قامت "الشعب" باستطلاع في معرض "سيكوم" الذي أقيم بقصر المعارض لمعرفة مدى امكانية استعمال التكنولوجيات الحديثة في الترويج للثقافة الوطنية في الداخل والخارج، من خلال الإمكانيات التي تتيحها مساحات التّواصل الاجتماعي، وكذا عدد المشتركين الذين يمكن أن تقنعهم صورة أو مقطع فيديو للتّعرف أكثر على التّراث المادي واللاّمادي الجزائري، هذا الأخير الذي أخذ نصيبا مميّزا ضمن برنامج رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، من خلال تثمين التّراث الثّقافي لردّ الاعتبار للمواقع ذات القيمة التّاريخية والثّقافية، إضافة إلى دعم الإنتاج والصّناعة الثّقافية بمختلف أشكالها: كتاب، سينما، مسرح، موسيقى وغيرها، دون إهمال حق المواطن في الاستفادة من النّشاطات الثّقافية والفنية من خلال الظفر بنسيج مكثّف للمنشآت الثّقافية المنجزة، أو تلك الجاري إنجازها عبر كامل التراب الوطني وإلاّ خلق منابر أخرى لضمان هذا الحق. ويعكس معرض "سيكوم" مدى متابعة الجزائريين لكل ما هو جديد في مجال التكنولوجيا من أجل مواكبة العصرنة واستغلال كل المبتكرات حتى نكون في مصاف الدول المتقدّمة. ويأتي هذا المعرض الذي يعرف اهتماما متزايدا والعالم يعرف تحولات ثقافية كبيرة تميّزها الصّراعات غير المعلنة لفرض أنماط التّفكير والسّلوك والتوجّهات الأدبية، وغيرها من أنواع الفنون. وللجانب الثّقافي نصيب كبير من التكنولوجيات الحديثة، التي باتت ثقافة أكثر منها أمرا آخرا، مع تأكيد الجميع على ضرورة تجاوز فكرة الخوف من التكنولوجيات الحديثة والنظر إليها من زاوية سلبية. ويراهن البرنامج المنتظر لخمس سنوات القادمة التي دخلتها الجزائر مع عهدة جديدة لفخامة رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، على منح الجانب الثقافي اهتماما أكبرا، خاصة وأنّ البرنامج قد أكّد على ضرورة توظيف كل ما من شأنه الرقي بالثقافة الوطنية في إطار استراتيجية متكاملة تجمع جميع الفاعلين دون إقصاء، وهذا بدفع المؤسّسات الثقافية والأخرى المهتمة بالتكنولوجيات الحديثة لتشكيل فريق واحد يضمن للجزائر مكانة في التحولات الثقافية والتكنولوجية الدولية. رقمنة الأرشيف لتحصين الهويّة الثّقافية الوطنية أكّد حفيظي محمد الطيب، رئيس تحرير تقني بجريدة "النصر"، أنّ جريدة "النصر" تسعى إلى رقمنة الأرشيف لتعميم الفائدة على عامة المواطنين وخاصة الباحثين، كما أنّ التكنولوجيات الحديثة ستسمح بتطوير موقع الأنترنيت للجريدة. ويشرف رقمنة أرشيف الجريدة مع إحصائه منذ 1980، وهو ما سيكون مرجعا لكل المهتمين بالاطلاع على مختلف المراحل التي مرت بها الجزائر. «وأرشيف النصر أعتبره ذا بعد ثقافي من خلال حمله لمختلف أبعاد الهوية الوطنية بتنوعها، وسنزوّد موقع الجريدة بمحرك بحث يمكن للباحث من الحصول على كل المعلومات التي تخص مجالا معينا بما فيها الثقافية". وقال نفس المصدر بأنّ مواكبة الرقمية أمر في غاية الأهمية "حتى نمكّن النصر من البقاء في مجال المنافسة". ورفض محمد الصالح الحديث عن تخوفات من التكنولوجيات الحديثة والصراع الثقافي، بقدر ما يجب أن نفكّر في إنتاج صناعة ثقافية تحمي هويّتنا، ونصبح فاعلين في التأثير في الآخر وليس انتظار الأسوأ. وأشار بالمقابل إلى أهمية غرس ثقافة البحث في التاريخ الوطني، لأنّ ذلك سيعود بالفائدة على الجزائريين لمعرفة من هم؟ وكذا الاطّلاع على نضال وكفاح الأجداد لاكتساب فلسفة الحياة. وثمّن في سياق متّصل تنظيم تظاهرة "سيكوم" التي سمحت بالاطلاع على آخر الابتكارات التكنولوجية، وقياس مدى تكيّفنا مع التحولات والتفتح على الآخرين، كما أنّنا وقفنا على مدى امكانية عقود شراكة مع مؤسسات أخرى لتقديم الأحسن للجمهور، وضمان مكانة في سوق تنافسية لا ترحم. التكنولوجيا وسيلة للتّعريف بأبعادنا العربية، الأمازيغية والإسلامية قال أولماس أنيس، ممثل شركة "سامسونغ" في معرض "سيكوم"، أنّ المؤسسة التي ينتمي إليها قدّمت العديد من المنتجات الرقمية من آخر طراز على غرار اللوحات الرقمية وحواسيب ذكية وآلات تصوير متطورة، ومنتجات خاصة ب "3 جي" وهواتف "غالاكسي 3"، وأنظمة برمجيات في غاية الدقة والتطور، وآخر ما توصّلت إليه المعلوماتية في العالم. وصرّح بأنّ التكنولوجيات الحديثة توفّر أنظمة متطوّرة جدا، ويمكن أن نستغلّها في مختلف المجالات بالفيديو أو الصور "أش دي" وتقنية "3 جي"، وبطاقات تخزين ذكية بسعة معتبرة. وأضاف نفس المصدر، أنّ هذه التكنولوجيات التي توفّرها "سامسونغ" يمكن أن نستغلّها للتّرويج للثّقافة الوطنية، من خلال أخذ صور لمختلف المواقع الأثرية وكذا فيديوهات، ونشرها في مختلف مساحات التواصل، فنحن لنا أبعادا أمازيغية وعثمانية وإسلامية، وهو ما يؤكّد ثراء ثقافتنا التي نسعى من خلال التكنولوجيات الحديثة لاستقطاب مختلف المشتركين في "فايسبوك" و«تويتر" للتعرف على الهوية الجزائرية. وقال في سياق متصل، بأنّه شارك في العديد من النقاشات مع أجانب حول الثقافة الجزائرية خاصة في مجال الأدب والشّعر، وقال بأنّ هناك اهتمام عالمي بالموروث الثقافي الجزائري، موضحا بأنّ الإعلام يتحمّل جزءًا كبيرا من مسؤولية التّعريف بمقوّماتنا. الرّقمية تضمن أحسن تسويق للبرامج الثّقافية السّمعية البصرية كشف جبراني كنزي، ممثل شركة "بانسونيك"، بأنّ عروضا في معرض "سيكوم" تركّزت على التلفزيونات وآلات التصوير الرقمية والحواسيب وغيرها من المعدات الحديثة، موضحا بأنّ التكنولوجيات الحديثة والمنافسة المتواجدة في السوق تفرض علينا تقديم الأحسن، قائلا بأنّ الجانب الثقافي يبقى من كبرى اهتماماتنا، فالوصول إلى تلفزيون رقمي يقدّم صورة ممتازة من شأنه أن يخدم الثقافة، فمشاهدة روبورتاجات أو حصص عن الثقافة بصورة نوعية سيجلب جمهورا كبيرا، فلكم أن تقارنوا بين برامج جيدة نستقبلها في تلفزيونات بتكنولوجياة بسيطة وبرامج متوسطة وتستقبل على تلفزيونات رقمية، فالأكيد أن المشاهد سيتوجه للثانية بالنظر لعامل الجودة. وتحدّث عن سعي الشركة لتقديم أحسن التكنولوجيات بأسعار معقولة حتى نضمن لها الرواج اللازم وجعلها في متناول الجميع، ومنه التشجيع على ممارسة وولوج هذا العالم، والمساهمة في تنوير المجتمع ودفعه للمطالعة، واكتشاف ثقافة الآخرين. كما أن التكنولوجيات الحديثة يمكن أن تكمّل مختلف المؤسسات الاجتماعية على غرار المسجد والمدرسة والجامعة، حيث توفّر فرصا في كل الأوقات وفي كل الأماكن للتواصل مع الآخرين. وكشف جبراني عن هويّته في تصوير اللباس التقليدي الجزائري ونشره عبر صفحته في "فايسبوك"، وهو ما جعله يكسب الكثير من المهتمين خاصة من الخارج، حيث أظهروا إعجابهم الكبير بالتنوع الثقافي