يعرف قطاع النقل بوهران حالة من الفوضى الكبيرة، يترجمها تدني الخدمة العمومية، وغيرها من المظاهر التي ولّدت الاستياء لدى سكان ثاني اكبر مدن الجزائر، والتي لا تتوفر إلى يومنا هذا على محطة حضرية واحدة عبر كامل بلدياتها، في وقت تطمح فيه إلى مكانة متروبولية متوسطية.كيف ولماذا في هذا الاستطلاع الذي أنجزته «الشعب». وزادت مشاكل أهم القطاعات الإستراتيجية تشعّبا بعاصمة غرب البلاد، في ظل انعدام البديل، وهو عنوان آخر للفوضى بشهادة الوصاية، والتي أكّدت على لسان مديرها ألولائي، أن أزيد من 95 بالمائة من وسائل النقل العمومي تتوقف في الشوارع العمومية. ودعا في ذات السياق، السيد خالد طلحة، النقابات إلى المشاركة الفعلية في تهذيب المهنة وترقية الخدمة العمومية، موضحا أن النقل من القطاعات الأفقية الذي يتصل بقطاعات أخرى، أهمها الجماعات المحلية المسؤولة على تهيئة المحطات والوسط الحضري، والأمن المسؤول على تطبيق النظام والأشغال العمومية، فيما يخص شبكة الطرقات، ناهيك عن دور المواطن كمستعل لها. ورغم الفقر التي تعرفه وهران في المجال، إلا أن المحطتين اللتين استلمتهما دائرة بئر الجير لم يدخلا بعد حيز الاستغلال، ومحطة أخرى بالكرمة ستتحول، حسب مدير النقل إلى مركز لامتحان رخص السياقة بعدما أعطى رئيس دائرة السانية الموافقة، ليبقى سكانها يعانون انعدام بديل يقيهم حرّ الصيف وقرّ الشتاء. انه حال معظم بلديات وهران التي تعاني ندرة حادة في هياكل الاستقبال ونقاط التوقف، والتي اختفت تماما منذ سنوات، بسبب التوسع العمراني واحتكار الأماكن وأسباب أخرى عرفتها البلاد... بعدما كان سائق التاكسي واجهة حضارية هذا الارتباك المزمن في قطاع النقل، يرد عليه الكثير من السكان بالاستنكار والتنديد حسب ما أكده لنا أكثر من مشتكي بعين المكان إذ غدت مجالس المواطنين في المقاهي والشوارع العمومية، لا تخلو من أحاديث، يكون فيها النقل العمومي مجالا للانتقاد وتوجيه اللوم للمسؤولين عن القطاع، بعدما كان في وقت مضى، سائق «التاكسي» واجهة حضارية ودليلا سياحيا... وحاليا يقول عنهم متحدثو «الشعب» من سكان وهران، إنهم لا يمتون بصلة لنبل الخدمة وقيمتها في إشارة منهم إلى عديد المواقف «المخزية « التي أساءت إلى الوظيفة على حد تعبيرهم، كرفض السائق نقل الزبون إلى المكان الذي يريد أو ابتزازه، وغيرها من السلوكيات الغريبة والتي لا توحي بالثقة، وتحسّر المتحدثون على اختفاء الزّي الموّحد لسائقي الأجرة وغيرها من القيم والأخلاق التي ترسخت من زمان. أكثر من 3500 طلب سائق سيارة الأجرة في أقل من سنتين يحدث هذا في وقت سجلت فيه مديرية النقل لولاية وهران السنة المنصرمة نحو 2419 طلب الاندماج في مهنة سائق سيارة أجرة، وبلغ عددهم السنة الجارية زهاء 1107 طلب بمجموع 3526 طلب استفادة من دفتر المقاعد، وهو ما يدعو إلى الإسراع في تفعيل اللجنة التقنية على مستوى الولاية، والتي من المزمع أن تدخل حيز النشاط مباشرة بعد المصادقة على النظام الداخلي ، والتي يرأسها حسب النصوص التشريعية الوالي وينوب عنه مدير النقل. علما أن اللجنة التقنية تضم