ما زال شبح الأزمة السياسية التي تعيشها تونس يخيّم على البلاد رغم بروز بوادر إطلاق حوار بين مختلف أطرافها قد يفك خيوطها. كما كان متوقعا يلعب الإتحاد التونسي للشغل دور الوسيط بين المعارضة والنهضة التي قطع كل طرف منهما كل خيوط التواصل والإستماع للآخر للخروج من المأزق، وهو مأزق قائم بسبب أنانية السياسيين والرهانات السلطوية التي تحدد سلوكهم وتصرفاتهم ضاربين بعرض الحائط المصلحة العليا للوطن. فلم يترك أي طرف الفرصة للجوء إلى الشارع وحشد المناصرين فيه لاستعراض العضلات وفرض الحلول على الخصوم. إن الفشل الذريع للسياسيين وتعثرهم أدخل على الخط قوى إجتماعية أخرى قد تتمكن من فرض حلّ توافقي لوقف النزيف الذي قد يأتي على الانتقال الديمقراطي الذي ينشده الشعب التونسي. ولهذا الغرض التقى، أمس، راشد الغنوشي الرقم الأول في حركة النهضة ورئيس الإتحاد التونسي للشغل حسن العباسي، لبدء مفاوضات ومشاورات للخروج من الأزمة. حضر اللقاء مصطفى بن جعفر رئيس المجلس التأسيسي الذي علق عمل المجلس الأسبوع الماضي يقول إنه من أجل هذا الغرض، أي فرض الحوار على أطراف الأزمة، رغم أن حركة النهضة اعتبرت الخطوة إنقلاب داخلي على شرعية حكمها، وتصرّ على ضرورة بقاء المجلس وإستكمال تحرير الدستور وتنظيم إنتخابات نهاية السنة، وهو جوهر خلافها مع المعارضة العلمانية الذي تطالب بالنقيض تماما. وهو حلّ الحكومة التي يترأسها العريض وحلّ المجلس التأسيسي وتشكيل حكومة إنقاذ وطني ما يعني أن الخلاف عميق والشرخ كبير بين الطرفين قد يرهن حتى مجهودات نقابة العمال ووساطتها في ظل ورود أنباء على أن المعارضة التي تصرّ على موقفها بصدد تحضير حكومة إنقاذ وطني يعلن عنها اليوم خلال المظاهرات التي تنظمها بمناسبة اليوم الوطني للمرأة التونسية. حركة النهضة من جهتها، اعتبرت أن هذا اليوم ليس حكرا علي المعارضة العلمانية، ودعت إلى مظاهرات حاشدة اليوم ردا على تلك التي دعت إليها المعارضة، حيث دعت مناضليها إلى تجمع شعبي في شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة تونس على الساعة الرابعة بعد الظهر وقد أطلقت النهضة شعار: «النساء التونسيات عماد التحوّل الديمقراطي والوحدة الوطنية» على هذا التجمع، والسجال يبقى متواصلا بين النهضة والمعارضة في ظل أزمة سياسية مستمرة إندلعت شهر جويلية الماضي إثر إغتيال المعارض والنائب بالمجلس التأسيسي محمد البراهمي.