2013 كانت سنة البيئة والتنمية المستدامة بامتياز، حيث شهدت نشاطات وملتقيات عديدة ومتعددة، وحملات تحسيسية في جميع مناطق البلاد، للحفاظ على المحيط، كما عرفت الأشهر الأخيرة قبل نهايتها حملة تنظيف واسعة ما تزال تشهدها العاصمة (واجهة البلد)، لتخليصها من النفايات التي أحاطت بها من كل جانب، نتيجة تراكم القمامات في أحياءها خاصة الشعبية منها، كما توجت السنة الوشيكة الانقضاء بالتوقيع على اتفاقية بين مجلس الاقتصادي والاجتماعي وجامعة هيئة الأممالمتحدة، تقضي بإنشاء معهد التنمية المستدامة الأمميبالجزائر السنة المقبلة. حقق قطاع البيئة حصيلة ايجابية، بالنظر إلى المشاريع التي تم إطلاقها، وتلك التي تم تجسيدها خلال 2013، حيث وضعت وزارة البيئة وتهيئة الإقليم والمدينة مشروعا يحمل في طياته التحسيس بحماية البيئة للمواطن وذلك بتخصيص هذه السنة للبيئة، وقد جندت وسائل الإعلام التي تعتبر همزة وصل بين الدولة والمواطن، في إطار حماية مستقبل التنمية في البلاد عن طريق تنمية مستدامة تحفظ مستقبل الموارد الطبيعة من جهة وتضمن نظافة المحيط من جهة أخرى، كما انخرطت في العملية الحركة الجمعوية التي تعنى بقضايا البيئة والكشافة الإسلامية وكذا الشرطة. ويعد الاهتمام بالبيئة والمحيط من بين المحاور التي تضمنها المخطط الخماسي 2010 - 2014، الذي ركز من خلالها على تحسين الإطار المعيشي والمساعدة على النمو الصناعي وكذا حماية التراث الطبيعي والوطني ووضع سياسة بيئية تجمع في إطار تفاعل مشترك بين البيئة والمجتمع والاقتصاد الأخضر، وقد كان هذا الأخير شعار اليوم العالمي للبيئة لسنة 2013، الذي عملت الجزائر على تطبيقه من خلال الإجراءات التي تم اتخاذها، تتعلق بإدخال الأنظمة المدمجة "ايكو جيم" وغيرها، في تسيير ومعالجة النفايات، والتأكيد على جعل الانشغال البيئي في قلب المشاريع الاقتصادية. كما تم خلال السنة التي تشرف على نهايتها إطلاق مخطط وطني تم تسطيره لتسيير النفايات، على مستوى ألف بلدية، حيث تحصي الجزائر أزيد من 115 محطة لردم النفايات منها الاستشفائية، التي تسبب خطرا على الإنسان والمحيط، لتفادي الأخطار المحتملة من المخلفات التي لها مميزات خاصة، تتمثل في السموم والفيروسات الخطيرة، ونظرا للأخطار التي يسببها هذا النوع من النفايات، وقعت وزارتا البيئة والصحة اتفاقية تقضي بمتابعة وفرز هذه الأخيرة. 600 مليار سنتيم لاقتناء أجهزة إزالة النفايات بالعاصمة شهدت ولاية الجزائر خلال 2013 أكبر عملية تنظيف لتخليصها من النفايات المتراكمة، والتي جندت لها كل الوسائل المادية والبشرية اللازمة لذلك، كما انطلقت كذلك عمليات غرس النباتات والأشجار التزينية، لاستعادة الوجه اللائق بالعاصمة والتي عانت لعدة سنوات من تدهور كبير في المجال البيئي، ما استدعى اتخاذ إجراءات لغلق مفرغة أولاد فايت الذي برمج قبل نهاية السنة الجارية، والشروع في تهيئة مفرغة واد السمار التي رصد لها 74 مليون دج بعد أن شهدت عملية تخليصها تدريجيا من المخلفات وتطهير المكان من الغازات التي نجمت عن تكدسها لسنوات. وقد خصصت ولاية الجزائر ما لا يقل عن 600 مليار سنتيم لاقتناء أجهزة خاصة بجمع ونقل النفايات وتنظيف الأحياء، ويترجم هذا الرقم الاهتمام الذي توليه السلطات المحلية للجانب البيئي، بعدما بلغ تدهور المحيط ذروته، وخنقت