في تشكيلتها ممثلون عن النقابات وكل من مصالح الأمن والدرك ومديرية المجاهدين والنقابات وجمعيات المستهلكين وغيرهم من الشركاء، ومن مهامها الأساسية، تهذيب وتفعيل دور سائق سيارة الأجرة، وتقنين نظام المداومة على مستوى البلديات، والذي غيبها الكثير منذ العشرية السوداء. وبالمقابل، ينتظر الآلاف من سائقي سيارات الأجرة عبر الوطن وفاء وزارة النقل بوعودها الخاصة بمعالجة الضرائب المستحقة على نشاطهم منذ سنوات، حيث تعرف المشاكل العالقة تفاقما، بعد تراكم مستحقات الضرائب الملقاة على عاتقهم منذ 1992، خاصة في فترة العشرية السوداء، والتي لم يكن معظم السائقين ينشطون فيها، ناهيك عن المسألة الثانية المتمثلة في رخص الاستغلال. وطالب رئيس الفدرالية الولائية لسائقي سيارات الأجرة بوهران بتجسيد الوعود التي قطعتها السلطات المعنية على نفسها بتوفير نحو 2000 رخصة استغلال خاصة بذوي الحقوق، على الرغم من أنها غير كافية، يضيف «قندسي جيلالي»، والذي اشتكى في نفس الإطار من المضاربة في أسعارها بسبب قلة العرض. من جهته، مدير النقل لولاية وهران، خالد طلحة، كشف أن ملف رخص الاستغلال محل دراسة في الجلسات الوطنية المرتقب تنظيمها من طرف مصالح وزارة النقل، وهو من المطالب القديمة التي تقدمت بها النقابات والقاضي بمنح رخص على شكل اعتماد إدراي، مؤكدا أن العمل متواصل للإفراج عن رخص الاستغلال، في إشارة منه إلى 150 رخصة تم تسويتها كآخر كوطة من اللجنة التي صادق عليها مدير المجاهدين السابق، كما كشف ل»الشعب» أن إشكالية الضرائب موضوع دراسة ما بين وزارات المالية والتجارة والنقل، وتبقى ديونا عالقة إلى غاية الفصل فيها في إطار الإجراءات التي يسمح بها القانون يوضح نفس المسؤول.
وناقلو البضائع يطالبون بالبديل ولا تنحصر مشاكل النقل بعاصمة غرب البلاد والتي تفرض نفسها ضمن أكبر التظاهرات العالمية، بل تتعداها إلى صنف الشاحنات بمختلف أنواعها، حيث وصف الاتحاد الولائي لناقلي البضائع والمسافرين لولاية وهران لنا القرارات الأخيرة بالمجحفة، وطالب رئيسها، كمال خروبي بالحظائر والمحطات، وهي النقاط التي قال بشأنها مدير النقل أنها في طريق الحل، في إشارة منه إلى اقتراحات لضبط مخطط خاص بشاحنات نقل البضائع. وكشفت مديرية النقل في سياق متصل عن عمليات إحصاء واسعة لجرد نقاط التوقف الفوضوية بمساعدة الاتحاد الولائي لناقلي البضائع والمسافرين، والتي أكد رئيسها، أنها أوشكت على نهايتها بهدف ضبط المواقع رسميا. مع العلم أن القرارات المشار إليها تتعلق بمنع دخول الشاحنات إلى وسط المدينة، ناهيك عن قرار الوضع الفوري في الحضرية لمدة 15 يوما، والذي أثار البلبلة، خاصة وأن المدة المتفق عليها سابقا على مستوى اللجنة الولائية للنقل وحركة المرور كانت في حدود 6 أشهر، وهي قليلة يضيف المسؤول الأول على قطاع النقل بالولاية مقارنة بالوضعية الكارثية التي تنشط فيها الحافلات، والتي اتخذت من الطرق الرئيسية ووسط المدينة على غرار شارع خميستي ومستغانم مخططا لها، ناهيك عن لباس السائق وتصرفات غير اللائقة التي تضرب في العمق نزاهة المهنة وقداستها. مساعي