واصل الطيران الحربي للاحتلال الإسرائيلي سلسلة غاراته العنيفة على قطاع غزة منذ صباح أمس السبت موقعا مزيدا من الضحايا ليرتفع عدد الشهداء إلى نحو 271 وأكثر من 700 جريح بينهم 180 حالتهم خطيرة، وذلك وسط تحركات دولية وعربية محتشمة لوقف العدوان الإسرائيلي وغضب شعبي مندد بجرائم الاحتلال والمتواطئين معه. وتؤكد عدة مصادر إن الحصيلة مرشحة للارتفاع وإن البحث ما زال جاريا عن شهداء جدد، كما أن الدراسة توقفت في كل المؤسسات التعليمية في القطاع، وأن حركة السير معطلة بشكل شبه كامل. وقصفت الطائرات الحربية الإسرائيلية طوال الليلة قبل الماضية وفجر أمس أهدافا في غزة، واستهدفت إحدى الغارات مسجدا قرب مستشفى الشفاء بغزة، المشفى الرئيسي في القطاع، كما دمر القصف مقر قناة الأقصى الفضائية التابعة لحركة المقاومة الإسلامية )حماس.( وعن آخر الغارات أطلقت طائرات إف 16 إسرائيلية صواريخ استهدفت مركزا صغيرا للشرطة ومستودعا للأدوية في خان يونس. ولم يقتصر العدوان الإسرائيلي على عمليات القصف المستمرة بل عزز الاحتلال قواته البرية في محيط القطاع، وتوعد بمواصلة الهجمات والغارات، وحمل حركة حماس مسؤولية التدهور الذي وصلت إليه الأوضاع بالقطاع عقب انتهاء التهدئة. وقد رفض وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك وقفا لإطلاق النار مع حماس، معتبرا في حديث لشبكة فوكس نيوز الأميركية أن ذلك مثل من يطلب وقفا لإطلاق النار مع القاعدة. وقد ردت المقاومة الفلسطينية على الغارات الإسرائيلية بقصف المستوطنات بعشرات الصواريخ محلية الصنع. وسقطا صاروخان فلسطينيان في مستوطنة غاف يافني الواقعة على مشارف بلدة أشدود، وهى أبعد نقطة تصل إليها الصواريخ الفلسطينية حتى الآن. وأعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس مسؤوليتها عن إطلاق صاروخين من طراز غارد صوب أشدود، كما تبنت ألوية الناصر صلاح الدين، الجناح المسلح للجان المقاومة الشعبية عملية إطلاق ثلاثة صواريخ من طراز ناصر ثلاثة على موقع زيكيم العسكري وبلدة اسديروت شمال القطاع ردا على الغارات الإسرائيلية. وفي مواجهة المجزرة التي ارتكبتها إسرائيل أكدت حماس تصميمها على مواجهة العدوان الإسرائيلي المتواصل. وأكدت أنها ستقدم نموذجا بطوليا في التصدي للعدوان الإسرائيلي. وأوعزت لجناحها العسكري بالرد بكافة الوسائل الممكنة. وقد دعا رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل الفلسطينيين إلى انتفاضة ثالثة ضد الاحتلال الإسرائيلي. وأكد في برنامج حوار مفتوح للجزيرة أن لا سبيل للرد على الاعتداءات الإسرائيلية سوى بالعمليات الفدائية. ومن جهتها أدانت السلطة الفلسطينية وحركة التحرير الوطني الفلسطيني )فتح( الغارات الإسرائيلية على غزة ودعت إلى الوحدة الفلسطينية. لكن مسؤولين في السلطة اتهموا حماس بالمشاركة فيما وصفوه بالجريمة الإسرائيلية ضد القطاع. وقد وجه عدد من الفصائل الفلسطينية أصابع الاتهام مباشرة إلى المستوى الرسمي العربي بالمشاركة في مؤامرة كبيرة. تستهدف قطاع غزة وإنهاء فكر المقاومة والتحرير الذي تبنته الفصائل ومن يقف إلى جانبها. ودفعت التطورات الدامية في قطاع غزة العديد من الدول العربية إلى التنديد والتحرك لعقد اجتماع طارئ على مستوى وزراء الخارجية في القاهرة، لكن هذا الاجتماع تأجل إلى يوم الأربعاء القادم، فيما تنتظر دعوة قطر إلى قمة طارئة موافقة ثلثي الدول العربية. وأبلغ الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى الصحفيين أن الاجتماع أجل من الأحد إلى الأربعاء بسبب انشغال كثير من الوزراء في اجتماعين منفصلين لمجلس التعاون الخليجي والاتحاد المغاربي. وكانت قطر قد دعت إلى عقد قمة عربية، وأفادت مصادر من الجامعة أن هذه الدعوة لقيت تأييد عشر دول على الأقل، وتنتظر موافقة ثلثي أعضاء الجامعة من أجل عقد القمة حسب ما ينص عليه ميثاق الجامعة. ويأتي هذا فيما تواصل الغضب الشعبي العربي المندد بغارات الاحتلال الإسرائيلي، على شكل مظاهرات خرجت في كل من الأردن ومصر ولبنان وسوريا واليمن والمغرب والسودان. وفي هذا السياق يصل أمس إلى العاصمة المصرية وفد أمني إسرائيلي لمناقشة الطلب المصري بوقف العدوان العسكري الذي بدأ السبت على قطاع غزة، وذلك وسط معلومات تفيد بأن الجانب الإسرائيلي سيركز على تبرير عملياته. ومن جهة أخرى وصل القاهرة في ساعة مبكرة من صباح أمس الرئيس الفلسطيني محمود عباس في زيارة تستغرق يومين يستقبله خلالها الرئيس حسني مبارك. ومن المقرر أن يبحث الرئيسان آخر تطورات الوضع في قطاع غزة، وسبل وقف الغارات الاسرائيلية ومساعدة ضحايا الغارات الإسرائيلية. وعلى الصعيد الدولي عقد مجلس الأمن الدولي جلسةَ مشاورات مغلقة لمناقشة الهجوم الإسرائيلي على غزة بناء على طلب ليبيا العضو العربي الوحيد في مجلس الأمن وعقب اجتماع لمندوبي الدول العربية في مقر البعثة المصرية في نيويورك اتفقوا خلاله على التقدم بمشروع قرار إلى مجلس الأمن. ويتضمن مشروع القرار إدانة إسرائيل والمطالبة بوقفٍ فوري لإطلاق النار والدعوة إلى الفتح الفوري لكافة المعابر. وكانت ردود الفعل الدولية بشأن العدوان الإسرائيلي على غزة اقتصرت على الدعوة إلى ضبط النفس وضرورة وقف حركة حماس لإطلاق الصواريخ دون أن ترتقي إلى مستوى الإدانة الصريحة للممارسات الإسرائيلية.