تتميّز ولاية بومرداس بطابعها الفلاحي بالدرجة الأولى، وذلك بمساحة إجمالية تقدّر ب 99592 هكتار، منها 65738 هكتار صالحة للزراعة، أي بمعدل 14 بالمائة وحوالي 12200 هكتار مساحة مسقية، أي بنسبة 19 بالمائة، الشيء الذي جعلها تصنّف كسلة الوسط في مجال إنتاج الخضروات والفواكه بحسب المؤشرات والأرقام المقدمة من طرف مديرية المصالح الفلاحية، التي أظهرت أن الولاية متخصّصة أكثر في هذا النوع من المنتوج، خاصة عنب المائدة المنتشر في مساحات واسعة بشرق الولاية، حيث قدّر الإنتاج لسنة 2013 بأكثر من 2.3 مليون قنطار. عادت ولاية بومرداس لتتبوّأ المرتبة الأولى وطنيا أيضا في إنتاج الخضروات لهذه السنة بعدما كانت في المرتبة الثالثة، وهذا بإنتاج قدرته مصادر من مديرية المصالح الفلاحية لبومرداس بأكثر من 7.5 مليون قنطار، وبذلك تصنّف الولاية كمنطقة مختصة في هذا النوع من الإنتاج، خاصة عنب المائدة الذي يمول 45 بالمائة من احتياجات السوق الوطنية من هذه المادة. مقابل هذا لاتزال ولاية بومرداس تسعى إلى تحسين حصتها من إنتاج الحبوب على غرار بعض الولايات الداخلية ومناطق السهوب المعروفة بإنتاجها الوفير لهذه المادة الحيوية، حيث أظهرت حصيلة النشاطات الفلاحية لسنة 2012 / 2013، أنّ ولاية بومرداس استطاعت إنتاج 205848 قنطار من الحبوب، مع تسجيل تحسن ملحوظ مقارنة مع السنة الفلاحية الماضية، منها 69 ألف قنطار من القمح اللين، أزيد من 40 ألف قنطار من القمح الصلب، 10.6 ألف قنطار من الشعير و10.5 ألف قنطار من مادة الخرطال وذلك على مساحة إجمالية مزروعة وصلت إلى 4100 هكتار، في حين قدّر مردود الهكتار الواحد ب 27 قنطار في الهكتار وهي مردودية شبه متوسطة مقارنة بنوعية التربة الخصبة التي تميز الولاية. وفي قراءة أولية لطبيعة الإنتاج الفلاحي المسجل بولاية بومرداس في مجال المحاصيل الأساسية المتمثلة في الحبوب، تبقى النسبة المسجلة ضعيفة ولا ترقى إلى التطلعات بحسب عدد من الاقتصاديين العارفين بالقدرات والإمكانيات الفلاحية الكبيرة التي تزخر بها الولاية، على الرغم من بعض المجهودات التي تحاول القيام بها مديرية المصالح الفلاحية والغرفة الفلاحية لمرافقة الفلاحين في الميدان وتشجيعهم على التخصص في هذا المحاصيل الإستراتيجية، عن طريق توفير الأسمدة الضرورية ومشروع قرض الرفيق الموجه خصيصا للفلاحين المتخصصين في إنتاج الحبوب، مع ضمان اقتناء المنتوج وتوزيعه من طرف الدولة بأسعار تنافسية مشجعة، إلا أن هذه السياسة التدعيمية تبقى في مراحلها الأولى وبحاجة إلى مزيد من التشجيع والشرح في الميدان، خاصة وأن آلاف الهكتارات في المناطق الجبلية وشبه الجبلية التي كانت فيما سبق معروفة بهذا النوع من المحاصيل تبقى دون استغلال ومساحات واسعة جرداء، أو عبارة عن بور بسبب العديد من المشاكل والعقبات التي تعترض الفلاحين كغياب التشجيع في هذا المجال ونقص وسائل العمل من جرارات وحصادات. كما بيّنت الدراسات المتعلّقة بقطاع الفلاحة ببومرداس، أنّ النشاط الفلاحي التجاري غلب النشاط الفلاحي الاستراتيجي الذي كان معروفا سابقا، بسبب غياب الرقابة والتحفيزات المادية للفلاحين الخواص بما فيها عدد من المستثمرات التي كانت متخصّصة في إنتاج الحبوب منذ مطلع الاستقلال، لكن غياب التخصص والفوضى التي عاشها القطاع سابقا جعلت الفلاحين يتصرّفون دون وعي ودون تقنية فلاحية فيما يخص طبيعة النشاط الفلاحي المخصص لكل نوع من التربة، إلى درجة لجوء الفلاحين بالمنطقة الشرقية إلى قطع وإتلاف عشرات الهكتارات من مساحات التين في المناطق الجبلية الموروثة عن أجيال سابقة وتحويلها إلى مساحات للكروم وإنتاج عنب المائدة تحت تأثير السوق والربح السريع، لكن بمردود ضئيل جدا وخسائر سنوية كبيرة نتيجة غياب مياه السقي، وغياب الإرشادات والتوجيهات الفلاحية الكافية للحفاظ على هذه المساحات لإنتاجها الأصلي للحبوب والتين. وأمام متطلبات الظرف الاقتصادي الحالي وحاجة البلاد إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في مادة الحبوب وخاصة القمح اللين الموجه لإنتاج مادة الخبز الأساسية في المائدة الجزائرية، تبقى الإستراتيجية الفلاحية بحاجة إلى مراجعة شاملة من اجل تحسيس الفلاحين وتوجيههم المتواصل طيلة العام لتشجيعهم على هذا التحول، بالتركيز أكثر على المنتوج الاستراتيجي الذي أصبح ورقة ضغط اقتصادية في أيدي الدول الكبرى.