يقول الأديب الفكاهي: النويري: في الفكاهة راحة للنفوس إذا تعبت وكلت ونشاط للخواطر إذا سئمت وملت، لأن النفوس لا تستطيع ملازمة الأعمال بل ترتاح في التنقل من حال إلى حال، فإذا أعطيناها النوادر في بعض الأحيان عادت إلى العمل بجد ونشاط. لا يسمح هذا الحيز بالحديث عن الجانب الفكاهي في الحياة الإسلامية، ولكن من المفيد تقديم النماذج التالية: 1 رجع عمر بن الخطاب من الشام وبدأ يتفقد الرعية لمعرفة أحوال العباد والبلاد، فمر بعجوز فقالت: يا هذا ما فعل عمر؟ قال لها: أقبل من الشام سالما، فقالت: لا جزاه الل]ه عني خيرا. فقال: وما يدري عمر بحالك وأنت في هذا الموضع، فقالت العجوز: ما ظننت أن من يتولى أمور المسلمين تخفى عليه أحوالهم، فبكى عمر وقال: كل واحد أفقه منك يا عمر، ثم قال لها: بكم تبيعيني الظلم الذي وقع عليك من عمر؟ فلم يزل معها حتى اشترى الظلم ب 25 دينارا. أقبل علي بن آبي طالب وابن مسعود وقالا: السلام عليك يا أمير المؤمنين، وضعت العجوز يدها على رأسها وقالت: يا حسرتي شتمت أمير المؤمنين في وجهه! 2 دخل الشاعر حسان بن ثابت على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وقال: يا أمير المؤمنين إني لأجد ريح غسان، قال عمر: نعم هذا يول قدم من عندهم، فقال حسان: يا بن أخي هات ما عندك، قال رسول غسان: ومن أعلمك أن معي هدية؟قال حسان: يا ابن أخي إن جبلة ابن الأيهم رجل كريم من عصية قوم كرام... مدحته في الجاهلية فأعطاني شيئا كثيرا وحلف أنه لا يرى أحدا يعرفني بمكان إلا وأرسل لي معه هدية، فدفع له المال والإبل. 3 تزوج سعيد بن العاص هند بنت الفرافصة، فبلغ ذلك عثمان بن عفان فبعث كتابا يقول فيه: بلغني أنك تزوجت امرأة من كلب فاكتب لي بنسبها وجمالها، فكتب إليه سعيد يقول: إنها الفرافصة بن الأحوس وأنها بيضاء مديدة القامة، فكتب إليه عثمان بن عفان ثانية: إن كانت لها أخت أريد أنت أتزوجها، فلما قدمت على عثمان رضي اللّه عنه جلست معه ونزع عثمان غطاء رأسه، فظهر الصلع فقال: يا ابنة الفرافصة لا يهولنك ما ترين من صلعي، فإن وراءه ما تحبين، فسكتت ثم قالت: إني من النساء اللائي يفضلن الصلع في أزواجهن؟! 4 قال الأحنف لمعاوية: إن وليت أحدا من أهل بيتك لم تجد من يعدل عبيد اللّه ولا يسد مسده، فلما سمع معاوية هذا الكلام قال للحاضرين: اشهدوا على أني أعدت عبيد اللّه إلى ولايته، وبعد أن انصرف الحاضرون اختلى معاوية بعبيد اللّه وقال: كيف ضيعت هذا الرجل الذي عزلك وأعادك إلى الولاية وهو ساكت؟