مسار إصلاح الخدمة العمومية.. يتطلّب نفسا طويلا ترافقه في ذلك المتابعة الميدانية الصارمة لكل ما ينجز في هذا المجال للاطلاع على مدى الالتزام بتطبيق الإجراءات والقرارات الصادرة في هذا الشأن.. التي تترجم القناعة العميقة في التكفل بالقطاع الإداري الذي ألحق ضررا بحركية منظومة الخدمة العمومية إلى درجة لا تطاق، وهذا بشل الفعل القائم على المبادرة وتعطيل مصالح المواطنين على مستويات كثيرة، وإضاعة أوقات ثمينة في انتظار استخراج وثيقة للحالة المدنية أو تسديد فواتير الهاتف أو الأنترنت أو الماء أو الكهرباء والغاز.. ناهيك عن مصالح أخرى كالضرائب والضمان الاجتماعي والتأمين وغيرها من الهياكل التي لها صلة مباشرة بالمواطن عند معاملته اليومية في تقديم الخدمة التي يأملها في أن تكون في المستوى المطلوب.. بعيدة كل البعد عن السلوكات الغير لائقة. لذلك، فإن إصلاح الخدمة العمومية تعتبر ورشة مفتوحة على آفاق واعدة، نظرا لما تظمن هذا العنوان الحاسم والحساس في آنٍ واحد من أولويات، لإحداث ذلك التغيير، على الأقل على مستوى التكفل بانشغالات المواطن وتخصيص له فضاءات للاستقبال، والتخفيف من وطأة وحدة تكوين الملفات المطلوبة.. مثل هذه الأشياء غير موجودة بتاتا في إدارتنا المحليّة أو المركزية وهذا لعدّة أسباب هما: ^ الموارد البشرية في هذه المؤسسات غير قادرة على التواصل ، ولا تتوفر على أي تكوين في مخاطبة الآخر. ^ كثرة الممنوعات، والشك في الوثائق المقدمة في الملف جعل الثقة مفقودة وحتى غائبة مع الشخص المستعمل للمرفق العمومي، الذي يرغب في الحصول على أوراق معينة من إدارته. ^ اللامبالاة والتسيّب والإهمال في إدارتنا.. هذه التصرفات السلبية جعلت الكثير ينظرون إلى هذه الهيئات نظرة مؤسفة لما يحدث. ^ عدم التساهل في حالات معينة "حتّم" على الكثير التحايل على الوثائق.. أو إيجاد منافذ وطرق أخرى لاستخراج الأوراق التي هو في حاجة إليها. وعليه، فإن هذا التشخيص يبين بأننا في حاجة ضرورية إلى إعادة النظر في أداء إدارتنا، سواء التي تهتم بالحالة المدنية أو الاقتصاد أو الشؤون الاجتماعية، أو المالية أو التجارية، وهذا بتفعيل ما يعرف ب«مرصد الخدمة العمومية" أو "ميثاق الخدمة العمومية"، لتكون أرضية أو مرجعية قانونية يستند إليها كل الناشطين في هذا الحقل، خاصة أولئك العاملين في الشبابيك الذين حقّا أتعبوا المواطن.. وأدخلوه يوميا في مناوشات معهم.. كون وتيرة العمل لا تسير على أحسن ما يرام.. ولا يستطيع حتى تقديم شكواه، لأن هناك عقلية "البايلك" التي ماتزال معشعشة في ذهنية هؤلاء الذين اعتادوا على وضع التعليمات في الأدراج رافضين مسايرة أي تغيير حتى الذي يكون في الصالح العام.