خيار الاتحاد العام للعمال الجزائريين كان دائما الرهان على الحوار الاجتماعي انطلاقا من كونه شريكا لابديل عنه في الدفاع عن مصالح العمال.. الخط الذي دافع عنه الاولون منهم عيسات ايدير الى عبد الحق بن حمودة.. وبلخضر ودمان دبيح، وبن نيقوس. هؤلاء اشرفوا على الاتحاد العام عقب الاستقلال وسيروه وفق مقتضيات المرحلة الاقتصادية انذاك.. المتميزة بالانماط الانتاجية التي اهتدت اليها البلاد.. والجوهر في كل هذا هو ترقية الانسان الجزائري. انطلاقا من هذا فان المتغيرات التي حدثت في مسيرة هذا الوطن حتمت على المركزية النقابية التكيف معها نظرا لحساسية الظرف.. ونقصد التحول في المنظومة الاقتصادية الجزائرية التي قررت التخلص من الاقتصاد الاشتراكي المسير اداريا الى اقتصاد السوق.. هذه النقلة تطلبت مسايرتها من قبل الاتحاد العام.. خاصة ماتعلق بتطبيق الاصلاحات المتمثلة في حل المؤسسات وتسريح عمالها.. في هذه الاثناء سعت السلطات العمومية الى اشراك المركزية في سياستها هذه.. وهذا من خلال وضع آليات لمواجهة آثار الغلق، منها اقامة الصندوق الوطني للتأمين على البطالة. لم يكن الامر سهلا.. بل اضطرت الجهات التي كانت مكلفة بهذا العمل الى غلق حوالي الف وحدة اقتصادية وتسريح اكثر من 400 الف عامل.. واحالتهم على الصندوق السالف الذكر.. هذا الامر دفع انذاك بعبد الحق الى المطالبة بالحوار الاجتماعي الذي دشن في شكل ثنائية وثلاثية، هذه الصيغة اقامت ابعاد حوار مفتوح على كل المسائل الاجتماعية الحساسة وكذلك الملفات المهنية. هذا الحوار الاجتماعي اعطى نتائجه الايجابية من خلال الالتزامات والتعهدات التي جاءت في وثيقة العقد الاقتصادي والاجتماعي الذي كان بمثابة دفتر شروط يحدد بدقة مهام ومسعى كل من الحكومة وارباب العمل والمركزية النقابية. بالاضافة الى ذلك فان سنة الحوار الاجتماعي تزداد قناعة لدى الجميع خاصة لدى السلطات العمومية كذلك التي وافقت على الزيادة في الاجور.. وكذلك تسديد الرواتب المتأخرة لحوالي 23 الف عامل.. ومن جهتها ابدت المركزية النقابية تجاوبا كبيرا مع هذه الخطوة من خلال التزامها بوقف الاحتجاجات المهنية.. كما اظهر ارباب العمال نوايا حسنة في عدم تجاوز سقف معين من المطالب. وخيار هذا الحوار المنتهج اصبحت مثبتة في كل الاتفاقيات والمبرمة بين هذه الاطراف وهذا خارج العقد الاقتصادي والاجتماعي.. وهذا لمواصلة الطريق المعبد المتمثل في اعتبار الحوار قاعدة حتمية لامفر منها.