تعود بعد غد الذكرى المزدوجة ل 24 فبراير الموافقة لتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين وإعلان القرار التاريخي لتأميم المحروقات واسترجاع سيادة الدولة على قطاع البترول والغاز، لتستنهض الهمم وتحشد الطاقات التي تتوفر عليها البلاد من أجل تعزيز المكاسب الاقتصادية والاجتماعية. هما حدثان ولدا في نفس يوم 24 فبراير الذي يحمل رمزية ذات دلالات سياسية واقتصادية واجتماعية تعكس خيارات إستراتيجية ترمي إلى تعزيز كافة جوانب السيادة الوطنية ومن أبرزها تأمين الحقوق الاقتصادية والاجتماعية من خلال تمكين الدولة من إمكانيات تتطلبها مسيرة التنمية. وفي ظل الذكرى التي تلقي بظلالها على المشهد الوطني العام، تكون المناسبة مواتية للتقييم واستخلاص العبر من تضحيات أولئك النقابيين المؤسسين يتقدمهم الرمز عيسات إيدير وكذا العمال الذين جسّدوا قرار استرجاع السيادة على إنتاج ونقل وتخزين البترول والغاز وكسر شوكة الشركات الأجنبية التي استنزفت الموارد وحققت الثروات على حساب حق الجزائر حديثة العهد بالاستقلال في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. غير أن الظرف الراهن لا يسمح بالاكتفاء بإحياء الذكرى وذكر المناقب وإبراز الجانب التاريخي، بقدر ما يجب الحرص كل في موقعه على رد الاعتبار لتلك القيم الوطنية المستمدة من روح جيل أول نوفمبر، ومن أبرزها قيمة العمل والوفاء والإخلاص والتفاني في أداء الواجب، علما أنه لا يزال للنقابة العتيدة وقطاع المحروقات الكثير من العمل الذي يجب انجازه على مسار إعادة بعث منظومة الاقتصاد الوطني. بالفعل يواجه الاقتصاد الوطني تحدّيات خطيرة ناجمة عن نظام عالمي اقتصادي، يسعى رموزه من كبريات الشركات متعددة الجنسيات ومن ورائها دول إلى فرض سطوتها على الأسواق ومصادر الطاقة، ولعل أكبر تحد يكمن حاليا في إضفاء "حوكمة" على توظيف الموارد الوطنية وتوسيع مساحة الاستثمارات المنتجة. وليس مستحيلا على الإطلاق التمكن من تجاوز الظرف بكل تداعياته الصعبة الناجمة عن تراجع أسعار المحروقات، إذا تم التزام كافة الشركاء بمرجعية ال 24 فبراير سواء لتنمية موارد الطاقة والتوجه إلى مواجهة تقلبات الأسواق باعتماد الذكاء والاستشراف، أو لإعادة صياغة فلسفة العمل النقابي من حيث أنه- كما كان في الماضي- مصدر لليقظة ومضاعفة الجهود.