تطمح المؤسسة الوطنية للتنقيب «إنافور» إلى لعب أدوار هامة في عملية ترقية الإنتاج الوطني من المحروقات، من خلال تكثيف جهود التنقيب على البترول ضمن الإستراتيجية الحالية لشركة سوناطراك، الهادفة إلى استعادة دورها في كل ما يتعلق بالبحث و الاستكشاف و التنقيب على الغاز والبترول بعد سنوات من الركود والتراجع في الإنتاج. المؤسسة الوطنية للتنقيب التي أسّست في سنة 1982 بعد إعادة هيكلة سوناطراك، وكانت في السابق عبارة عن شركة مختلطة بين سوناطراك و«سدكو» الأمريكية، وأنشئت في سنة 1966، أصبحت منذ عام 2005 فرعا تابعا للشركة الوطنية ب 100 في المائة وتضطلع بعدة مهام أبرزها التنقيب، ويتمثل في تطويرواستغلال الآبار والبحث والاستكشاف وإنتاج ومعالجة المحروقات. أما المهمة الأخرى التي لا تقل عن الأولى ويتعلق الأمر ب "الوورك أوفر" أي إعادة استغلال وصيانة الآبار المنتجة للمحروقات، فضلا على مهام أخرى، مثل نشاطات الدعم اللوجستيكي كالفندقة والنقل وفك وإعادة تركيب آلات التنقيب و« الوورك-أوفر» والصيانة البترولية. تبدو المؤسسة الوطنية للتنقيب من حيث رقم الأعمال المحقق طيلة السنوات الماضية وكأنّها لم تتأثّر بالعاصفة التي مرّت بها سوناطراك، ليس فحسب من حيث فضائح الفساد التي تقف وراءها رؤوسا كبيرة في الشركة، وإنّما أيضا من حيث حجم التراجع غير المسبوق في إنتاج المحروقات وكل ما يرتبط بالبحث والاستكشاف والتنقيب على النفط والغاز، وكذا تراجع عدد الآبار المحقّقة والمساحة الخاضعة للتنقيب. السيد علاونية سليم، رئيس دائرة الإعلام في مؤسسة «إنافور » ومقرها المنطقة الصناعية في حاسي مسعود ولاية ورقلة، أوضح أنّ المؤسسة عرفت منذ سنة 2002 زيادة هامة في رقم أعمالها الذي انتقل من 9.39 مليار إلى 20.461 مليار دينار في سنة 2008 وإلى 23.589 مليار في سنة 2010، ليتراجع قليلا إلى 23.565 مليار في سنة 2011 ثم ليعاود الصعود مجددا إلى 24.419 مليار في سنة 2012 . ويضيف نفس المتحدث أن الارتفاع المسجل في رقم أعمال المؤسسة تم إنجازه بنفس عدد آلات التنقيب الموجودة منذ سنة 2007، وحاليا فإنّ المؤسسة تقوم بنشاطاتها المختلفة بعدد من الآلات لا يتجاوز 34 آلة تنقيب، ولكن بنفس أسعار سوناطراك المطبقة منذ سنة 2009. غير أنّ المؤسسة وبحسب السيد علاونية ستشهد توسعا هاما في حظيرة الآلات مطلع العام القادم بارتفاع عددها إلى 38 آلة للتنقيب على المحروقات، حيث تحصلت مؤخرا على ثلاثة منها للتنقيب من النوع الثقيل، أي 1500 «أش بي » في انتظار تسليم الرابعة في شهر ماي القادم. مؤخرا تمّ إبرام عقد مع شركة ألمانية وهي « بيلتك » المشهورة عالميا و المختصة في آلات التنقيب، لاقتناء خمسة منها بمبالغ مالية هامة رفض رئيس دائرة الإعلام الكشف عن قيمتها، المهم بالنسبة للمؤسسة الوطنية حسب ما يقول دعم قدرتها على البحث والتنقيب لتصل في آفاق 2018 إلى العمل ب 65 آلة و هو ما يعني زيادة بنسبة 100 في المائة في الحظيرة، وذلك من أجل رفع حصتها في السوق الوطنية التي تحتل