دقت الساعة التاسعة صباحا، أعلن وقتها قاضي جلسة هيئة محكمة الجنايات بمجلس قضاء البليدة عنتر منور، بداية استجواب المتهم عبد المومن رفيق خليفة، لتأتي حاسمة للجدل حول ملف مجمع الخليفة وفي مقدمته ملف الخليفة بنك. كانت الأسئلة مقترنة بما جاء في قرار الإحالة، حاول دفع التهم الموجهة إليه وتبرئة نفسه من كل جرم، وكانت البداية بالسؤال عن هويته ومولده وتكوينه وفي إدارة البنوك ومشواره المهني لتتوالى أسئلة أخرى، شدت الحضور وانصت الجميع يسمع كلام المتهم الملقب ب«الفتى الذهبي" باهتمام، في إحدى أكبر القضايا التي عرفتها الجزائر. بداية الاسئلة.. سأل القاضي المتهم عن اسمه وهويته وعن الصيدلية التي كان يملكها والتي ورثها عن والده، ورد بالإيجاب خليفة محاولا الظهور بأنه هادئ وغير متوتر، ثم أبلغه القاضي بالتهم الموجهة إليه، وعددها على مسامع الجميع، بأنه متهم بتكوين جمعية أشرار والسرقة والنصب والاحتيال وخيانة الأمانة واستغلال النفوذ والتزوير واستعماله والإفلاس بالتدليس. ثم واجه القاضي عنتر منور المتهم، بأنه رهن محلا تجاريا وسط الجزائر العاصمة، وقام بالتزوير في عقدين لأجل الحصول على قرض مالي من بنك التنمية المحلية. ثم عرج القاضي ووجه تهمة الرشوة إلى المتهم، بالقول أنه كان يقدم إغراءات لمسؤولين بالمؤسسات العمومية تلخصت في الامتيازات. رد المتهم خليفة جاء حسب كلامه بأنه كان يمتلك محلا ببلدية حيدرة في العاصمة، وواصل بالقول "عليكم سيادة القاضي الاطلاع على العقدين، وسيتبين لكم أنهما لا يخصان شركتي التي كانت تسيرها زوجته في تجارة الأدوية، ولكم أن تتبينوا إنني وقعت ضحية انتحال لشخصي واسمي، ولا علاقة لي بالشركة التي استغلت ذلك". ثم عاد القاضي منور وسأل المتهم عن تفسير لحصوله على قرضين ماليين في 1991، بقيمة 6 ملايير سنتيم والثاني بقيمة 5 ملايير سنتيم، وكان جواب المتهم عبد المومن صادما، حينما رد بالقول أنه يجهل بأمر القرضين، وأن القرضين كانا لفائدة شركة أخرى لا يملكها، وأن فيه قصد لتوريطه بشأن أمر القرضيين. ثم جاءت أسئلة عن كيفية توظيف لديه، وهل كانت مقراته ووكالاته مستأجرة أم مملوكة، ورد بأن البعض مستأجر والبعض الآخر مملوك، أما عن التوظيف فكان مسير كل وكالة مسؤولا عن ذلك وعددها 70 وكالة. القاضي يسأل عن كيفية إغراء الزبائن ثم سأل القاضي المتهم خليفة، كيف تمكن من جمع الزبائن واقناعهم بفكرة التعامل مع بنك خاص، ورد المتهم بأن الأمور كانت كلها لصالحه، حيث أن الوضع الأمني بالجزائر والاقتصادي في سنوات التسعينيات، كان يوحي بعجز في تقديم خدمة وتعامل يقنع الزبائن التعامل مع مختلف المؤسسات المصرفية، أي أن الخدمة البنكية وقتها كانت سيئة، ناهيك عن مشكل الحصول والاستفادة من قروض مالية، وكان الزبون بإمكانه استرجاع مدخراته البنكية في ظرف وجيز ودون بيروقراطية، ثم أن الفوائد المقترحة من بنك الخليفة كانت مغرية وتراوحت بين 7 إلى 13 بالمائة، والقروض بين 8 و10 بالمائة. وجاء سؤال القاضي بأن الطريقة المستعملة ستؤدي بالبنك إلى الافلاس، لكن المتهم خليفة رد على سؤال القاضي بأن على العكس من كل ذلك، كان للبنك طريقة في التعامل وسياسة خاصة به تعتمد على الربح في الصفقات العمومية. كيفية نقل الأموال والإجراءات المعمول بها.. وسأل القاضي عنتر منور، المتهم عن الإجراءات المتخذة في نقل الأموال من الوكالات التابعة للبنك، فرد عليه بأن فريقا مختصا تابعا لشركة مسؤولا عن ذلك، كان يجوب ولايات الوطن وأين تتواجد وكالاته، يقوم باستلام الشيكات والودائع المالية كل مساء، وكانت تساعدهم في ذلك شركة "امنال" المختصة في هذا الشأن، ثم تحول في الصباح على البنك المركزي بعد استكمال إجراءات داخلية إدارية بين أمين الصندوق والمحاسب، وهكذا كانت الأمور تحدث بكل بساطة. وعلى هذا المنوال تستمر محاكمة كواليس وأصداء من جنايات البليدة ^ كانت قاعة المحاكمة مملوءة عن آخرها وشدّ حضور هام لوسائل الإعلام والقنوات الأجنبية والخاصة. ^ تدخل محامي دفاع المتهم خليفة، وانتقد منهجية استجواب موكله من قبل القاضي، لكن رد القاضي جاء بأنه عليه احترام الإجراءات المعمول بها في محكمة الجنايات، وعليه أن يلتزم بها. ^أحدثت طرفة خلال سؤال المتهم خليفة، حينما أبدى ردة فعل من قنينة ماء معدني، حيث كان المتهم يشرب الماء كثيرا ورد القاضي على أنها قنينة ماء فقط فلا تخف. ^ طالب المتهم خليفة حضور محافظ بنك الجزائر لتقديم شهادته في القضية المتابع فيها. وعلق عن إنشاء قناة تلفزيون "خليفة تيفي" بأن الدافع هو قول الحقيقة كاملة. ^ بالرغم من أن المحاكمة، كانت تشد أعناق الجميع من أطراف دفاع ورجال إعلام، بقدر ما كانت مرهقة ومتعبة خاصة بالنسبة للذين لم يشهدوا المحاكمة في 2007.