أبدى العديد من المواطنين بمدينة معسكر مخاوفهم إزاء زحف داء الحمى القلاعية بسرعة كبيرة عبر مناطق مختلفة من البلاد، بالرغم من أن فيروس الحمى القلاعية لم تظهر له أي أعراض تذكر بمنطقة معسكر، حيث أربك المواطنون الحديث المهول عن المرض حتى بدا ذلك جليا من خلال إقبالهم الضعيف جدا على الأسواق والقصابات، مقررين استبدال اللحوم الحمراء باللحوم البيضاء والأسماك المجمدة خوفا من الوباء. بالرغم من أن السلطات الوصية المشتركة بين وزارتي الصحة والفلاحة أكدت أكثر من مرة أنه لا وجود لخطورة على صحة المواطن عند استهلاكه للحوم وحليب الأبقار الموجودة في السوق بعد انتشار الحمى القلاعية، غير أن حذر المواطن جعله يتجه أكثر نحو اختيار مصادر أخرى للبروتينات.. «الشعب» نزلت لأكثر الأسواق شعبية وإقبالا من طرف المواطنين المتواجد بساحة ابن باديس وسط مدينة معسكر، حيث تباينت آراء المواطنين مع رأي الجزارين وباعة اللحوم كل فيما تصب مصلحته، فالمواطن البسيط الذي تغادر اللحوم الحمراء الطازجة مطبخه لا يعنيه الإشكال المطروح في إمكانية تنقل الفيروس من الحيوانات إلى البشر، لطالما أقبلت هذه الفئة البسيطة خلال الشهر الكريم المنقضي، على شراء اللحوم الحمراء المجمدة أو اللحم المفروم دون مراعاة مصدرها أو ظروف بيعها وتخزينها. وفي المقابل يظهر قلق الفئة المتوسطة والميسرورة الحال عبر استغنائها النهائي عن اقتناء اللحوم الحمراء طيلة الفترة الماضية التي ظهرت فيها أعراض مرض الحمى القلاعية بشرق الوطن والمناطق المجاورة على غرار ولاية الشلف. وسبب عزوف المواطنين من الفئة المعتادة على اقتناء اللحوم الحمراء لأطباقها الأساسية مشاكل عدة للجزارين، تضاف إلى تلك المشاكل التي ترهقهم طيلة السنة، فكساد الكميات الكبيرة في مخازن التبريد بالقصابات يعود على الجزارين دون شك بمتاعب وخسائر مادية، وقد أبدى معظم الجزارين بمعسكر عدم مبالاتهم بالمشكل في تفسير أن مخاوف المواطنين لا مبرر لها، بقولهم أن داء الحمى القلاعية في منأى عن المنطقة التي تعرف بمناخها الحار والجاف، فضلا على أن جميع اللحوم المقتناة من المذابح العمومية بمعسكر تخضع لمعاينة البياطرة وتأشيراتهم على اللحوم. في هذا الاطار أكدت عينة من الجزارين أن مشكل تنقل مختلف الأمراض على غرار الحمى القلاعية يطرح من خلال ظواهر الذبح غير الشرعي بالأسواق وغير النظامية أو غير القانونية وهو الأمر نفسه الذي يطرح مشكل غلاء أسعار اللحوم الحمراء بشكل خاص في الأسواق الوطنية حسب الجزارين. من جهة أخرى، وإن أجازت الجهات الصحية أمر ذبح الحيوانات الموبوءة لعدم تأثير لحومها على صحة المستهلك، فإن داء الحمى القلاعية المنتشر في الفترة الأخيرة قد جلب بعكس تأثيره السلبي في السوق، محاسن لا يمكن إنكارها من خلال الثقافة الاستهلاكية المنبعثة فجأة لدى المواطن الذي أصبح يعي مدى خطورة الوضع لدى اقتنائه اللحوم ومختلف المواد الاستهلاكية المجهولة المصدر أو تلك التي تعرض في الأسواق الموازية. وبالموازاة مع ذلك أكدت السلطات الولائية بمعسكر أنه قد تم منع تنظيم أسواق الماشية، كإجراء خاص لتفادي وصول الحمى إلى ولاية معسكر، وهو الأمر الذي سبق وأن تناولته «الشعب» في أحد أعدادها، لدى وقوفها ميدانيا على أسواق الماشية غير الشرعية والتي تتم فيها مختلف التعاملات التجارية من بيع المواشي القادمة من ولايات مجاورة وذبحها في أوساط مكشوفة لا تخضع لأدنى شروط الصحة والنظافة. وتجدر الإشارة إلى أن تنقل البدو الرحل في المناطق الرطبة شمال الولاية قد يشكل هو الآخر تهديدا مباشرا ومصدرا لتنقل المرض في الوقت الذي تقتصر فيه حاليا عملية التلقيح على الحظائر والإسطبلات داخل مستثمرات مربي المواشي والأغنام، ما يستوجب اخضاع قطعان المواشي وأغنام البدو الرحل المتنقلون في إقليم دائرة عقاز والمحمدية، للتلقيح والمعاينة البيطرية.