فيه المرتبة الثانية ب 26 في المائة، بعد المؤسسة الوطنية للأشغال في الآبار «أونتيبي». ومن حيث عدد الآبار المحقّقة من طرف المؤسسة الوطنية، فإنّ النتائج تبدو في تراجع بحسب الأرقام المتوفرة على الموقع الإلكتروني لمؤسسة "إنافور" خاصة في السنوات القليلة الماضية، إذ أنّ المستوى المحقّق في سنة 2012 والمقدر ب 105 بئر كان أقل بكثير من ذلك المستوى المحقق في سنة 2002 المقدر آنذاك ب 128 بئر ثم بدأ في التصاعد 142 بئر في سنة 2005، وبلغ الذروة في سنة 2006 ب 156 لتكون هذه السنة بداية التدهور الحاصل في كل القطاع، ومن 137 بئر في سنة 2007 إلى 122 في السنة الموالية وفقط 104 بئر. وهو الحد الأدنى في سنة 2009. والغريب أنّ في نفس هذه السنة عرفت المساحة الخاضعة للتنقيب أعلى مستوى لها ب 212368 متر، بينما ارتفع عدد الآبار المحققة إلى 116 في سنة 2011 ليتراجع مجددا إلى 105 في العام الماضي في مساحة متناقصة قدّرت ب 149069 مترو تسجيل رقم 25 بئر فقط في الثلاثي الأول من سنة 2013 على مساحة 45506 متر. هذه الأرقام غير المطمئنة لا يمكن أن تقفز على بعض الحقائق الراهنة التي تصب في اتجاه محاولة العودة إلى النشاط في كل مجالات البحث والاستكشاف والتنقيب، حيث منحت سوناطراك مؤسسة "إنافور" للتنقيب على بئر يقع في حقل المرك جنوب منطقة بركان، في إشارة قوية على قدرة الشريك الوطني على تحقيق نتائج هامة في هذا المجال و بالشروط التقنية و التكنولوجية المحددة من طرف الزبائن. من جهة أخرى، شاركت «إنافور» في مطلع الشهر الجاري في إنشاء الشركة الوطنية لاستخراج و معالجة و تسويق معدن الباريت الذي يستعمل في الصناعة البترولية، حيث تقدّر مساهمتها ب 20 في المائة، وتساهم في دراسة وتطوير واستغلال وتسويق معدن الباريت، على أن تباشر هذه الشركة مهامها مطلع عام 2016 باستغلال منجم درايسا الواقع في الجنوب الغربي لبشار، وتنتج منه ألف طن سنويا من مادة الباريت. ويفتخر عمال المؤسسة الوطنية للتنقيب بتحقيقهم لإنجاز جديد ومميز في مجال السلامة والصحة، والمحافظة على البيئة من طرف عمال آلة التنقيب، وكان ذلك يوم 13 نوفمبر الماضي حيث أتمّ العمال 366 يوما دون وقوع أي حادث. وفي هذا الإطار أشار السيد سليم علاونية إلى أنه بفضل احترام وتطبيق معايير السلامة فإنّ معدل الحوادث تراجع بنسبة ملحوظة من 147 في سنة 2006 باستعمال 32 آلة تنقيب إلى 94 في سنة 2011 باستعمال 34 آلة، ليتراجع المعدل إلى 53 حادثا مع بقاء نفس العدد من الآلات المستعملة في السنة التي سبقتها. يبقى الأمل يحذو "إنافور" من أجل تحقيق سياسة الاندماج الوطني وتشجيع الإنتاج المحلي لإحلاله محل المستورد، شريطة احترام معايير المهنية والكفاءة المطلوبة. ولأنّها تسعى إلى ذلك فقد سبق لها وأن تحصلت على عدة شهادات للجودة و عددها ثلاثة في سنوات 2004 و2007 و2008. وترغب في العودة مجددا إلى السوق الدولية، للاستفادة من خبرتها مثلما حدث قبل سنوات عندما عملت في حقول النفط في سلطنة عمان و مكثت هناك ست سنوات.