فتح ملف الأوروبيين الذين انخرطوا في تنظيمات إرهابية ويقاتلون في سوريا والعراق في بلدانهم الأصلية منذ ثلاث سنوات . وتختلف تقديرات أعدادهم وفق أجهزة الإستخبارات الغربية المختلفة فيقدرهم بعضها بثلاثة آلاف بينما تقدرهم صحف تركيا التي تمثل الممر الإجباري لهم إلى العراق وسوريا ب 4700 إرهابي وأعدادهم في تزايد مستمر. ويتخوّف الأوروبيون من عودة هذه الفئة إلى بلدانهم واستخدام خبرتهم القتالية التي اكتسبوها في العراق وسوريا وهو ما يعتقد أنه طبق في ماي الماضي على يد الفرنسي الذي أطلق النار على زوار المتحف اليهودي في بروكسل وقتل ثلاثة منهم قبل أن يعتقل في فرنسا. وفئة منهم تقع اليوم تحت الرقابة اللصيقة لأجهزة الأمن الأوروبية. وتقدر فرنسا عدد المقاتلين العائدين ب 180 شخصا وهولاندا ب 30 شخصا وألمانيا ب 120 مقاتلا. لكن بريطانيا سبقت هذه الدول مجتمعة إلى إقرار تعديل على الدستور في جانفي الماضي حيث يتبع سحب الجنسية من المشتبه في تورطهم بالإرهاب في حال كان صاحب العلاقة من مزدوجي الجنسية وهو ما فعلته هولندا بدورها نهاية أوت الماضي حسب تصريح لوزير العدل "ايفو اوسبتلتن" وهذا الموقف بات يلقى قبولا لدى دول أوروبية أخرى مثل فرنسا. فقد اجتمع خبراء فرنسيون في قضايا الإرهاب على أن نموذج "الذئب المنفرد" الذي ينفّذ هجمات إرهابية وحده دون أي ارتباط بجماعة منظمة غدا هاجسا أمنيا يؤرق السلطات الفرنسية ويدفعها إلى تشديد المراقبة على العائدين من سوريا والعراق. وقال الخبير الفرنسي في الشؤون الأمنية "ماتيوقويدر" أن مخاوف السلطات الأمنية في محلّها وهو مؤلف كتاب "الإرهابيون الجدد"واعتبر الخبير الفرنسي أن قيام مقاتلين فرنسيين عائدين من سوريا والعراق بأعمال إرهابية فردية يمثل خطرا حقيقيا. وأشار إلى أن بعض الشبان الفرنسيين قد يلبون نداء المتحدث باسم تنظيم الدولة "أبو محمد العدناني" الذي دعا إلى استهداف الفرنسيين بعد إعلان باريس مشاركتها في التحالف الدولي المناوىء لجماعته. وتأخذ السلطات الفرنسية هذه المخاطر والتهديدات على محمل الجد، إذ أقر مجلس النواب المحلي في سبتمبر 2014 مشروع قانون يجرم جنحة التخطيط لعمل فردي إرهابي. كما أمرت بتشديد الإجراءات الأمنية في المطارات ومحطات نقل المسافرين وتفتيش رواد المراكز التجارية. وتوصف فرنسا لدى هؤلاء المقاتلين بالشيطان الأصغر كونها هاجمت حركات في مالي والعراق . وقد أوضح وزير الداخلية الفرنسي "بارناركزنوف" أن عدد المقاتلين المحليين في سبتمبر 2014 بلغ 930 بين فرنسيين ومقيمين أجانب في البلاد ويوجد الآن 350 من هؤلاء في سوريا والعراق و170 آخرين في طريقهم إلى البلدين. وقد أعلنت السلطات الفرنسية أنها اعتقلت حوالي عشرة من هؤلاء العائدين بغية تقديمهم للقضاء بتهمة الضلوع في أعمال إرهابية خارج البلاد وقد وضعت الأجهزة الأمنية عشرات من هؤلاء العائدين تحت مراقبة صارمة. ووفقا لتقديرات قسم الاستخبارات الداخلية البريطانية "إم أي 5" لا تزال سوريا الوجهة الأهم للمقاتلين الأجانب الذين يتدفقون على أراضيها من أجل المشاركة في الخطوط القتالية الأساسية مع التنظيم الإرهابي مع"القاعدة " وقد حمّل مدير الإستخبارات البريطانية "أم أي 6" جون ساويرز الغرب مسؤولية نمو التطرف، مضيفا أن الفوضى التي نشأت في سوريا وقبلها في العراق جاءت بسبب عدم تدخل الغرب هناك وأن إسقاط الحكومات أمر سهل يمكن أن يتم في شهور لكن إعادة البناء أمر معقد يحتاج إلى سنوات. لا علاقة للإسلام بأفعال داعش عندما بث تنظيم داعش شريطا يظهر عملية إعدام الناشط الإغاثي البريطاني ديفد هانز في 13 سبتمبر 2014 تحولت لندن من حالة التردد في الخيارات إلى إعلان الحرب على التنظيم والتعّهد بالقضاء عليه كما جاء على لسان كاميرون بالرغم من الموروث السلبي لتركة بلير 2003 في حربه على العراق وقد أعلن كاميرون إجراءات عدة منها منح موظفي الهجرة البريطانية صلاحيات مؤقتة لحجز جوازات المشتبه بسفرهم للانظمام إلى التنظيم وكذلك سحب الجنسية من مزدوجي الجنسية المتورطين ومنع المتورطين بالإرهاب من العودة إلى البلاد. وأكّد كاميرون أن الإسلام دين سلام لا علاقة له بأفعال التنظيم. وقد عرض رئيس هيئة حماية الدستور في ألمانيا "هانزغيورغ" وهي الإسم الرسمي للمخابرات الداخلية خلال جلسة للبرلمان مقاطع فيديو يظهر فيها مقاتلون من تنظيم داعش الإرهابي وهم يقفون أمام جثث يهينونها وقد مثلوا بها وفي مقطع آخر تجد مقاتلا يفاخر بالرغبة في القتال لأنه سيجد من يذبحه وفي مقطع آخر يتحدث شباب بالألمانية وقد التحق 400 مقاتل ألماني بمقاتلي تنظيم الدولة وعددهم في ازدياد وحسب المسؤول السابق فقد عاد ما لا يقل عن 125 إرهابيا من سوريا إلى ألمانيا و25 منهم ثبتت مشاركتهم في الأعمال القتالية. وهناك 6200 سلفي في ألمانيا يدعمون مقاتلي "داعش" ويؤيدون فكره حسب الخبير شتايتبرع وماسن. وقد ذكر هانز أثناء جلسة برلمانية خريطة سوداء لألمانيا مبينا أنه كلما تورط الغرب في سوريا والعراق أكثر ازداد خطر تنفيذ المقاتلين العائدين هجمات في أوروبا وهناك تخوفات من عودة المقاتلين في معظم دول أوروبا ومنها إسبانيا وهولندا والنرويج وغيرهم رغم اتخاذهم للإجراءات الردعية والعقابية ضد الإرهاب ورغم الحيطة والحذر ومراقبة ومتابعة العائدين.