تميّزت ثورة نوفمبر 1954 المجيدة بوثيقتين تاريخيتين هامتين، هما بيان الفاتح نوفمبر 1954 وأرضية مؤتمر الصومام 20 أوت 1956 اللتين كانت لهما انعكاسات جد إيجابية على المقاومة ضد الاستعمار الغاشم وشكلتا أرضية هامة لكل القرارات السياسية والعسكرية والاجتماعية و الدبلوماسية سواء إبان الثورة أو خلال معركة بناء الجزائر المستقلة. واعتبر الإعلامي محمد عباس في إجابته عن سؤال متعلق بالفرق بين الوثيقتين « أن أرضية مؤتمر الصومام جاءت لتؤسس لمرحلة أخرى، مرحلة الشرعية مبنية على مؤسسات، فيها منطلقات مختلفة تماما، وفيها اعتبارات سلطوية، وشيء إيجابي يولي الأهمية الكبرى للمؤسسات على حساب الدور التاريخي للرواد الأوائل لثورة التحرير.» وأضاف محمد عباس في شأن تحرير صياغة الوثيقة، قائلا أن هذه الأخيرة أسندت لمجموعة مكلفة بالتحرير، وأن المشاركين في المؤتمر اكتفوا بالموافقة على الخطوط العريضة التي خرجت بها النقاشات»، كما استدل بشهادة المجاهد يوسف بن خدة كونه « شاهد مهم ونزيه والذي أكد أن صياغة وثيقة مؤتمر الصومام قد جاءت فيما بعد» مثلما هو الشأن بالنسبة لكل المؤتمرات أو اللقاءات حيث يوافق المشاركون على الخطوط العريضة التي تعرض في ما بعد على لجنة الصياغة». ويرى من جهته الدكتور عامر رخيلة، أن «أرضية الصومام تعكس واقع جبهة التحرير الوطني في الفترة ما بين 1954 و1962 ، كونها حركة تحررية ، عسكرية، سياسية ممثلة وحيدة للثورة وللشعب الجزائري، والتي ظلت وحدة التنظيم بها طوال هذه المدة حبلى بالتعددية الفكرية». واعتبر المتدخل هذا الوضع ب»الأمر الجد إيجابي لأنه لم يكن هناك أي قمع فكري آنذاك، مؤكدا في ذات السياق « أن جبهة التحرير الوطني كانت تشكل المرآة العاكسة لكل فئات ومكونات المجتمع الجزائري دون استثناء، وهو الأمر الذي ينسجم تماما مع بيان فاتح نوفمبر 1954، الذي استبعد كل دعوة قائمة على أساس الانتماء السياسي أو الاجتماعي». وذكر الدكتور رخيلة بأن بيان نوفمبر 54 خاطب الشعب الجزائري : قائلا : « أيها الجزائري إننا ندعوك لتبارك هذه الوثيقة لأن جبهة التحرير الوطني هي جبهتك»، مضيفا أن محرري البيان قد اتعظوا من الأزمة أو الأزمات التي عرفتها الحركة الوطنية سابقا». ورجوعا إلى أرضية مؤتمر الصومام ، فالمعروف يقول رخيلة أن كل المؤتمرات واللقاءات والندوات والاجتماعات المصيرية تعتمد أساسا على مناقشة النقاط المدرجة والخطوط العريضة على أن توكل مهمة جمع وثائق الأشغال وصياغتها لمجموعة مكلفة بالتحرير وفقا لتوجيهات من جهة محددة. وفي شأن آخر، أكد المتدخل أنه «لا ينبغي أن تعتبر وثيقة مؤتمر الصومام بمثابة آيات قرآنية غير قابلة للنقاش، وأن لا ينتظر منها الكمال، فهي قد عكست مواقف محددة في ظرف زمني محدد»، تميز حسبه « بكون الشهيد عبان رمضان وبعض من مرافقيه قد سهروا على التحكم وحدهم ، وبالنظر إلى وجود بعض الحزازات السياسية بين و فد جبهة التحرير الوطني بالخارج و الجماعة بالداخل ، فقد كان لذلك بعض الانعكاسات على نتائج المؤتمر».