ستترك الروابط الاقتصادية والتجارية العميقة بين روسيا وأوروبا خيارات محدودة للغرب للاستجابة للأزمة في أوكرانيا، وذلك وفقا للتّقارير التي أصدرها خبراء. وقد أدانت واشنطن وأوروبا نشر القوات الروسية في شبه جزيرة القرم، إلى جانب الحديث عن عقوبات محتملة، كما أوقفت الولاياتالمتحدة محادثات التجارة والاستثمار مع روسيا، في حين تحدّث وزير الخارجية الأمريكي جون كيري عن عزل موسكو من خلال حظر التأشيرات وتجميد الأصول. ولكن القادة الأوروبيين، يبدون أكثر حذرا، حيث شدّدوا بدلا من ذلك على الحاجة إلى الدبلوماسية والوساطة الدولية. وهناك تشابك قوي بين اقتصادات الاتحاد الأوروبي وروسيا، ومع خروج منطقة اليورو من أزمتها، يفكّر القادة الأوروبيون طويلا ومليّاً بشأن التدابير التي قد تشكّل خطرا على التعافي. وتعدّ روسيا ثالث أكبر شريك تجاري للاتحاد الأوروبي بعد أمريكا والصّين، حيث بلغ حجم التبادل التجاري في السلع مستوى قياسيا عند 336 مليار يورو (462 مليار دولار) عام 2012. وبإضافة الصّادرات الخدماتية، ترتفع قيمة العلاقات بين روسيا والاتحاد الأوروبي إلى 520 ملياراً. كما أنّ روسيا هي أكبر مورد فردي للاتحاد الأوروبي من الطاقة، في الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار النفط والغاز بشكل ملحوظ نتيجة مخاوف من تعطّل الإمدادات عبر أوكرانيا، التي تمثل حوالي نصف التدفقات الروسية. وقال أحد كبار الاقتصاديين المختصين في الأسواق الناشئة: "في حال فرض أيّة عقوبات على روسيا، من المحتمل أن تكون هادفة لكبار المسؤولين بدلا من الاقتصاد الأوسع"، مضيفاً: "أوروبا معتمدة للغاية على الطاقة الروسية لكي تفرض عقوبات تجارية كاملة عليها". ولكن العلاقات تذهب إلى أبعد من الطاقة، فقد تعاني شركات صناعة السيارات الأوروبية، المصارف، وشركات التجزئة من حرب تجارية باردة جديدة. وفي الوقت نفسه، يعدّ الاتحاد الأوروبي أكبر مستثمر في روسيا، وذلك وفقا للمفوضية الأوروبية التي قدّرت أن 75% من كافة الاستثمارات الأجنبية المباشرة في روسيا تأتي من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. وقد تمّ سحب الأثرياء الروس بأعداد كبيرة إلى أوروبا الغربية، حيث يمكن الاستفادة من معدلات الضرائب المنخفضة في أماكن مثل قبرص، والاستثمار في العقارات. هذا ويمثل الرّوس 9% من إجمالي مشتري المنازل في لندن، التي تزيد تكلفتها على مليون استرليني خلال فترة ال 12 شهرا المنتهية في جوان 2013، وهو ما يجعلهم ثاني أكبر مجموعة من المشترين الأجانب.