عاد الهدوء ليخيم على مناطق مدينة غرداية التي شهدت أحداث عنف، خلال الأسبوع الماضي، بعد هبوط وإنزال قوي لعدد من رجال الدين والعقلاء والأحزاب السياسية، وكذا الحوارات الجادة والميدانية التي قام بها عدد كبير من المواطنين، ومسّ الهدوء 90٪ من المنطقة. خيم الهدوء على معظم أحياء غرداية، على غرار حي قدماء المجاهدين وحي «سالموا عيسى» إلى غاية قصر غرداية، وكذا حي «الحاج مسعود» وحي «الثنية» وحي «بابا السعد» وحي «العين والشعبة»، حيث عادت المياه لمجاريها في عديد المجالات، خاصة جانب الدراسة بعد تعزيز المؤسسات التربوية بعدد كبير من الآليات ورجال الشرطة، بناء على طلب من مختلف الشرائح وإصرار من اتحاد التجار والحرفيين. وفي مقابل ذلك، دعا المئات من التجار في تجمع لهم لدراسة المراحل القادمة، خاصة بعد شلّ التجار لمختلف الأزقة المؤدية لسوق وسط المدينة، وكذا عدد كبير من المحلات الرئيسية، دعا هؤلاء لمواصلة الإضراب، مضيفين بندا آخر من جملة البنود التي جاءت في البيان والتي كان عددها 4 بنود متمثلة أساسا في توفير الأمن النوعي وكذا محاسبة المتواطئين والمتسببين في التعديات وتعويض الضحايا، بالإضافة إلى وضع حل جذري ونهائي للصراعات والمناوشات الممنهجة والتي يتحمل في كل مرة عاقبتها التجار. كما طالب التجار في البند الخامس، إطلاق سراح الموقوفين الذين قالوا إنهم كانوا يدافعون عن عائلاتهم وأرزاقهم. ويجري الأمين العام لوزارة الداخلية والجماعات المحلية، أحمد عدلي، لقاءات حثيثة لتطبيق خارطة طريق في الولاية تمخضت عن السلطات العليا في البلاد، والمتمثلة في تعليمات رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، خاصة بعد إجراء لقاء جمع أعيان المدينة انبثقت عنه أهم البنود منها تشكيل مجلس موحد لأعيان المالكية والإباضية، حيث انطلقت المحادثات لتسريع تشكيل المجلس في خطوة لغلق باب الفتنة نهائيا في انتظار ما سيسفر عنه المجلس. من جهة ثانية، رجع عدد كبير من التجار ببني يزقن وأغلب الأحياء لنشاطهم التجاري، في حين فضل عدد كبير من رجال الأعمال إيجار محلات للشباب وفتحها، خاصة في شارع 5 جويلية وشارع 1 نوفمبر. كما تعززت الطرق بعدد كبير من قوات الأمن الوطني، التي كثفت من دورياتها في مختلف الأحياء الكبرى لتلبية نداء التجار، في حين عادت المدارس بصفة كاملة بعد ما قام أولياء التلاميذ من المدارس التي يدرس فيها الإباضية بمقاطعة الدراسة إلى غاية توفير الأمن وهو ما انتقدته مصالح مديرية التربية، خاصة الأساتذة، بأن هذه الإجراءات تؤدي إلى تعطيل فهم التلاميذ وتصعّب من عملية استدراك الدروس، عكس ذلك بالنسبة لجامعة غرداية التي فضلت مواصلة الدراسة في أجواء عادية، مكتفية بتأخير الامتحانات لمدة أسبوع حتى يستدرك الطلبة دروسهم. هذا وقد نجح أعيان وأئمة المساجد في مدينة غرداية، في إخماد الفتنة بين الشباب الغاضب من الإباضيين والمالكيين ووقف الاشتباكات التي اندلعت، قبل أسبوع، في عدة أحياء. هذا وفي سياق موصول، ماتزال مصالح الأمن في حالة استنفار قصوى، خوفا من تجدد الاشتباكات في أية لحظة، في مؤشر آخر لطي صفحة عودة أحداث العنف. كما انطلقت المبادرات تتوالى على مدينة غرداية الجريحة، بداية من مبادرة الحكومة الجزائرية، لتلحق بها عدة مبادرات للصلح منها تلك التي بادرت بها جمعية العلماء المسلمين، إلى مبادرة الإعلاميين والصحافيين، ثم مبادرة المجلس الإسلامي الأعلى، في حين توالت البيانات المطالبة بالتهدئة من مختلف المناطق والحركات الجمعوية وفعاليات المجتمع المدني.