كانت هند بنت النعمان من أجمل نساء أهل زمانها ولما علم الحجاج بن يوسف الثقفي بحسنها وجمالها بعث إليها ليخطبها وأنفق مالا كثيرا من أجل الوصول إليها وتزوجها، وجعل مؤخر صداقها 200 ألف درهم وذهب معها إلى بلد أبيها »المعرة« وأقام مدة طويلة ثم رحل بعد ذلك معها إلى بغداد. لا يسمح هذا الحيز بالحديث عن شجاعة وفصاحة هذه المرأة بالتفصيل، ولكن من المفيد تقديم الحقائق التالية: 1 في أحد الأيام دخل الحجاج عليها فرآها تنظر في المرآة وهي لا تشعر بوجوده وكانت فصيحة اللسان وأنشدت الأبيات التالية: وما هند إلا مهرة عربية سليلة أفراس تحللها بغل فإن ولدت فحلا فللّه درها وإن ولدت بغلا فقد جاء به البغل قالت هذه الأبيات وهو خلفها يسمع. 2 سمع الحجاج هذه الأبيات ولم يفعل شيئا وهو الشخص الذي يهابه الناس، انصرف عائدا ثم قرر طلاقها فبعث إليها وكيله فقال لها: يقول لك أبو محمد الحجاج كنت فبنت أي كنت زوجة للحجاج فبنت أي مطلقة طلاقا بائنا منه. 3 ردت هند بخير الكلام فقالت: واللّه كنا فما حمدنا وبنا فما ندمنا أي كنت زوجة له فما حمد هذا الزواج وطلقت منه فما ندمت على هذا الطلاق، وهذه ال 200 ألف درهم بشرى بخلاصي من كلب بني ثقيف. 4 علم الخليفة عبد الملك بن مروان بقصتها وعرف عن جمالها فأرسل إليها يخطبها لنفسه فلما قرأت كتاب أمير المؤمنين وافقت على الزواج منه فكتبت إليه قائلة: بعد الثناء عليك يا أمير المؤمنين لا أقبل الزواج إلا بشرط فإن قلت ما هو هذا الشرط قلت لك أن يكون الحجاج بن يوسف هو قائد محملي من بلدتي المعرة إلى بلدك التي أنت فيها وأن يكون ماشيا حافيا. 5 فلما قرأ عبد الملك بن مروان ضحك وبعث إلى الحجاج يأمره بتنفيذ الشرط، فلما قرأ الحجاج رسالة أمير المؤمنين لم يستطع المخالفة وامتثل لأمره وبعث إلى هند زوجته يأمرها أن تتجهز، وسار الحجاج وأخذ بزمام البعير يقوده بنفسه فإذا بها ترى الحجاج أمامها وجها لوجه فأخذت تنظر إليه وهي تضحك فأنشد يقول: فإن تضحكي مني في طول ليلة تركتك فيها كالقباء المفرج فردت عليه قائلة: وما نبالي إذا انقضت سلمت بما فقدنا من مال ومن نشب فالمال مكتتب والعز مرتجع إذا النفوس وقاه اللّه من عطبا بها ترى محمد وادفل