تقف تونس في مفترق طرق فرضتها أزمة أشعلها اغتيال محمد البراهمي، حادثة وجدت فيها المعارضة كما يبدو فرصة لتجديد مطالب سابقة برحيل الحكومة وحل المجلس التأسيسي وتعويضها بحكومة إنقاذ وطني. وقد سبق لها و أن أجبرت الرئيس السابق للحكومة عن حركة النهضة حمادي الجبالي على الاستقالة بعد أزمة مشابهة عرفتها البلاد إثر اغتيال شكري بلعيد الذي شكل مصدر صداع للحكومة حيا وميتا وسجلا تجاريا للمعارضة التي تسعى إلى لم كل أطيافها حول هذا الاسم الذي تحول إلى رمز للمعارضة والالتزام بالمبادئ النضالية. فبعد ستة أشهر من اغتياله دعت، أمس، المعارضة إلى مظاهرات حاشدة إحياءً للذكرى بعد الإفطار وتجديدا للضغط على حكومة العريض للرضوخ للأصوات المطالبة برحيلها وهي خطوة وجدت صداها لدى الاتحاد التونسي للشغل الذي دعا منتسبيه البالغ عددهم حوالي 600,000 منخرط إلى الالتحاق بساحة الباردو وسط العاصمة حيث مقر المجلس التأسيسي للمطالبة بحكومة كفاءات كان قد سبق و أمهل الترويكا بشأنها أسبوعا، قبل اللجوء إلى سبل أخرى متاحة يبدو أن هذه واحدة منها. كما دعت الجبهة الشعبية التي تضم عدة أحزاب علمانية كان من أبرز زعمائها شكري بلعيد كل المناضلين والمواطنين إلى التوجه إلى مكان التظاهر بعد الإفطار للمطالبة برحيل الترويكا بما فيها الرئيس المؤقت منصف المرزوقي وذلك إنقاذا لتونس في موقف أكثر راديكالية وتشددا اتجاه السلطات المؤقتة في تونس. أمام هذا الوضع المتأزم والمرشح إلى التعقيد أكثر بعد أن تحول الوصول إلى حل توافقي بين أطراف المعادلة إلى شبه مستحيل. أكد الغنوشي الرقم الأول في حركة النهضة الحاكمة تمسكه بالحكومة وبالعريض على رأسها رافضا رحيلها أمام ضغط الشارع في إشارة إلى المظاهرات التي دعت إليها المعارضة. معتبرا انه من غير الممكن الاستمرار في لعب ورقة الشارع سواء تعلق الأمر بالمعارضة أو بحركته النهضة. مرجحا إمكانية اللجوء إلى استفتاء شعبي للخروج من الأزمة بعد أن رفضت المعارضة مقترحا سابقا بتشكيل حكومة ائتلافية موسعة وتنظيم انتخابات نهاية السنة.