تتصاعد الأزمة بأوكرانيا بشكل خطير، ومعها تشتد القبضة الحديدية بين روسيا والغرب الذي يتحرك في كل الاتجاهات لارغام موسكو على إنهاء ما يسميه تدخلا عسكريا غير مشروع في شبه جزيرة القرم. وفي هذا الإطار طالبت واشنطن أمس خلال اجتماع خاص بمنظمة الأمن والتعاون الأوروبية في فيينا، بإرسال مراقبين من المنظمة بشكل عاجل إلى أوكرانيا لحل الأزمة سلميا، وترافق هذا الإعلان بانتقاد حاد من موسكو للسلطات الجديدة في أوكرانيا والموالية للغرب. وقال السفير الأمريكي دانيال باير أمام زملائه إن الهدف من هذه المهمة هو محاولة تأمين حماية حقوق الأقليات والحرص على احترام وحدة وسلامة أراضي أوكرانيا. وكان الحلف الأطلسي طلب إرسال مراقبين دوليين إلى أوكرانيا لحل الأزمة سلميا. وسيزور مبعوث أممي ووزير الخارجية الأمريكي جون كيري كييف اليوم للإعراب عن دعمه للنظام الأوكراني الجديد في مواجهة ما وصفه «احتلال» روسيا لشبه جزيرة القرم، وهو تصرف تنوي واشنطن - كما أوردته مصادر - فرض عقوبات على موسكو بسببه. وقد ألغيت اجتماعات اقتصادية ورحلة لوفد روسي إلى واشنطن لمناقشة مسائل تتعلق بالطاقة، وتم أيضا تعليق اجتماع للتعاون العسكري ، والأسوأ هو إبلاغ روسيا أنها يمكن أن تخسر مقعدها في نادي الثمانية الكبار للدول العظمى. ومن جهته قال أرسيني ياتسينيوك رئيس الوزراء الأوكراني إن بلاده لن تتخلى عن القرم لأي أحد، في إشارة إلى نشرروسيا لقواتها في هذه المنطقة التي تتمتع بحكم ذاتي. وفي الأثناء تتواصل الإدانات لقرار مجلس الاتحاد الروسي السماح لرئيس البلاد بالتدخل العسكري بأوكرانيا، حيث قال البيت الأبيض الأميركي إن الدول الصناعية السبع الكبرى شجبت التدخل الروسي بأوكرانيا، وألغت التحضيرات لعقد قمة مجموعة الثماني (التي تضم كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة المتحدة والولايات المتحدةوروسيا) والتي كان من المقرر أن تعقد في سوتشي بروسيا في جوان القادم. كما أدان الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) أندرس فوغ راسموسن التصعيد العسكري الروسي في شبه جزيرة القرم ودعا موسكو إلى احترام جميع التزاماتها الدولية وسحب قواتها من أوكرانيا والامتناع عن التدخل فيها بشكل أكبر. هذا واعتبر رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف، أمس، أن الرئيس الأوكراني المخلوع فيكتور يانوكوفيتش لا يزال الرئيس الشرعي لأوكرانيا وإن كانت سلطته محدودة. وكتب مدفيديف على حسابه على موقع فيسبوك «نعم، سلطة الرئيس يانوكوفيتش شبه معدومة، لكن ذلك لا يلغي أنه الرئيس الشرعي للدولة بموجب الدستور الأوكراني». وقد وافقت روسيا على تأمين الحماية على الأراضي الروسية ليانوكوفيتش الذي ظهر الجمعة للمرة الأولى منذ عزله وعقد مؤتمراً صحافياً في مدينة روستوف سور لو دون (جنوب) الروسية. وأكد مدفيديف استعداد روسيا لتطوير علاقات متعددة الجوانب ومحترمة مع البلد الشقيق أوكرانيا، ولكن ليس مع السلطات الانتقالية التي حلت محل يانوكوفيتش. وأضاف على صفحته على فيسبوك «أي شيء آخر (مثل) الاستيلاء على السلطة غير قانوني، وهذا يعني أن مثل هذا النظام سيكون مضطربا تماما، سينتهي بثورة جديدة وإراقة دماء جديدة». وأشار مدفيديف من جهة أخرى إلى أنه إذا كان يانوكوفيتش متهماً بارتكاب جرائم، فإن عملية الإقالة كان يجب أن تحصل بموجب الدستور الأوكراني. يُذكر أن الأزمة اندلعت قبل نحو ثلاثة أشهر عندما احتلت المعارضة الأوكرانية ساحة الاستقلال المركزية بكييف على خلفية رفض الحكومة توقيع اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي في نوفمبر الماضي، واختيارها بدلا من ذلك اتفاقات تجارية مع روسيا، لتنتهي بقيام البرلمان بعزل يانوكوفيتش هذا وبحث بان كي مون في جنيف أمس سبل منع التصعيد في أوكرانيا مع وزير خارجية روسيا لافروف.