الجزائري، كما أبدوا اهتمامهم بالرواية الجزائرية وهو ما يجعلني أوجّه دعوة للمثقّفين لتوجيه اهتمامهم بالترويج للثقافة الوطنية بكل الوسائل حتى نتمكن من تحقيق توازن في الحياة لأنّ الاهتمام بالجانب المادي والمظاهر سيفقدنا هويتنا. ضعف الاقبال على التّكنولوجيا وراء نقص الاهتمام بالنّشاطات الثّقافية وصرّح أكسوس عمر، مسؤول التسويق في شركة "أم أم سي"، بأنّ شركتهم تهتم كثيرا بالمعلوماتية والتجهيزات والتكنولوجيات الحديثة، فهو عالم يعرف الجديد كل يوم، موضحا بأن غلاء المعيشة جعل الجزائريين يتخلّفون كثيرا عن التكنولوجيا، داعيا إلى تدارك التأخر من خلال دعم التجهيزات والوسائل التكنولوجية الحديثة. وحول امكانية استغلال التكنولوجيا الحديثة للتّرويج للثقافة الوطنية، قال: "إنّ الخارج ينظر إلينا بنظرة لا تعكس مقوّمات الثقافة الوطنية الممتدة عبر العصور، ونحن كذلك لسنا متفتّحين كثيرا ولا نستطيع تبليغ رسائلنا في الكثير من الأحيان، وهذا ما يجب أن نستدركه من خلال تنشيط السياحة حتى نعرّف بثقافتنا، وكوني من منطقة القبائل لديّ ألبوم صور على منطقة القبائل خاصة بجاية التي أنحدر منها على مساحة "فايسبوك"، صوّرته بنفسي عبر كاميرات متطورة، قمت بنشر الصور وساهمت في إنشاء موقع أنترنيت بحيّي، أين نعرّف بتقاليد الأكل واللباس ونعرّف حتى على المناسبات، وهو ما جلب الاهتمام وقد استقبلنا سياحا فرنسيين بالمنطقة بعد تلك النشاطات عبر الوسائط التكنولوجية، ورفض الحديث عن الدور السلبي لأنّنا لم نصل لمرحلة التشبع، فالتفكير الايجابي جيد، معترفا بأنّ الإدمان على التكنولوجيات الحديثة يسبّب مشاكل لكن يجب أن نجعل الأفراد ينخرطون لنضمن تكيّفهم قبل معالجة الاختلالات. مطابع رقمية بالجنوب لضمان الحق في الثّقافة وقال بوزيد عبد المالك، رئيس مراقبة دائرة الإنتاج والإحصائيات بشركة طباعة الجزائر، أنّ الهدف من المشاركة في معرض "سيكوم" هو التعرف على آخر عروض الشركات في مجال خدمات الأنترنيت التي تعتبر عاملا مهما في نشاط الشركة، فبحكم سحبنا لأكثر من 80 عنوانا نأمل في الحصول على الأحسن حتى نقلّل من توقيت استقبال وإرسال الجرائد، فهذا سيزيد من المردودية والسرعة والنوعية في الخدمات. وطمأن المتحدث في حديث ل "الشعب" على هامش معرض "سيكوم"، عن حال المؤسسة التي تملك آخر التكنولوجيات التي جلبت من ألمانيا "غوس"، كما أن استثماراتنا التي أنجزت من خلال تدشين مطبعة ورقلة في 2009 بطاقة سحب 65 ألف نسخة ل 19 عنوانا، وتمّ تدشين مطبعة بشار في ديسمبر 2013 بطاقة سحب 20 ألف نسخة ل 9 عناوين. كما أنّ الحكومة برمجت إنجاز 4 مطابع جديدة بتندوف وإيليزي يجرى حاليا اختبار أرضية لهم، فيما سينطلق إنجاز مطبعتي أدرار وتمنراست عن قريب وهذا لتقريب الصحافة المكتوبة من المواطن عبر مختلف ربوع الوطن، وضمان الحق في الإعلام وفي وقت واحد مع سكان الشمال عبر التراب الوطني، وإن سارت الأمور جيدا ستكون كل المطابع في الخدمة قبل نهاية 2015. واعتبر ذات المصدر، بأنّ هذه الخطوات والمشاريع ستساهم في القضاء على العزلة الثقافية لسكان الجنوب، وستستفيد كل مناطق الوطن من نفس الحظوظ في التعريف بموروثها، ولكن تبقى المضامين من مسؤولية وسائل الإعلام ونحن كمطبعة نلعب دور الوسيط فقط في توصيل تلك الصّناعات الثّقافية.