رئيس الجمهورية يستقبل رئيس حزب "صوت الشعب"    تلمسان.. جمع أزيد من 25 ساعة من الشهادات الحية حول الثورة التحريرية المجيدة    ربيقة :الاهتمام بالذاكرة الوطنية و أمنها واجب وطني مقدس    ممر الهيدروجين الجنوبي: السيد عرقاب يشارك غدا الثلاثاء بروما في اجتماع وزراء الطاقة المعنيين بالمشروع    وزير العدل يعقد اجتماعا مع الوزيرة المحافظة السامية للرقمنة    بورصة الجزائر: انطلاق عملية فتح رأسمال بنك التنمية المحلية ببيع 44.2 مليون سهم جديد    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 47035 شهيدا و111091 جريحا    عطاف: الجزائر كرئيسة لمجلس الأمن ستتابع تنفيذ كل مراحل اتفاق وقف إطلاق النار بغزة    الحماية المدنية: اجتماع اللجنة الثنائية المشتركة الجزائرية-تونسية بولاية الوادي    المجلس الشعبي الوطني: وفد عن البعثة الاستعلامية المؤقتة للجنة الشؤون الاجتماعية في زيارة إلى باتنة    صحبي: خطاب رئيس الجمهورية التاريخي في الجلسات الوطنية للسينما يؤسس لثورة ثقافية حقيقية للفن السابع    الجوية الجزائرية: على المسافرين نحو السعودية تقديم شهادة تلقي لقاح الحمى الشوكية رباعي التكافؤ بدءا من ال10 فيفري    رئيس الجمهورية: كل رموز المقاومة والثورة التحريرية المجيدة يجب أن ينالوا حقهم من الأعمال السينمائية    مجلس الأمة: جيلالي تبرز أهمية قانون تسيير النفايات الجديد في بناء الإقتصاد الأخضر    الجوية الجزائرية: المسافرون نحو السعودية ملزمون بتقديم شهادة تلقي لقاح الحمى الشوكية رباعي التكافؤ بداية من 10 فبراير    فاتورة استيراد زيوت المحركات تتراجع    لا تساهل مع كل أشكال المضاربة والاحتكار    مشروع توسعة السد الأخضر يتقدّم..    وقف إطلاق النار مصلحة كبرى للجميع    سكان غزّة يحتفلون ببدء الهدنة    قانون المالية يخصص تدابير جبائية    نظام جديد لتسيير البلديات قريباً    الطارف… الإطاحة بشبكة إجرامية تنشط في الاتجار بالمؤثرات العقلية    رمضان في القصر خلال مارس    صهاينة يدنّسون الأقصى    الجزائر تشهد حركة تنموية رائدة    الجزائر تخسر أمام تونس    مسابقة لتوظيف الطلبة القضاة    وهران : ترحيل إحدى عشرة عائلة إلى سكنات لائقة بوادي تليلات وبئر الجير    فلسطين: برنامج الأغذية العالمي يسعى إلى توفير الغذاء سريعا لمليون شخص في غزة    فلسطين: الحرب خلفت آثارا كارثية على الأطفال في غزة    رئيس الجمهورية: كل رموز المقاومة والثورة التحريرية المجيدة يجب أن ينالوا حقهم من الأعمال السينمائية    سينمائيون يشيدون بعناية رئيس الجمهورية لقطاع السينما    عطاف في نيويورك للإشراف على اجتماعات لمجلس الأمن    أنشيلوتي مهدَّد بالإقالة    استلام محطة تصفية المياه المستعملة السداسي الثاني من 2025    60 منصبا تكوينيا في طور الدكتوراه بجامعة وهران 1    ولايات جنوب تنظم فعاليات متنوعة وتدشين مشاريع تنموية    تقليص مدة الاستجابة لنداءات الاستغاثة    صحافيون وحقوقيون يتبرّؤون ويجدّدون دعمهم للقضية الصحراوية    تلاميذ تقرت وسطيف في ضيافة المجلس الشعبي الوطني    الأسواق الإفريقية والآسيوية