بدأت المؤسسات الجزائرية تدرك قيمة الجودة وأهميتها في تعزيز موقعها بالسوق الوطنية والتصدير إلى ابعد الفضاءات مستفيدة من الإعفاءات الجمركية والجبائية التي تشترطها الاتفاقات المختلفة آخرها الانضمام إلى المنطقة العربية للتجارة الحرة. وتظهر هذا جليا حالة السباق المشتد على آخره من أجل اعتماد نظام الجودة والمواصفات الشرط الأساسي لفرض الوجود في محيط يشتد بالمنافسة، زادت حدتها مع تجسيد اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي في انتظار الانضمام إلى منظمة التجارة. ولم يعد مقبولا للمؤسسة التمادي في عقلية الإنتاج لتمويل السوق الوطنية فقط وتلبية احتياجات المواطنين، لكن التصدير وزيادة الإيرادات خارج المحروقات التي يتوقع بلوغها 02 مليار دولار لأول مرة في تاريخ الجزائر. وجاءت نتيجة جهود مضنية قامت بها البلاد بتوفير آليات الدعم والمساندة تزيل من طريق المصدرين الاكراهات والممنوعات وتحفيزهم بجدوى اقتحام الفضاءات فرادى أو جماعات بعيدا عن ذهنية ادعاء كل واحد أنه أحق بالتسويق من غيره. وتكشف مرارة هذه الممارسة لدى مصدري التمور الجزائريين الذين ينشطون على خط مرسيليا دون سواه. ويتنافسون على خفض الأسعار جريا وراء الاستحواذ على أكبر حصة حتى ولو تحمل مضرة للعلامة التجارية دڤلة نور. وكان من الأجدر أن يحدث التنسيق والتناسق بينهم ليس فقط على مستوى التسعيرة بل حول طريقة التصدير والفضاءات الواسعة، وهي تجربة معتمدة من قبل المصدرين في دول الجوار حيث ينشطون في شكل جمعيات تتقاسم الوظيفة والمسؤولية بشكل تحمي فيه الإيرادات، ولا تضرب في العمق العلامات التجارية. وعكس هذا الاتجاه المفيد، اختار المتعاملون الجزائريون القاعدة السلبية ''خالف تُعرفڤ وفضل كل واحد على حدى خوض السباق بمفرده اعتقادا منه أنه أجدر وأقوى في اقتحام الفضاء الاقتصادي الخارجي ولو أدى به الأمر إلى التنازل وتخفيض السعر إلى درجة لا تعطي للمنتوج الوطني حقه المعتبر وقيمته الحقة. لكن اقتحام السوق الخارجي ليس بالأمر الهين ولن يكون في المتناول على الدوام، ويفرض التحضير الجيد والتسلح بالمواصفات ونظام الجودة أولا وأخيرا. وأدركت هذه الحقيقة المؤسسات الوطنية التي قررت الانخراط في برنامج التأهيل والجودة، آخذة في الحسبان المتغيرات الراهنة وحمى المنافسة الأجنبية، ونجحت 450 مؤسسة في كسب رهان الجودة بعد تحضيرات مكثفة مكنتها من إحداث تغييرات جذرية على المستويين التنظيمي والتسييري، واستثمرت في الرأس المال البشري مفتاح التحول. ويتوقع أن يتضاعف عدد المؤسسات المرشحة لنيل شهادة التصديق والنوعية بالنظر إلى الطلبات الكثيرة والتحفيز الممنوح من الدولة الذي يصل إلى حد دفع 80 في المائة من كلفة العملية المتراوحة بين 01 و03 مليون دينار. ويحفز الاتجاه الجائزة الجزائرية للجودة التي تمنح سنويا لأكفا مؤسسة وأقواها اعتمادا على نظام النوعية، وتقدر قيمة الجائزة الجزائرية 02مليون دينار، وفازت بها هذا العام شركة نقل وشحن التجهيزات الصناعية والكهربائية ''ترانسماكسڤ إحدى فروع مجمع سونلغاز. ويعزز هذا المسار تجسيد القانون 0404 وما يتضمنه من تدابير تحتم اعتماد المواصفات وكشف شهادة المطابقة خاصة في المنتجات ذات العلاقة بالمستهلك والصحة والأمن الغذائي والبيئة. ويضاف إلى هذا المرسومين التنفيذيين ,464 و465 المشددين على الجودة معركة حياة، وهي معركة سخرت لها الجزائر الإمكانيات وتعمل جاهدة على تقوية المؤسسات والهياكل المعنية بها مثل ڤ الجيراكڤ، و ڤ يانورڤ، وديوان القياسة ڤ أو.انمڤ، وهذا للاعتقاد الراسخ انه للقيام بالجودة لابد من رجال الجودة والهياكل التي تحرص على كسب هذا الرهان. ------------------------------------------------------------------------