تعليقا على ما أفضى به الوزير الأول ووزير الخارجية المغربي الأسبق السيد عبد اللطيف الفيلالي في حصة زيارة خاصة التي بثتها قناة "الجزيرة" مساء السبت قال الدكتور محي الدين عميمور عضو لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الأمة في تصريح خاص بأن الفيلالي هو شخصية متميزة تجسد الطبقة السياسية المغربية في مرحلة معينة، وربما جعلته وضعية المرض التي يعاني منها، شفاه الله، سببا في بعده عن واجبات التحفظ الديبلوماسي، ولعل لهذا فائدة تاريخية مهمة . وقال عميمور في هذا الصدد بأنه سجل خمس نقاط جوهرية في تصريحات السيد الفيلالي، لا بد أن يتذكرها كل منا جيدا، وأن تكون جزءا من وثائقنا حول العلاقات بين البلدين. النقطة الأولى، وهي الأكثر أهمية تاريخيا، أنه اعترف بصراحة وبكل وضوح بالغزو المغربي للجزائر في ,1963 وبرره كردّ على رفض الرئيس بن بله أن يتفاوض حول الحدود الجزائرية بعد شهر من استرجاع الجزائر لاستقلالها، طبقا للإتفاق الإذعاني الذي تم مع رئيس الحكومة الجزائرية المؤقتة عباس فرحات في ,1958 والفيلالي بهذا الاعتراف من رجل في مستواه يلغي كل الادعاءات المغربية التي حاولت طوال أكثر من ستة عقود نفي عملية الغزو، بل واتهام الجزائر بأنها هي التي اخترقت الحدود المغربية. ويؤكد الفيلالي هنا المعنى الذي قصده الرئيس الجزائري الأسبق بصرخة "حقرونا"، فقد قال بأن الجيش المغربي كان كامل العدة بينما لم يكن الجيش الجزائري كذلك، لكنه لم يذكر كيف خلقت القوات الجزائرية المسلحة معادلة التوازن التي فرضت الانسحاب على الغزاة. والنقطة الثانية أن الوزير الأول المغربي الأسبق لا يؤمن إطلاقا بوجود تاريخي للجزائر، ولعله ممن يرون بأن الجزائر ولدت في ,1962 بعد استعمار فرنسي خلف الوجود العثماني، حسب قوله، وهي مقولة استعمارية معروفة وممجوجة. ونسي المسؤول المغربي السابق، شفاه الله، أن الجزائر هي التي استدعت الإخوة برباروس لقيادة أسطولها، وواجهت الأسبان في حرب ضارية استمرت نحو ثلاثة قرون متتالية دفاعا عن الراية الإسلامية، وقبل أن يتحطم أسطولها في معركة نوارين البحرية عام .1827 النقطة الثالثة، أن الرجل لا يخفي أنه لا يحمل أي تقدير للرئيس أحمد بن بله وأنه يكره الرئيس هواري بو مدين وأنه لا يحب الرئيس جمال عبد الناصر، ويجب أن أذكر هنا أيضا أن من أسباب كرهه للرئيس المصري هو تضامن عبد الناصر مع الجزائر إثر اختراق القوات المغربية لحدودها، وإن كان، بحكم المرض، قد خلط بين مراحل الصراع المختلفة وتصور دورا للرئيس حسني مبارك في تلك المرحلة، وهو غير صحيح. ولم يشر الوزير المغربي لما تردد آنذاك من دعم قدمته إسرائيل لبلاده، لا نفيا ولا تقريرا، وهو ما يبعث على الشك في خلفية التناسي. النقطة الرابعة، اعترافه بأن وزير الخارجية الأمريكي الأسبق كان يؤيد ضم الصحراء الغربية إلى المغرب سرا، وإن كان لا يصرح بذلك علنا، ولكن المسؤول المغربي لم يوضح ما الذي تلقاه بيكر من الملك المغربي مقابل موقفه هذا، وربما يفسر هذا تصريحات بيكر الملتوية في مرحلة ما، ولعله أيضا هو الذي يقف وراء تحمس الوزير الأمريكي لفكرة الحكم الذاتي وخلف شكوك الجزائر العميقة تجاهه، وهي تعرف أن الجنرال الأمريكي والترز هو مهندس بناء الجدار العازل في الصحراء الغربية. النقطة الأخيرة أن رئيس الديبلوماسية المغربية الأسبق أدان تجربة التنمية الجزائرية طولا وعرضا، ولم ير أي شيء إيجابي فيها، وقد يرتبط هذا بنفوره من كل رؤساء الجمهورية الجزائرية، بداية من بله ونهاية بعبد العزيز بو تفليقة. وفي ختام تصريحه تمنى الدكتور عميمور للسيد الفيلالي استعادة الصحة والعافية، ليتمكن من قراءة مقال الأخ محمد السعيد ردا على ما أورده في كتابه من ادعاءات ومغالطات، حيث أن مراسل الجزيرة قال بأن الوزير الأول المغربي لا يقرأ الصحف بتاتا لمرضه