الثقافة وسيلة مثلى لمحاربة الإنحراف تمّ أمس الإثنين بقصر الثقافة مفدي زكريا التوقيع على اتفاقية بين وزارتي الثقافة والعدل، تهدف إلى تشجيع النشاطات الثقافية بمختلف أشكالها داخل المؤسسات العقابية، في إطار إعادة إدماج المساجين وإبعادهم عن عالم الانحراف. وثمّن وزير الثقافة عز الدين ميهوبي مجهودات وزارة العدل في هذا المجال، فيما وصف المدير العام للمؤسسات العقابية مختار فليون هذه الخطوة ب«الوصفة العلاجية لإصلاح الذهنيات الانحرافية”. تأتي الاتفاقية كإطار للتعاون المشترك بين القطاعين، وتهدف إلى تشجيع النشاطات الثقافية والفنية داخل المؤسسات العقابية، وإعادة اعتبار الذات والاستقرار النفسي لدى نزلاء هذه المؤسسات. وتشمل مجالات التعاون تزويد المؤسسات العقابية بالكتب المختلفة الهادفة، وعرض الأفلام الهادفة من خلال السينما المتنقلة، والعروض المسرحية والمسابقات الفنية والأدبية، وطبع ونشر الأعمال الأدبية المنجزة، والتكوين في الكتابة الأدبية والرسم والموسيقى وغير ذلك من المجالات الثقافية. وتتضمن الاتفاقية آلية متابعة مستمرة، سواء على المستوى المركزي أو المحلي. حضر حفل التوقيع وزير الثقافة عز الدين ميهوبي، والمدير العام للمؤسسات العقابية مختار فليون ممثلا عن وزارة العدل، بالإضافة إلى عدد من الإطارات السامية بالوزارتين. وفي مستهل كلمته، اعتبر وزير الثقافة بأن المؤسسة العقابية عرفت تغييرات كبيرة على الصعيد التربوي والسلوكي، وقال مخاطبا إطارات وزارة العدل: “لقد نجحتم في منحها البعد الإنساني الذي نسعى إليه”. ووصف ميهوبي هذه الاتفاقية ب«الخطوة الإيجابية، فالثقافة يجب أن تكون في كل الفضاءات بما في ذلك المؤسسات العقابية”. ووصف الوزير مرحلة العقوبة بالحبس بأنها “مرحلة استثنائية في حياة البعض، ولكنها فرصة لإعادة تصويب الأخطاء التي وقعوا فيها”، مذكّرا بأن “الكثير من العباقرة خرجوا من السجون، والأمثلة على ذلك كثيرة”. واعتبر ميهوبي أننا “كمجتمع مطالبون بمساعدة هذه الفئة المنحرفة، التي لا يجب أن نسهم في زيادة انحرافها”، واستشهد بنتائج البكالوريا التي رأى فيها دليلا على تمسك بعض نزلاء المؤسسات العقابية بالتحصيل العلمي. وأكد ميهوبي أنه سيتم إرسال تعليمة إلى كل مديريات الثقافة عبر الوطن، من أجل متابعة تنفيذ هذه الاتفاقية، “التي نأمل أن تقلص من عدد المحبوسين وتسهم في جهود وزارة العدل”، يقول وزير الثقافة. وقال مختار فليون إن هو يفضل تسمية هذه الاتفاقية ب«البرنامج” الذي يهدف إلى إصلاح الشباب المنحرف، وهو أحسن وصفة علاجية لاستبدال الذهنيات الإجرامية بأخرى تحترم الأخلاقيات والقيم الاجتماعية النظيفة والسليمة. فالمسرح والمطالعة والأغنية والشعر والمنافسات الثقافية هي أفضل وسيلة لإعادة إدماج المنحرفين، والكثير من هؤلاء ساقتهم الظروف إلى الانحراف وتركوا مقاعد الدراسة ولم يسعفهم الحظ للتحصيل العلمي والثقافي الكافي. كما أكد فليون، على هامش حفل التوقيع، أنه سيتم إرسال مذكرة للنواب العامين من أجل تفعيل هذه الاتفاقية. وأشارت المديرة المركزية بوزارة الثقافة حليمة حنكور ل«الشعب” بأنه سبق وأن كانت هنالك تجارب مماثلة للنشاط الثقافي داخل المؤسسات العقابية، حيث عرفت ولاية سيدي بلعباس مسابقات وتظاهرات ثقافية في فائدة المساجين، الذين تجاوبوا وقدموا أعمالا في المستوى بالإمكانيات البسيطة المتوفرة. كما شهدت ولاية مستغانم مبادرة مماثلة في إطار مهرجان القراءة في احتفال.