لا تزال أوجاع حرمان الروائيين والكتاب العرب والجزائريين من التربّع على عرش جائزة نوبل للآداب العالمية تسيطر على نفسية بعض الروائيين الجزائريين، الذين حلموا بها لسنوات رغم القيمة الفنية لأعمالهم التي لم تتعد حدود القرية، ومنهم الروائي رشيد بوجدرة الذي وصف جائزة نوبل بالمسيّسة، ولا يتحصل عليها إلاّ من يخدم سياسة وإيديولوجية الغرب ويناهض نفسه، على الرغم من قيام الكاتب بتلبية كل الطلبات والوصفات المطلوبة لكنه لم يتذوّق بريقها. اتّهم الروائي رشيد بوجدرة على هامش الندوة الفكرية لدار الثقافة لبومرداس بمناسبة إحياء الذكرى التاسعة عشر لرحيل رشيد ميموني، القائمين على جائزة نوبل للآداب بالتحيّز وعدم إنصاف كتاب دول العالم الثالث، ومنهم رشيد بوجدرة الذي كان ضمن قائمة المترشّحين لمدة 10 سنوات لكنه لم يحظ بالتتويج قائلا أنّ «كتاباتي المناهضة لسياسة الغرب الذي لا يعرف سوى القتل والحرب يقول بوجدرة هي التي أبعدتني عن التتويج»، مضيفا: «لقد اتّخذت موقفا الآن بخصوص جائزة نوبل من خلال رفضها حتى ولو سلّمت لي..»، في موقف ينمّ عن حلم روائي أراد منافسة عمالقة الرواية العربية كأدونيس، آسيا جبار، طه حسين، العقاد وغيرهم من فطاحلة الرواية العربية، الذين حرموا منها لنفس الأسباب التي تحدث عنها رشيد بوجدرة، وهو محق في ذلك لكنهم ظلوا يبدعون وفقط دون بحث عن الشهرة بأشكال أخرى. كما تحدّث الروائي رشيد بوجدرة في شقّ ثاني من المداخلة عن مسيرة الروائي الراحل رشيد ميموني كما يراها الروائي، «لقد كان رفيق دربي في الكتابة» معتبرا إيّاه بالكاتب الاستفزازي، لأنه بالنسبة لبوجدرة كان رشيد ميموني يكتب بقساوة واستفزازية مقدّما مثالا برواية «طومبيزا» التي صدرت سنة 1984، حيث تناول فيها الراحل موضوع الضعفاء والفقراء عبر قصص تروي الحياة الشاقة والصعبة للبسطاء، ومواضيع أخرى تحكي قصصا لأشخاص وما يدور بداخلهم وما يشغل بالهم من قضايا الساعة، ومشاكل الحياة في رواية ثورية تبتعد تماما عن الغراميات البسيطة والتافهة في نظر بوجدرة. ورغم هذا الأسلوب العنيف في الكتابة بالنسبة لرشيد ميموني، إلاّ أنّه كان من منظور بوجدرة يتميّز بشخصية رهيفة وهشة، يحمل همومه بداخله، «وهو ما جعلني يضيف بوجدرة أستغرب هذه الحالة كلّما تذكّرته». وقال أيضا رشيد بوجدرة واصفا الروائي رشيد ميموني: «كان الراحل من خلال كتاباته يبحث عن المقروئية من أجل إيصال رسالة معيّنة للقارئ، وأنا ضد هذا النوع من الكتابة يقول بوجدرة لأنه ليس لي أيّة رسالة باعتبار القارئ ذكي وبإمكانه فهم المقصود من الرواية وقراءة ما بين السطور»، معتبرا أنّ كتاباته تحمل نوعا من التعقيد خاصة وأنّ العالم أصبح معقّدا، «الأمر الذي دفعني يقول بوجدرة إلى انتهاج أسلوب معقّد لا يميل إلى البساطة انطلاقا من التعليم النخبوي الذي تلقّيته»، على حدّ قوله.