ركّز البرنامج الانتخابي للرئيس عبد العزيز بوتفليقة بصفة كبيرة على القطاع الفلاحي في محور التنمية الفلاحية والريفية من أجل السيادة الغذائية، بالنظر إلى ما يحمله القطاع من أبعاد استراتيجية تتعلق بالرهانات الاقتصادية الكبرى للجزائر خلال العشرية القادمة، وما تتطلّبه هذه المرحلة الصعبة من تحديات تتطلب إيجاد بدائل اقتصادية أخرى غير الثروة البترولية، من أجل الوصول إلى تنويع الصادرات الوطنية أو على الأقل تحقيق الاكتفاء الذاتي في بعض المنتجات الأساسية لتقليص فاتورة الاستيراد. قناعة راسخة وصل إليها صنّاع القرار في الجزائر بأنّ لا بديل عن تحريك آلة الإنتاج الفلاحي، واستغلال كافة القدرات التي تسخر بها مناطق الوطن لتحقيق التكامل الاقتصادي الوطني، مع التركيز أكثر على المحاصيل الأساسية أو الإستراتيجية التي قد تحقق الأمن الغذائي للبلاد. وبنظرة تفصيلية لخريطة توزع الإنتاج الفلاحي عبر ولايات الوطن، تظهر ولاية بومرداس إلى الواجهة كقطب فلاحي بامتياز بالنظر إلى وجود مساحة واسعة من الأراضي الصالحة للزراعة بمساحة تتجاوز 99 ألف هكتار و1500 مستثمرة فلاحية، إضافة إلى التضاريس المتنوعة التي تميز الولاية، ما أكسبها خصوصية وتنوعا في المحاصيل، فهي تحتل حاليا المراتب الأولى في إنتاج الخضروات وعنب المائدة الذي يمثل أكثر من 40 بالمائة من الإنتاج الوطني، كما توجّه النشاط الفلاحي في السنوات الأخيرة نحو تطوير المحاصيل الأساسية، كالحبوب بمختلف أنواعها بفضل سياسة الدعم الفلاحي التي يستفيد منها الناشطون في الميدان وحملات التحسيس والإرشاد الفلاحي لترقية الإنتاج والرفع من المردودية.
205 ألف قنطار من الحبوب سنة 2013
أثمرت المجهودات المبذولة من طرف مديرية المصالح الفلاحية والغرفة الفلاحية لبومرداس، على تحسين مردودية الإنتاج الفلاحي في شعبة الحبوب التي تعتبر أساس القطاع والرهان المستقبلي للاقتصاد الوطني بفضل الإستراتيجية المتبعة في الميدان لتوسيع مساحات الاستغلال بما فيها المساحات المسقية وتوفير كافة الوسائل المادية والتقنية التي يحتاج إليها الفلاحون، حيث بدأت هذه المجهودات تعطي ثمارها على الواقع بناء على حجم الإنتاج الذي حققته الولاية سنة 2013، ولو أنه لا يرق إلى القدرات الكبيرة التي تتوفر عليها الولاية في المجال الفلاحي والنسبة الكبيرة من الأراضي التي تبقى دون استغلال. وبلغة الأرقام، فقد حقّقت الولاية حسب الإحصائيات المقدّمة من طرف الغرفة الفلاحية ما يقارب 205848 قنطار من الحبوب بمختلف أصنافها بمعدل 27 قنطار في الهكتار، موزّعة على بذور القمح اللين ب 69 ألف قنطار و40600 قنطار من القمح الصلب، فيما وصل إنتاج الشعير قرابة 10678 قنطار و10592 قنطار من الخرطال. وهذا على مساحة لا تتعدى 4100 هكتار. وقد لعبت سياسة الدعم الفلاحي والإرشادات المقدمة للفلاحين حسب مصادر من الغرفة الفلاحية لبومرداس دورا كبيرا في توجه المزارعين نحو هذه الزراعة الإستراتيجية، ونفس التوجّهات والمجهودات ستتواصل لتوسيع المساحات المزروعة خصوصا المسقية منها للرفع من المردودية المحلية، كما لعبت المساعدات التقنية أيضا وحسن استعمال الأسمدة التي أصبحت متوفرة في السنوات الأخيرة بعد الأزمة الكبيرة التي عاشها سابقا الفلاحون دورا كبيرا في تدعيم هذه الشعبة، حيث وصلت نسبة التغطية بالأسمدة إلى 2998 هكتار، إضافة إلى سياسة تدعيم منتجي الحبوب عن طريق قرض "الرفيق" بدون فوائد، وضمان اقتناء المنتوج من طرف الدولة بأسعار تنافسية مشجعة، مع مرافقة المنتجين خلال عملية الإنتاج وجمع المحصول، وكلها إجراءات تحفيزية بإمكانها المساهمة في تطوير هذه الشعبة. ومن أجل تقديم مزيد من التشجيعات لللناشطين في هذه الشعبة، بادرت مديرية المصالح الفلاحية لبومرداس بجملة من الإجراءات الجديدة، وهي عبارة عن منح تتراوح بين 15 الى 20 بالمائة متعلقة بتكثير بذور الحبوب، ومنحة جمع الخرطال تصل إلى 450 دينار عن القنطار، إضافة منحة صيانة أصناف الخرطال تصل إلى 500 دينار عن القنطار الواحد. هذا وتشكّل عملية إعادة تطهير مدونة المستثمرات الفلاحية بولاية بومرداس المتواصلة لحد الآن، في إطار عقود الامتياز الفلاحي خطوة جديدة نحو إعادة تنظيم النشاط الفلاحي وتشجيع الفلاحين على الاستغلال الأمثل لأراضيهم الزراعية التي ستكون متبوعة ببرامج دعم منتظمة في إطار سياسة الدعم الفلاحي، حيث تمّ لحد السّاعة تحرير 1870 عقد امتياز تتعلق بتحويل ملفات حق الانتفاع الدائم إلى حق الامتياز للمستثمرات الفلاحية طبقا للقانون رقم 10 / 03 المؤرخ في 15 / 08 / 2010، الذي يحدد شروط وكيفيات استغلال الأراضي الفلاحية التابعة لأملاك الدولة، مع إمضاء 5290 دفتر شروط حسب مدير الديوان الوطني للأراضي الفلاحية لولاية بومرداس نور الدين بركان، وكلّها إجراءات تحفيزية للنّهوض بالقطاع الفلاحي الذي يعتبر المستقبل الاقتصادي للجزائر.