الأنفاس الروائح الكريهة التي تنبعث من القمامات المتراصة، متسببة في أمراض تنفسية كالحساسية والربو، وحتى أمراض جلدية. بالإضافة إلى غلق المفرغات العمومية، حيث شرع في عملية تهيئة وادي الحراش ليصبح من أهم وجهات سكان العاصمة سنة 2016، ليستعيد بذلك الحالة التي كان عليها قبل 50 سنة. الأمن ينخرط في عملية الحفاظ على البيئة لأول مرة وقد استدعت عملية الحفاظ على البيئة التي أخذت بعدا أوسع، إنخراط فيه الأمن الوطني الذي وسع من نشاطاته لتتعدى الجانب الجواري إلى السهر على ضمان احترام نظافة المحيط، حيث أحصت وحدات شرطة العمران وحماية البيئة للمديرية العامة للأمن الوطني على مستوى ولاية الجزائر خلال 10 أشهر من السنة التي ستنقضي 3388 مخالفة متعلقة بالنفايات المنزلية و1713 أخرى متعلقة برمي النفايات الهامدة. وحسب الإحصائيات المتعلقة بنشاط وحدات شرطة العمران وحماية البيئة التي تم الإعلان عنها بمناسبة انطلاق المسابقة الوطنية "لأنظف حي" بالعاصمة وعممت على بقية ولايات الوطن، فقد تم ارتكاب 91 مخالفة متعلقة بعدم احترام قواعد النظافة والصحة و232 مخالفة أخرى متعلقة بإلقاء المخلفات المنزلية والمياه القذرة بالطريق العمومي. مؤسسات مصغرة للاقتصاد الأخضر بالإضافة إلى مخططات إزالة النفايات، وغلق المفرغات العمومية، وتحويل المخلفات إلى مراكز الردم التقني حيث يتم فرزها ودكها، تم في إطار الاقتصاد الأخضر إطلاق مشاريع لإعادة استرجاع "رسكلة " النفايات منها الزجاج، البلاستيك والورق، وفيما يتعلق بهذا الأخير فقد تم إمضاء اتفاق بين المجمعين العموميين "تونيك للصناعة" والمجمع الصناعي للورق والسيليلوز "جيباك" وشركة اسبانية، من أجل الرفع من طاقة استرجاع الورق المستعمل إلى أزيد من 300 ألف طن سنويا. كما أدرجت الحكومة في مشروع قانون المالية 2014 منح صفة الحرفي للأشخاص الماديين العاملين في نشاط جمع الورق المستعمل، كما شجعت على إنشاء المؤسسات المصغرة الخلاقة لمناصب الشغل في إطار النشاط الأخضر، من خلال دعم ومرافقة الشباب على إنشاء المؤسسات المصغرة في مجال استرجاع النفايات، وقد تم خلال 2013 التوقيع على اتفاقيات بين ومؤسسات عمومية "جيبيك" و«تونيك" تنشط في مجال صناعة الورق ومؤسسات خاصة تعمل على استرجاع النفايات الورقية، وينتظر أن تساهم هذه المشاريع في خلق الآلاف من مناصب الشغل. اتفاقية لإنشاء المعهد الأممي للتنمية المستدامة بالجزائر المجهودات التي بذلتها وما تزال تبذلها الجزائر في مجال البيئة والتنمية المستدامة تجاوزت حدود البلد، واعترفت بها المنظمات والهيئات الدولية التي تنشط في هذا المجال وعلى رأسها هيئة الأممالمتحدة، حيث شهد شهر ديسمبر الجاري التوقيع على اتفاقية لإنشاء المعهد الأممي للتنمية المستدامة، الذي يهتم باقتراح أفكار وتقديم اقتراحات التي تساعد على وضع الاستراتيجيات في مجال التنمية المستدامة ذات العلاقة بالحفاظ على الموارد الطبيعية، وترشيد استغلالها، في عدة مجالات منها اقتصاد الماء، التنوع البيولوجي، والتي تمثل أهم القضايا التي ستوكل للطلبة الدكاترة القادمين من كل أنحاء المعمورة لتلقي تكوين عالي المستوى، مع الإشارة انه تم كذلك إبرام اتفاقيات مع دول من الاتحاد الأوروبي للاستفادة من الخبرة التقنية والتكنولوجية في مجال تسيير ومعالجة النفايات.