لتشكيل لجنة تقنية لتنفيذ مخطط النقل الجديد وإلى حين تنصيب خلية تقنية لتنفيذ مخطط النقل الجديد، والذي كان من المزمع تطبيقه فور دخول الترامواي حيز الخدمة ماي المنصرم، تبقى الفوضى محل حديث عامة الناس والجدل المستمر في الطرقات والأنهج الرئيسية والشوارع الفرعية داخل النسيج الحضري وخارجه. تحمل الدراسة ثلاث محاور، انطلاقا من التشخيص الأوّلي للمشاكل وصعوبات النقل وحركة المرور، ومن ثم إعداد سيناريوهات حركة المرور على مستوى البلديات المكونة لمجمع وهران، و تتمثل المرحلة الأخيرة والتي تم عرضها نهاية الأسبوع في إعداد مخطط المرور من مكتب دراسات جزائري إسباني، وهي السيناريوهات التي سيفصل فيها المجلس الشعبي الولائي في الدورة المقبلة. مع العلم أن اللجنة التقنية، تضم في عضويتها مصالح الأمن والنقل والأشغال العمومية وممثلون عن بلديات وهران، السانية، سيدي الشحمي وبئر الجير، والتي ستسهر على التطبيق الميداني لهذا المخطط، ليكون مرحليا وتدريجيا، حسب المسؤول الأول على القطاع بوهران، والذي أكد أن الدراسة تشمل أيضا إنجاز حظائر للتكفل بمشكل التوقف على مستوى بلديات وهران، واقتراحات أخرى على المدى البعيد والمتوسط. مشاريع لإنجاز 21 محطة حضارية ويبقى الترامواي أول واسطة نقل حديثة تصل إلى وهران، ضمن المشاريع الكبرى التي استفادت منها في انتظار التجسيد الفعلي للتمديدات الثلاثة التي ستعرفها هاته الوسيلة الحيوية نحو جامعة بلقايد وفي اتجاه حي بن عربية والمطار الدولي أحمد بن بلة على مسافة إجمالية 28 كلم، مسارات وبحسب الدراسة الكورية الجنوبية. وقد راعى في الدراسة الجانب الأمني أولا واللمسة الفنية التي تجنب الانسداد في حركة مرور عبر محطات توقف وممرات سفلية وأخرى علوية، وبالمناسبة طالب والي وهران، السيد عبد الغاني زعلان، الهيئة المشرفة على التنسيق الجيد مع البلديات، الجماعات المحلية المعنية والمصالح الحيوية، ضمانا للسيرورة الحسنة للمشروع. ويتوقع أن تنطلق الأشغال مع نهاية العام 2014، لكن والي وهران شدد على اختزان مدة الشروع في الانجاز الى إلى نهاية الثلاثي الأول للعام المقبل على الأقل من خلال تمديده إلى جامعة السانية، ناهيك عن مشروع مترو وهران ومشاريع أخرى مهيكلة كالمحطات المتعددة الأقطاب بكل من سيدي معروف وأخرى ببلقايد وواحدة بالحاسي، تماشيا وامتداد الترام نحو الشرق والغرب ومحطة مركزية على مستوى سيدي معروف. كما اقترحت الوصاية، حسب نفس المسؤول، إنجاز 21 محطة حضارية موزعة عبر كامل الولاية، منها 5 محطات ببلدية وهران، بالإضافة إلى أقطاب تبادل في كل من وادي تليلات وأرزيو، وأكد أن الدراسات انتهت في انتظار الإنجاز. تشرع بذالك عاصمة غرب البلاد في وضع اللبنة الأولى لتنظيم القطاع، فيما ينتظر المهنيون، وشركاء القطاع المستجدات التي ستأتي به الجلسات الوطنية للنقل شهر ديسمبر الداخل، والتي أعلن عنها مؤخرا وزير النقل عمار غول، لتقييم مستوى الخدمة في هذا القطاع وبحث سبل تحسينها في جميع أنماط النقل البري والبحري والجوي، لاسيما في مجال تحسين الخدمة العمومية الشغل الشاغل.