يستدعي إعادة تهيئة البنايات القديمة بقلب العاصمة دراسة معمّقة، نظرا لنسيجها العمراني وتمركز معظم الهيئات العمومية بها كالبنوك، المؤسسات الخاصة والعمومية، الجامعات وغيرها من الهيئات الحكومية، كما أنّ معظم البنايات تقع في الواجهة البحرية، لاسيما شوارع العربي بن مهيدي، زيغوت يوسف، شي غيفارا ديدوش مراد، مليكة قايد، كريم بلقاسم وحسيبة بن بوعلي على أن تتوسّع العملية لتشمل باقي أحياء العاصمة. و يهدف البرنامج الوطني لإعادة تهيئة البنايات القديمة، الذي له تصور بعيد المدى لتحديث الأحياء ووضعها وفق مقاييس السكن، وهيكلتها تدريجيا لتنمية مستدامة لمدينة الجزائر التي أضحت تشهد اكتظاظا مروريا، من خلال عمليات تتعلق بإعادة الاعتبار للمركز التاريخي للعاصمة على غرار القصبة، وتأهيل التوازنات الايكولوجية، وإعادة التهيئة الحضرية لبعض الأحياء المتواجدة حول كبريات التجهيزات العمومية، وتجسيد مخطط للإنارة الحديثة، وتوسيع شبكة النقل الحضري الجماعي. وفي هذا الصدد، أوضح البروفيسور صالح زروالة في مداخلة له حول إشكالية معالجة البنايات القديمة التي تعود للحقبة الاستعمارية، مقدّما مثالا عن شارع العربي بن مهيدي، أنّ سبب اختيار هذا الشارع لإعداد برنامج خاص به، هو تميزه بخصائص غنية جدا من الناحية المعمارية، كما أنّه يتوفر على عدد معتبر من السكان، لكن للأسف أضاف البروفيسور المختص في الجانب المعماري تشهد هذه البنايات القديمة وضعية جدّ متدهورة، بالإضافة إلى غياب الأمن كون هذه العمارات مهددة بالانهيار على رؤوس قاطنيها أو المارة في أية لحظة، وكذا مشكل الازدحام المروري وسط العاصمة. ويرى زروالا أنّه للقضاء على هذه المعضلة يجب القيام بدراسات على المستويين الحضري والمباني. وتجدر الإشارة، إلى أنّ المخطّط الاستراتيجي لإعادة تهيئة البنايات القديمة الذي أقرّته ولاية الجزائر بالتنسيق مع مديرية السكن والعمران، يهدف إلى تحسين ظروف معيشة المواطن العاصمي، والحفاظ على التراث المعماري والحضري، والدينامكية الاجتماعية، الاقتصادية والثقافية للأحياء المعنية بالترميم، وتنشيط العقارات، وكذا إعادة بناء المدينة في المدينة، حيث أدرجت ست عمليات للتدخل على مستوى البنايات القديمة. وحسب المختصين، فإن المشكل الذي يعترضهم في هذه العملية هو غياب العمليات الخاصة المرخصة للقيام بعمليات التدخل في النسيج الحضري القديم، ومستويات الدخل الضعيفة للشاغرين لا تسهل التكفل بالعمارات القديمة، وكذا في الجانب التنظيمي.