شدد رئيس الجمهورية على ضرورة ترشيد التعاون مع البلدان الصديقة في مجال محاربة الإجرام العابر للأوطان وتوسيعه إلى أبعد حدوده في مجالات التنمية الحقيقية المستدامة، داعيا إلى جعل المؤسسات العقابية أماكن تسودها المنافسة في تحصيل العلم والمعرفة وكسب الحرف والمهارات مع التركيز على المهن والحرف التي تتطلبها السوق الوطنية للشغل. أشرف، أمس، رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة بالمحكمة العليا على تخرج الدفعة ال16 للطلبة القضاة وهذا على هامش افتتاح السنة القضائية 2008-2009، وتتكون الدفعة التي حملت اسم المجاهد المرحوم محمد قاسو من 269 قاض من بينهم 138 إمرأة و 3 قضاة من الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية. وخلال المناسبة سلم رئيس الجمهورية هدايا شرفية للعشرة الأوائل كما استفاد كل واحد من المتخرجين من جهاز للإعلام الآلي أهدته إياهم وزارة العدل. كما أهدى الطلبة المتخرجون هدية رمزية لرئيس الجمهورية عرفانا له على الجهود التي يبذلها في سبيل تطوير قطاع العدالة وعصرنته، ومن جانبها استلمت أرملة الفقيد قاسو هدية من طرف الرئيس بوتفليقة منحها إياها الطلبة المتخرجون. وخلال الكلمة التي ألقاها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة خلال هذه المناسبة، أبدى بوتفليقة ارتياحه للانخراط القوي للأسرة القضائية والتعاون الإيجابي من لدن عدد كبير من الفاعلين والهيئات والمؤسسات الوطنية من أجل النهوض بهذا القطاع من خلال تعزيز السلطة القضائية وترقية مستوى أدائها. وأضاف بوتفليقة أن إصلاح العدالة ليس برنامجا مؤقتا ولا هو قيمة ظرفية للمؤسسة القضائية في مرحلة من المراحل بل هو تعبئة دائمة ومستمرة لجميع الإمكانات والقدرات وحشد متواصل لكافة العناصر الفاعلة في ترسيخ وتجسيد مبادئ عدالة حقة يؤمن بها المواطن ويحترمها لما يجب أن يلمسه في القائمين عليها من استقامة في السلوك والمعاملة ومراعاة للعدل والإنصاف، واعتبر بوتفليقة أن من أهم مظاهر تباشير دخول إصلاح العدالة في مرحلة عدالة التقويم والحداثة استعادة السلطة القضائية موقعها الطبيعي وصار دورها بارزا في دفع عجلة التقدم ومسايرة تطور المجتمع عبر توفيرها الآليات والوسائل والطرق القانوية الكفية بضبط وتأطير الحياة العامة وضمان ممارسة الحريات والحقوق الأساسية وفقا لمبادئ حقوق الإنسان، وفي السياق أشار رئيس الجمهورية إلى أن مضاعفة تعداد القضاة إلى نهاية هذه السنة بما يقارب نصف تعدادهم في سنة 2004 وزيادة عدد مساعدي وأعوان القضاء في مختلف الوظائف والأسلاك بأضعاف مضاعفة والكل وفق شروط ومعايير مدروسة قد أفاد في تعزيز وتأطير الجهات القضائية والمؤسسات العقابية وتدارك النقص في الموارد البشرية للمؤسسة القضائية، ودعا بوتفليقة على صعيد آخر إلى ترشيد التعاون مع البلدان الصديقة في مجال محاربة الإجرام العابر للأوطان وتوسيعه إلى أبعد حدوده في مجالات التنمية الحقيقية المستدامة وهذا لضمان الأمن والسلم الدائمين لشعوبنا وأوطاننا، وأشاد بوتفليقة أيضا بدرجة تقدم وتطور المؤسسات العقابية التي صارت في تطبيقها للعقوبات السالبة للحرية بمثابة مراكز للتربية والتعليم ومحو الأمية وأماكن لتلقين عديد الحرف والمهارات للنزلاء على اختلاف جنسهم وأعمارهم وتباين نزعاتهم ودرجاتهم في الإجرام، وهو ما دفع ببعض المنظمات والدول الصديقة ذات النظام العقابي المتطور إلى إبداء استعدادها لمساعدة الجزائر في هذا المجال، ودعا بوتفليقة في هذا السياق المسؤولين والمشرفين إلى مواصلة جهودهم لجعل المؤسسات العقابية أماكن تسودها المنافسة في تحصيل العلم والمعرفة وكسب الحرف والمهارات مع التركيز على المهن والحرف التي تتطلبها السوق الوطنية للشغل والحرص على انتقاء إطارات ذات الكفاءة المطلوبة، حاثا المجتمع المدني على تقديم الدعم المناسب لذلك.