لا شكّ أن العدالة تمثل العصب الرئيسي لكل ما يحقق الحياة الكريمة للمواطن، لذلك عملت الجزائر منذ تولى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة سدّة الحكم على إصلاح هذا القطاع الحساس، ولا أحد ينكر بأن السلطة القضائية بالجزائر استعادت موقعها الطبيعي، وصار دورها بارزا في دفع عجلة التقدم ومسايرة تطور المجتمع، ولكن الإصلاح لا يمكن أن يتم، في يوم وليلة، دون تظافر الجهود المخلصة لهذا الوطن، ولقد كان الرئيس بوتفليقة واضحا في خطابه أثناء افتتاح السنة القضائية، ووضع يده على الجرح الغائر حين تحدث عن العوائق التي كانت تقف في وجه تطبيق قرارات العدالة، وتنفيذ أحكامها، وما صارت إليه الأمور بعد الإصلاحات التي انتهجتها الدولة من /تأمين التنفيذ الفعال والشامل لجميع الأحكام القضائية ضد أي كان ومهما كان، تحقيقا وتجسيدا لمبدأ سيادة القانون، والقانون فوق الجميع/ كما قال الرئيس بوتفليقة. ولعل قضية المجاهد محمد الشريف ولد الحسين، وهي القضية العضال التي تكون قد استوفت عقدها الثالث، من بين القضايا التي تعتبر مثالا حيّا على /العوائق التي تقف في وجه العدالة/، فالرجل تحصّل على أحكام كثيرة كي يستعيد حقوقه، ولكن قرارات العدالة التي أنصفته بقيت كلها حبرا على ورق، وليس أدلّ على ذلك من /محضر عدم امتثال/ حرره محضر قضائي تنقل إلى مدير قسم المنازعات على مستوى وزارة الأشغال العمومية كي يطبق قرار المحكمة بإرجاع /الشركة ذات المسؤولية المحدودة لصناعة لوحات الإشارة والتغطية/ إلى صاحبها، فردّت عليه مديرة القسم بالحرف الواحد: /إننا نمتنع عن التنفيذ/، فلم يجد المحضر القضائي غير تحرير محضر /عدم امتثال/ وبقيت الحال على حالها.. قضية ولد الحسين في سطور 27 ماي 1975 التأسيس القانوني للشركة الخاصة ذات المسؤولية المحدودة EPSR بموجب عقد حرره الأستاذ الموثق حنيش محمد ببن عكنون، مقرها ب16 طريق اولاد فايت. 12 نوفمبر 1975 وزارة الأشغال العمومية تصدر شهادة تحت رقم 002209IN/G تصرح فيها بأن الشركة الخاصة EPSR مرتبطة بوزارة الأشغال العمومية باتفاقية فيما يتعلق بإشارات الطرقات. 16 ديسمبر 1980 إلقاء القبض على السيد محمد الشريف ولد الحسين مدير المؤسسة ذات المسؤولية المحدودة EPSR بتهمة المساس بأمن الدولة، والحكم بسجنه خمس سنوات بالسجن العسكري بالبليدة. 10 مارس 1981 تعيين محافظ الحكومة السيد بهيجي محمد، لتسيير شركة EPSR بقرار من وزارة الأشغال العمومية، والقرار يحمل اعترافا ضمنيا بأن شركة EPSR تدخل ضمن القطاع الخاص. 06 أكتوبر 1984 المحكمة العسكرية بالبليدة تنطق ببراءة السيد محمد الشريف ولد الحسين من التهم الموجهة إليه بالمساس بأمن الدولة، بعد قضاء هذا الأخير مدة الحكم بالسجن. 25 أكتوبر 1984 المحكمة العسكرية بالبليدة تقضي بعشر سنوات سجنا نافذا في حق السيد ولد الحسين محمد الشريف مع تحويل كل ممتلكاته لفائدة الدولة، وذلك بتهمة تحويل ممتلكات عمومية، علما أن هذا الحكم لا يمكنه أن يشمل مؤسسة EPSR لأنها تمثل شخصا معنويا. 21 أكتوبر 1987 إصدار قرار وزاري مشترك يتم توقيعه من طرف وزارة المالية، وزارة الداخلية ووزارة الأشغال العمومية يقضي بتحويل ممتلكات شركة EPSR إلى المؤسسة الوطنية للأشغال العمومية SNTP الحميز. 02 نوفمبر 1987 تحرير محضر لجرد ممتلكات شركة EPSR لصاحبها ولد الحسين، والمحضر تم بين الرئيس المدير العام لشركة SNTP السيد بلحاج بكير، وممثل شركة EPSR السيد زدمية المعين من طرف والي تيبازة آنذاك السيد قدور لحول. 07 ديسمبر 1987 تحويل ممتلكات الشركة الخاصة EPSR من SNTP الحميز إلى الشركة العمومية ENPS بقرار وزاري. 27 ديسمبر 1988 مجلس قضاء البليدة يقضي بإلغاء الحكم الصادر عن محكمة الشراقة الخاص بإلغاء القانون الأساسي للشركة الخاصة EPSR . 26 أفريل 1992 المحكمة العليا تعين الخبير عزوقي حسين لإلقاء الضوء على خلفيات قضية EPSR . 10 نوفمبر 1992 المحكمة العسكرية بالبليدة تقضي بإعادة الاعتبار للسيد محمد الشريف ولد الحسين. 26 نوفمبر 1996 الغرفة الجزائية بالمحكمة العليا تقضي بنقض وإلغاء الحكم الصادر عن المحكمة العسكرية بالبليدة الصادر في 25 أكتوبر 1984 أين أدين السيد محمد الشريف ولد الحسين بتحويل أموال عمومية. 16 فيفري 1997 الغرفة الإدارية بالمحكمة العليا تقضي بإعادة ممتلكات ولد الحسين محمد الشريف، وإلغاء القرار الوزاري المشترك الصادر في 21 أكتوبر 1987 القاضي بتحويل ممتلكات EPSR إلى المؤسسة العمومية SNTP. 13 أفريل 1998 الغرفة الإدارية بالمحكمة العليا ترفض طعن وزارة الأشغال العمومية وشركة ENPS في حكم 16 فيفري 1997 القاضي بإعادة ممتلكات EPSR إلى السيد ولد الحسين محمد الشريف. 28 ماي 2002 الغرفة التجارية بالمحكمة العليا ترفض نهائيا طلب المؤسسة العمومية ENPS بإلغاء القانون الأساسي للمؤسسة الخاصة EPSR . 13 نوفمبر 2003 بلدية الشراقة تصدر شهادة تحت رقم 2729 تصرح فيها أن المؤسسة ذات المسؤولية المحدودة EPSR، ومؤسسة فان روسام، مؤسستان مختلفتان، تقع الأولى بشارع اولاد فايت، والثانية بشارع سويداني بوجمعة. وماذا بعد.. إن الوثائق التي تحصلت عليها /الشعب/ تؤكد في مجملها بأن المجاهد محمد الشريف ولد الحسين صاحب حقّ، والعدالة تصادق على هذا وتؤيده بأحكامها، ولكن قرارات العدالة لا تجد سبيلا إلى التطبيق على أرض الواقع.. ------------------------------------------------------------------------