للأغنية القبائلية، الممثل الوحيد وبدون منازع، للموسيقى القبائلية العصرية، كونه استطاع من خلال ثلاثة ألبومات فقط، أن يحقق نجاحا كبيرا في مجال الفن والموسيقى، وأن يدخل عالم النجومية من بابه الواسع· ''الجزائرنيوز'' إلتقته في فندق ''بالوا'' بمدينة تيزي وزو، وحاورته بخصوص مشواره الفني، وكيفية اختياره ل ''البوب روك''، وعن الأسباب التي دفعته إلى مغادرة الجزائر والإستقرار في فرنسا، بالإضافة إلى العديد من المواضيع الفنية والموسيقية، وكيف استطاع أن يتعامل مع الفنان القبائلي إيدير والفنان العالمي .Chris Birckett أحييت عدة حفلات في منطقة القبائل خلال هذه العطلة، بعد سنة من الغياب، ما هو انطباعك؟ أنا جد سعيد بلقائي مع الجمهور القبائلي، وصراحة، فقد تفاجأت بالجماهير الكثيفة التي حضرت الحفلات التي أحييتها، على غرار الحفل الساهر بملعب أوكيل رمضان بمدينة تيزي وزو، في إطار المهرجان الثقافي الإفريقي، وحفلة تيفزيرت، وحفل معاتقة بمناسبة عيد الفخار.. وصراحة، كانت حفلة أوكيل رمضان، جد مميزة نظرا للإقبال الهائل للجمهور الذي تجاوب معي بامتياز، وقد ساعدني ذلك كثيرا على التألق، وأنا جد راضٍ ، لا سيما وأنني غبت عن تيزي وزو لمدة سنة كاملة·وأتأسف، كثيرا، على إلغاء الحفل الذي كان مبرمجا ببجاية، حيث لا أعرف الأسباب، التي تعود إلى المنظمين، لكني أعد الجمهور البجاوي بحفل في الأيام القادمة· كيف تحوّل علي عمران، من طالب جامعي متحصل على شهادة الليسانس في الإنجليزية وماجستير في الأمازيغية، إلى فنان؟ لم يكن ذلك متوقعا، فحتى أنا لا أعرف كيف تم ذلك، وكل ما أعرفه، هو أنني أحب الغناء والموسيقى منذ كنت طالبا حيث كنت أغني، وأرى أن الدراسة لا تعرقل الطالب إذا أراد أن يصبح فنانا، بل بالعكس، فقد ساعدتني كثيرا على النجاح في مجال الموسيقى.. حقيقة، عندما تتمعن في مشواري تتوقع أن أصبح، ربما، أستاذا أو باحثا في مجال معين، لكني فضلت الموسيقى والغناء، لأنه المجال الوحيد الذي وجدت فيه حرية أكثر لأعمل وأحقق ما كنت أطمح إليه· هل بإمكاننا أن نعرف الأسباب التي دفعتك لمغادرة البلاد والاستقرار في فرنسا، منذ عشر سنوات؟ الأسباب كثيرة ومتعددة، لكن السبب الرئيسي هو الوضع المزري الذي آلت إليه الجزائر في جميع المجالات كالمجال الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والأمني، فقد اجتمعت عدة أسباب دفعتني للرحيل إلى فرنسا، فإذا عدنا إلى تلك الفترة، حين تخرجت من الجامعة متحصلا على شهادة الليسانس في الإنجليزية، واجهت صعوبات جمة في إيجاد منصب شغل، وعندما تحصلت على عمل كأستاذ، تم توقيفي، بعد مرور بضعة أشهر، بسبب المحسوبية حيث تم تعويضي بأستاذ آخر يملك معارف ونفوذ كبير، غير أن هذا الوضع لم أعشه أنا فقط، بل معظم الجزائريين الذين تركوا البلاد تعرضوا لمثل هذا التهميش والحرمان، ففي ذلك الوقت، شعرت بأن بقائي في الجزائر لن ينفعني، ولذلك فضلت الرحيل والاستقرار بفرنسا حيث وجدت كل ما لم أجده في بلدي، وهذا شيء يؤسفني كثيرا· في شهر جوان المنصرم، حضرت من فرنسا خصيصا للمشاركة في حفل تكريم الفنان القبائلي القدير كمال حمادي، بدار الثقافة مولود معمري، ماذا تمثل لك هذه الشخصية الفنية؟ كمال حمادي، فنان كبير ومعروف فالكثير من الفنانين الذين برزوا في السبعينيات والثمانينات تخرجوا على يده، واستفادوا من خبرته، ومن بينهم لونيس آيت منفلات، فكمال حمادي له مكانة كبيرة في مجال الأغنية الجزائرية عموما، والأغنية القبائلية خصوصا، وأنا أعتبره فنانا محترفا في ميدان الأغنية والموسيقى، فقد اشتغل بالموسيقى ليس فقط لكي يغني، بل ليعلم ويبدع في هذا الفن· إستطعت أن تكسب جمهورا كبيرا في ظرف وجيز، فما هو انطباعك؟ الجمهور الجزائري بصفة عامة، والقبائلي بصفة خاصة، جمهور ذواق ومتميز، وأنا أعتبر الجمهور الوحيد الذي بإمكانه أن يدفع الفنان إلى تحقيق النجاح والشهرة، وتربطني به علاقة طيبة، وبصراحة، لا أخفي عنك أنني تفاجأت خلال الحفل الذي أحييته بتيزي وزو يوم 18 جويلية بالجمهور الغفير والعريض الذي حضر الحفل، وكان فريدا من نوع حيث تجاوب معي أغانيّ بشكل رائع، فقد أدى معي كافة الأغاني التي أديتها ورقص وصفق طويلا، وهو ما يؤكد العلاقة القوية التي تربطني به·· العديد من المتتبعين لشأن الموسيقى القبائلية يعتبرونك فنانا من الجيل الجديد وبإمكانك تمثيل الموسيقى القبائلية العصرية مستقبلا، ما هو رأيك؟ أشكرهم كثيرا، فهذا شرف عظيم لي، وأعتبره مسؤولية كبيرة عليّ أن أكون في مستواها، فأنا أحاول أن أقدم إضافات للغة الأمازيغية، وأعمل على ترقية القضية والهوية الأمازيغية، وفي نفس الوقت، أعمل على تطوير وعصرنة الأغنية القبائلية، غير أنه يبقى عليّ أن أبذل مجهودات كبيرة، لأني لم أصل بعد إلى تحقيق كل شيء، فهناك، دائما، المزيد من الطموح، خصوصا وأن لديّ مشاريع كثيرة لم أجسدها بعد، كما ينتظرني عمل كبير حتى أشرف الأغنية القبائلية أحسن تشريف، إن شاء الله· لقد أطلقت، مؤخرا، ألبوما جديدا يحمل عنوان ''أكي ذامور''، بمعنى ''هذه هي حصتي''، ركزت فيه، كثيرا، على ''الغربة'' والهجرة، لماذا؟ عنوان هذا الألبوم لم يأت صدفة، فهو يحمل معاني كثيرة، بدأت أشتغل عليه منذ ثلاث سنوات، أتحدث فيه عن ''الغربة'' والهجرة، لأنني، أولا، عشت التجربة، وثانيا لأن الشباب أصبح، يفضل الهجرة بكل الوسائل القانونية وغير القانونية ''الحرفة''، لأنه سئم العيش في بلده حيث ضاعت حقوقه في ظل تفاقم البيروقراطية الإدارية والمحسوبية وطغيان المصالح الضيقة، ناهيك عن المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والأمنية، فقد فضلت أن يكون عنوان هذا الألبوم ''أكي ذامور'' لأقول أن حصة الجزائريين في بلدهم هي ''االهربة''، والشيء الذي يؤلم كثيرا هو عندما نعلم أن المجهودات التي نبذلها في البلدان الأخرى وما ننتجه فيها لا نستفيد منه نحن الجزائريين، بل تعود فائدته على الغير، خصوصا وأن الفئة المتهافتة أكثر على الهجرة هي فئة الشباب والجامعيين، وهذا أمر يجب معالجته، لأن البلدان يبنيها ويشيدها الشباب والجامعيون· سجلت في ألبومك الأخير ''ديو'' في أغنية ''سفينة'' مع الفنان والعالمي إيدير، كيف تمكنت من إقناع هذا الفنان بالتعامل معك؟ (يضحك···) يجب طرح هذا السؤال على الفنان إيدير، لأنه هو من يعرف ذلك، لكن أعلمكم أن الفكرة راودتني عندما سمعت، في عدة مناسبات، الفنان إيدير يذكر إسمي عندما يتكلم عن الأغنية القبائلية فقد قال عني، أكثر من مرة، أنني جئت بالجديد للأغنية القبائلية، وذلك شجعني كثيرا، خصوصا وأن الأمر يتعلق بالفنان إيدير، فاتصلت لأعرض عليه الموسيقى والأغاني التي أنتجها، ثم اقترحت عليه أن يشاركني في أغنية ''سفينة''، فوافق دون شرط· وأنا أشكره كثيرا على ذلك· أعدت أداء أغنية الشيخ أعراب بويزفران ''أياما'' وأغنية الفنان حسيسن ''ثافاليزث''، ماذا تمثل لك هذه الأغاني؟ هاتان الأغنيتان تتحدثان عن الهجرة والغربة، فأغنية ''أياما'' للفنان الشيخ أعراب بويزفارن، رحمه الله، أحبها كثيرا، لا سيما وأنها تتعلق بالأم عندما نكون في الغربة، بعيدين عنها، كما أني تأثرت كثيرا بهذا الفنان، وكنت منذ الصغر أنتظر بفارغ الصبر أن أستمع لأغانيه في الإذاعة، وما أريد قوله هو أنه قبل إعادة أية أغنية يجب التحضير لأدائها مسبقا، والحمد لله، أعدتها ونجحت في ذلك، وحتى الفنانين الفرنسيين والإنجليز الذين استمعوا إليها تأثروا بها كثيرا، بالرغم من أنهم لم يفهموا الكلمات· أما أغنية المرحوم حسيسن المعروفة ''ثافاليزث''، فهي خاصة وتتحدث عن وضعيتي قبل أن أقرر الرحيل إلى فرنسا، وهذه الأغنية تعتبر من الأغاني القبائلية التراثية، سجلها حسيسن في الخمسينات، وهي أغنية يمكن أن تقيم لها مقاربة مع مختلف الطبوع الموسيقية العصرية· وقد تعلقت بالفنان حسيسن منذ كنت صغيرا وهو قريب نوعا ما من العائلة حيث كان يزور قريتي· ألبومك الثاني ''أخالي سليمان'' الذي أنتجته بفرنسا حقق نجاحا كبيرا، إلى ماذا يرجع ذلك؟ صراحة، لقد تعبت كثيرا في هذا الألبوم ''أخالي سليمان'' وبذلت فيه مجهودا كبيرا، وجاء في شكل ''لايف''، لكن لا أخفي عليكم أنني لم أتوقع أنه سيحقق هذا النجاح وإلى هذه الدرجة، الحمد لله، لقد حقق نجاحا كبيرا على مستوى القطر الوطني وحتى في الخارج، فهذا شيء جميل ويحفزني أكثر على العمل قصد إرضاء جمهوري الوفي· أنت تؤدي الأغنية القبائلية بطابع ''البوب روك''، لماذا اخترت هذا الطابع؟ وهل الجمهور القبائلي يهتم بهذا النوع الموسيقي؟ بدأت الغناء بالطابع الفلكلوري والموسيقى التراثية والتقليدية، وبعدها تحولت إلى أداء الأغنية القبائلية بطابع ''البوب روك''، لكن هذا الطابع هو الذي اختارني ولست أنا من اخترته، فهذا الطابع اكتشفته من الفرقة الموسيقية ''يوتو'' خلال الثمانينيات، وهذه الفرقة لم تكن معروفة هنا في الجزائر، في تلك الفترة، ويعود الفضل في اكتشافي لهذه الفرقة إلى أحد أفراد عائلتي الذي كان يعيش بفرنسا، حيث كان يملك أشرطة لهذه الفرقة، وعندما استمعت إليها، تأثرت بها كثيرا، أولا، لأنها موسيقى أوروبية عصرية ومتطورة، وثانيا، تأثرت برنتها ونغمتها، كونها ذات نوع جد مميز· ألا ترى أن هذا الخيار كان نوعا من المغامرة كون الجمهور القبائلي لم يكن يعرف الطابع الموسيقي ''البوب روك'' بالقبائلية من قبل؟ الفنان عندما يميل إلى طابع موسيقي معين لا يفكر في رد فعل الجمهور ولا يجب أن يتوقع مسبقا نجاحه أو فشله، وقد كان هدفي من خلال هذا الطابع الموسيقي أن أنقل الأغنية القبائلية إلى العصرنة، فأنا أرى أن ''البوب روك'' طابع يسمح للأغنية القبائلية بالانفتاح على جمهور آخر لا يفهم القبائلية، لأن هناك، أيضا، اللغة الموسيقية التي من شأنها أن تجعل العديد من الأشخاص يفهمون الأغنية القبائلية، وعندما نستطيع أن نجعل جمهور آخر، غير الجمهور القبائلي، يتعلق بالموسيقى القبائلية، نقول أن الأغنية القبائلية حققت نجاحا· والحمد لله، فقد حققت هذا النجاح في هذا النوع، والجمهور استقبل هذا الطابع العصري بصدر رحب وباهتمام كبير، وله فضل كبير في نجاحي، وهذا شيء يحفزني للعمل أكثر· تعاملت مع شخصية موسيقية معروفة على المستوى العالمي وهيChris Birckett المعروف عنه أنه تعامل مع أكبر وأشهر الفنانين الأوروبيين والأمريكيين، فهل بإمكانك أن تحدثنا عن هذه التجربة؟ كان لي حظ كبير أن أتعامل مع ''كريس بيركات''، فهو يملك أكثر من 30 سنة خبرة في مجال الموسيقى، ويعتبر شخصية موسيقية عالمية، وفنان ومنتج فني ومهندس صوت، يتعامل، كما ذكرت، مع أشهر الفنانين الأوروبيين والأمريكيين، وقد أنتج عنوان غنائيا معروفا مع الفنانة الإيرلندية ''شيني دوكونوش'' وحققا به نجاحا كبيرا حيث سوقت منه أكثر من مليون نسخة، كما تعامل، كذلك، مع الفنان ''بوتير جابريال'' والفنان ''ستينغ'' وغيرهما، وقد تعرفت عليه عن طريق الأنترنت بفضل صديق لي، وبعدها اقترحت عليه إنتاج ألبوم مشترك فوافق بعدما استمع للأغاني التي قدمتها له، بالرغم من أنه لا يعرف الأغنية القبائلية، حيث أظهر اهتماما كبيرا بهذا الاقتراح· هل واجهتم عراقيل خلال فترة العمل كون أن ''كريس بيركاتا'' لم يكن يعرف من قبل الأغنية القبائلية؟ الحمد لله، لم نواجه أية صعوبة، بالعكس، فقد كان كل شيء على ما يرام، وكان هذا العمل الثنائي الذي دام حوالي شهرين رائعا جدا، ومن ذلك الوقت أصبحت أنا وChris birckett صديقين، فهو منتج كبير للموسيقى الأنجلوسكسونية، وله ثقافة كبيرة وواسعة جدا، يهتم بكل الأنواع الموسيقية، وهو فنان متفتح، وقد سمح له هذا العمل المشترك باكتشاف الأغنية القبائلية· هل من مشاريع فنية في المستقبل؟ في الوقت الحالي، أنا بصدد التحضير لحفلات غنائية في منطقة القبائل، وعندما أعود إلى فرنسا، سأباشر عدة مشاريع فنية تنتظرني، أولها التحضير لألبوم آخر سيكون مليئا بالمفاجآت، وأتمنى أن ينال إعجاب الجمهور·