وجهات واعدة للتصدير    وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ    عروض كثيرة لحاج موسى    ديدوش مراد صنع مجد الجزائر    الجلسات الوطنية للسينما: بللو يبرز دور الدولة في ترقية المشهد الثقافي    رياضة مدرسية: تأسيس عشر رابطات ولائية بالجنوب    الطبعة ال3 للدورة الوطنية للكرات الحديدية: تتويج ثلاثي تلمسان بولاية الوادي    جيدو/البطولة الوطنية فردي- أكابر: تتويج مولودية الجزائر باللقب الوطني    ريان قلي يجدد عقده مع كوينز بارك رانجرز الإنجليزي    بلومي يباشر عملية التأهيل ويقترب من العودة إلى الملاعب    بلمهدي: هذا موعد أولى رحلات الحج    رقمنة 90 % من ملفات المرضى    المتحور XEC سريع الانتشار والإجراءات الوقائية ضرورة    كيف تستعد لرمضان من رجب؟    ثلاث أسباب تكتب لك التوفيق والنجاح في عملك    نحو طبع كتاب الأربعين النووية بلغة البرايل    انطلاق قراءة كتاب صحيح البخاري وموطأ الإمام مالك عبر مساجد الوطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخيانة
كتابات للبراءة
نشر في الشعب يوم 15 - 03 - 2014

أعزّائي الصّغار إنّ في ثورتنا المجيدة قصص وعِبر لا تعدّ ولا تحصى، قصص عن بطولات رجال خلقوا بفضل الله ثورة تبقى خالدة، فمن يقرأ قصص ثورتنا يتعلّم ما لا تستطيع طرق التّربية الحديثة تعليمه للبشرية، وكما تعلمون فإنّ الاستعمار عندما دخل إلى بلادنا خلق الفقر والجوع والدّمار، وخلق الخوف في بعض القلوب الضعيفة ممّا أدّى بهم إلى خيانة الوطن. والغريب في قصص ثورتنا أنّ حتى هؤلاء الذين خانوا الوطن تركوا لنا من الدّروس ما تجعلنا نستفيد منها.
ففي يوم من أيام ثورتنا المباركة وكعادتهم قام الجنود الفرنسيّون بمداهمة بيوت الجزائريّين بغتة وهم نائمون، وأخرجوا جميع الرّجال وأخذوهم إلى ساحة كبيرة وسط القرية، وكانت هذه القرية معروفة بالتحاق معظم رجالها بجيش التحرير الوطني، ممّا جعلها منطقة خطرة بالنسبة للجيش الفرنسي، وكان كلّما وجّه لهم المجاهدون ضربة موجعة يصبّون جام غضبهم على السّكان العزّل، كما فعلوا في هذه الليلة حيث تركوهم طوال اللّيل معرّضين لبرد قارص حتى الصباح أين تمّ استدعاءهم واحد واحد، وقاموا باستجوابهم مستعملين كل طرق التّعذيب حتى جاء دور «البشير».
وبمجرد دخوله الغرفة ورأى منظر المعذّبين حتى أصبح يبكي ويقول أنّه لا علاقة له بالثّورة والمجاهدين، فنظر إليه الضّابط الفرنسي فعرف أنّه الرّجل المناسب، فضعفه وخوفه سيدفعانه لتطبيق الأوامر من دون رفض. فعرض عليه الضابط أن يسدي له خدمة مقابل تسريحه، فقبل «البشير» عرض الضابط.
فأخبره القائد أنّه إذا كان ناجحا في مهمته سيكافأ بسخاء، فشرع «البشير» بعمله الجديد مباشرة بعد خروجه من مكتب القائد. ذهب وجلس في القرية يستفسر عن أحوال المجاهدين وعن أسماء بعضهم، وهكذا يفعل كل يوم حتى يتحصّل على المعلومات، وكان كلّما تحصّل على معلومات جديدة يذهب ويبلغه للضّابط، ممّا جعل كثير من المجاهدين الذين كانو يعملون في السرّ يبقون في الجبل ولا ينزلون للقرية لأنّ أسماءهم ومعلومات عليهم أصبحت معروفة عند الجيش الفرنسي.
