يحتفل الشعب الجزائري على غرار الشعوب الإسلامية بيوم عاشوراء الذي يكتسي أهمية كبيرة وسط المجتمع، ويعدّ من المناسبات الدينية التي تجمع العائلة في ليلة متميزة وخاصة بسبب تلك العادات والتقاليد المرتبطة بالمناسبة. ولنتعرّف عليها، تجوّلت "الشعب" في مختلف الشوارع لتسأل المواطن عن العادات التي تميز ليلة عاشوراء الغرّاء. "القديد"، "بوقشة" أطباق تميّز ليلة عاشوراء وكانت السيدة "جميلة ب«، 40 سنة، معلّمة بابتدائية مالك بن نبي بالقبة، أول من سألناها عن الموضوع فقالت: "تعتبر عاشوراء مناسبة مهمة نحتفل بها كل سنة مع أفراد العائلة و القديد هو أهم ما يميّزها، ونحرس أن يكون من لحم أضحية العيد، الكسكسي بالقديد له طعم خاص جدا ولذيذ يحبه أبنائي كثيرا، وينتظرون عاشوراء بفارغ الصبر من أجله، ورغم أنّني أطهوه في الأيام الأخرى إلاّ أنّهم يفضّلون طبق ليلة عاشوراء". وتضيف قائلة: "هو يوم مهم بالنسبة لنا نحن المسلمين لأنّه يوم نجّى فيه ربّنا تعالى موسى عليه السلام، ولن يكون العشاء المميز وحده الحاضر القوي في هذه الليلة لأنّ أغلب الجزائريين يصومون يومي التاسع والعاشر من محرم كما أوصى به الرسول صلى الله عليه وسلم والذي قال عليه الصلاة والسلام قولته المشهورة "نحن أحق بموسى منهم"، لذلك تجد جميع أفراد العائلة صائمين ما يجعل الاجتماع والعشاء الخاص ضرورة لا بد منها". «مونيا ي«، 30 سنة، عاملة بإحدى المؤسسات الخاصة، تقول عن الاحتفال بالمناسبة: "عاشوراء بالنسبة لي مميزة جدا لأنّ والدتي تعوّدت على الاحتفال بها بعادات خاصة جدا، وجعلت الكثير من زملائي وأصدقائي يطلبون مني الطبق الخاص الذي يعتبر تقليديا وذو تاريخ كبير بالنسبة لنا في منطقة جيجل". تشرح ذلك فتقول: "بوقشة هو الطبق الذي تطهوه أمي في هذه المناسبة، وهو عبارة عن طبق أساسه الدقيق المتوسط والتمر حيث تخلطهما في قصعة مع الملح وزيت الزيتون، لتحشو بهذا الخليط المصران الغليظ والكرشة، وطبعا المصران نزع من أضحية العيد لينفخ ويجفّف تحت أشعة الشمس...ولن أنسى صيام يومي التاسوعاء والعاشوراء كما قال الرسول |. الزكاة، قص الشعر والحناء "محمد ص«، 25 سنة، طالب جامعي، يقول عن مناسبة عاشوراء: "تعوّد المجتمع الجزائري الاحتفال بهذا اليوم منذ أجيال خلت رغم كل تلك الدعاوى القائلة أنّ الاحتفال به مجرد بدعة، والمتأمّل في تلك العادات والتقاليد المرتبطة بهذا اليوم نجدها كلها تتّفق في جمع العائلة حول مائدة واحدة، يكون الحب والتآخي الشعور السائد فيها". ويضيف قائلا: "العرف في الجزائر يجعل من هذه المناسبة مرتبطة بالزكاة أو كما يقولون في بعض المناطق "بالتعشّار"، وهو أن يتصدّق صاحب المال أيّا كان نوعه بعشر ما يملك، لذلك تجد البعض يقف أمام المحلات ينتظر أن يعطيه صاحبه هذه النسبة، ولن يختلف اثنان إن قلنا أنّ الجزائريين يربطون المناسبة بنجاة سيدنا موسى عليه السلام من فرعون بعد أن شق له الله سبحانه البحر، كما يعتبر لحم الأضحية هو المكوّن الرئيسي في الطبق الذي يحضّره الجزائريون في هذه المناسبة وإن اختلفت في نوعها". «منيرة ق«، 46 سنة، ربة بيت تقول عن المناسبة: "نحتفل بهذه المناسبة بإعداد طبق الشخشوخة ببعض اللحم الذي احتفظنا به للمناسبة من أضحية العيد، وإلى اليوم أتذكّر والدتي عندما كانت تخضب أيدينا ونحن صغار بالحناء، وتقص القليل من شعرنا تيمّنا بالمناسبة حتى يزداد طولا، كما تنمو أموال الزكاة التي تميز أيضا الاحتفال بعاشوراء، حيث يعمد الكثيرون إلى إخراجها في هذا اليوم رغم أنّ الزكاة أصلا مرتبطة بالحول وليس بهذا اليوم". أمّا السيدة "زكية غ«، 50 سنة، فتقول عن الاحتفال بيوم عاشوراء: "أهم ما يميز الاحتفال بهذا اليوم هو تخضيب الحناء التي تعدّ من علامات الفرح عندنا، ففي هذه المناسبة أحرص على وضعها لأبنائي لأنها علامة للفرح والبهجة، كما تقُص الفتيات القليل من شعرهن، ظنّا منهن بأن ذلك يزيد من طوله، وهناك تقليد أصبح تقريبا منقرضا وهو الإقلاع عن الخياطة ومس الإبرة في هذا اليوم، ولكن مع مرور الوقت ترك هذا التقليد الكثير من الناس....، إلى جانب ذلك لا ننسى طبق الرشتة الذي يميّز ليلة عاشوراء أين تجتمع كل العائلة حوله لتستحضر تاريخ هذه المناسبة العظيمة التي انتصر فيها الحق على الباطل". ذكرى للاحتفال حاولنا في هذه العجالة التعرف على أهم التقاليد التي تطبع الاحتفال بمناسبة عاشوراء، وكان تخصيص جزء من أضحية عيد الأضحى لإعداد الطبق الخاص بهذه الليلة، كما يعدّ صيام يومي التاسع والعاشر من الشهر القمري أهم ما يميز العادات التي يكرّسها الجزائريون لهذا اليوم، خاصة وأنّ الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قد صامه وقال إنّنا كمسلمين أحق بأن نحتفل بنجاة موسى عليه السلام من اليهود، لتعكس كل تلك التقاليد ارتباط المجتمع بدينه وبتاريخه المليء بالانتصارات.