ورغم أنّ «البشير» كان يتعامل مع الجيش الفرنسي ويمدّه بالمعلومات إلاّ أنّه كان مكروها عندهم، وكان أحد الجنود لا يتوان في إزعاج «البشير»، كلّما رآه.
وفي يوم من الأيام سأل «البشير» ذلك الجندي عن سبب كرهه له رغم أنّه يعمل لصالحهم، فردّ عليه الجندي بجواب رائع وقال: «أنا أكره المجاهدين ولكنّي أحترمهم، أمّا أنت فأكرهك ولا أحترمك».
ورغم أنّ جواب الجندي الفرنسي كان واضحا، لكن «البشير» لم يفهم مغزى الكلام ولم يبال باحتقار الجندي له، وواصل عمله إلى أن اكتشف ما لم يكن في الحسبان، وتخيّلوا أصدقائي ماذا اكتشف؟
اكتشف أن أخته الكبرى «سامية» تعمل مع المجاهدين كممرضة، وكانت تخبّئ السّلاح وتعمل بنقله ونقل المعلومات بين المجاهدين، وهذا بحكم أنّ زوجها كان مجاهدا، وبعدما استشهد عادت إلى بيتهم وواصلت نضالها في سرية تامّة، دون علم أمها أو أخيها «البشير».
توجّه «البشير» إلى البيت والغضب يملأ قلبه، فتوجّه مباشرة عند أخته وسألها عن صحة الخبر، فأكّدت له أنّه صحيح، فضربها وأمرها ألاّ تعد إلى ما كانت تفعل لأنها إذا وقعت في يد الجنود الفرنسيّين فسترى الويل، لكنّها أصرّت على مواصلة الكفاح الذي بدأته مع زوجها الشهيد، ولن تتوقّف إلاّ إذا استشهدت أو تخرج فرنسا من بلادنا.
فضحك عليها وردّ عليها باستهزاء: «أنت أيّتها المرأة الضعيفة تستطيعين أن تواجهي بلدا قويا كفرنسا».
فردّت عليه بكل قوّة: «نعم سأستطيع وسنطرد فرنسا من أرضنا ولو بعد مئة سنة، فإن كانت هي تملك سلاحا قويا فنحن نملك رجالا أقوياء». وبينما كان «البشير» يتجادل مع أخته ويحاول تخويفها فجأة، ضرب الباب بقوة ودخل الجنود إلى البيت ودخل معهم الضابط وقال ل «البشير» بعد سبّه ونعته بأقبح الصّفات: «أتخبّئ في بيتك مجرمة أيّها الخائن؟! هيّا خذوها».
أخذ الجنود أخت «البشير» إلى الثكنة وتبعهم «البشير»، وقاموا بضربها وتعذيبها أمام مرأى «البشير»، ولكن أخته لم تتكلّم فاندهش لقوّتها وجرأتها وشدّة صبرها رغم أنّها امرأة، فعرف أنّ سبب انتصار أيّ شعب هو الارادة وليس القوة. ومن شدّة غيضه وغضبه،
وعدم تحمّله لرؤية أخته تتعذّب هجم على أحد الجنود وأخذ منه سلاحه، فأطلق النار على الضّابط والجنود، فسمع الجنود الآخرون صوت الرصاص فجاءوا مسرعين وأطلقوا النار على «سامية» و«البشير»، فاستشهدت «سامية» على الفور، أما «البشير» فبقي برهة ينظر إلى ما فعله ومندهش لأنّه لم يظن يوما أنّه سيفعل ما فعله، فتقدّم عنده الجندي الذي كان يكرهه وقال له: «الآن أنا أكرهك ولكن أحترمك».
فابتسم «البشير» لبرهة تم توفي.
ابتسم الجندي الفرنسي وأغمض عين «البشير».
انتشر خبر وفاة «البشير» وأخته في القرية، وكالعادة صبّ الجنود الفرنسيون كل غضبهم على سكان القرية، ولكن بطش الجنود لم يمنع السّكان من الافتخار ب «البشير» وأخته وفرحهم بموت الضّابط الفرنسي.
ولهذا أصدقائي الصّغار، فأنا لم أكن أبالغ عندما قلت أنّ كل قصص ثورتنا المجيدة فيها عِبر ودروس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.