اكثر من ساعتين، قطعها الموكب الوزاري القادم بسرعة فائقة من العاصمة الى البويرة الاربعاء الماضي. وشق الموكب الطريق المكتض عن آخره بحركة المرور في الجهة الشرقية لولاية الجزائر وبومرداس، قبل بلوغ محطة الوصول والتوقف عند وتيرة انجاز الهيئات القضائية وفروعها المتباعدة في هذه الربوع الواسعة من الوطن الحبيب، وكذا متابعة عن قرب سير هذه الهيئات على ضوء الاصلاحات الجذرية المستمرة منذ سنوات، ليس فقط من اجل تكوين موارد بشرية وفق كفاءة معرفية تطالب بها القطاع، وعصرنة الهيئات، وتقديم خدمة نوعية بعيدة عن البايلك، بل، التقرب من مواطن تكسب ثقته من خلال الثلاثي المقدس الاستقبال والاعلام والتوجيه. ❊ خدمة بأسرع مايمكن وتكرست المصداقية اكبر لدى المواطن والمتقاضي، بعد قرار وزارة العدل واجراءاتها في وضع بريدا الكترونيا تحت التصرف. وهي آلية تمكن المواطن حامل الانشغالات والهموم، الدخول مباشرة في الموقع الالكتروني للوزارة حيث يتواجد في اعلى الصفحة عنوان البريد المذكور بصفة واضحة لاتقبل التيه والضياع. وتهدف هذه التدابير التي دخلت حيز التنفيذ منذ السبت الماضي، ارساء قواعد عدالة عصرية. تسهل الخدمة. وتعالج الانشغالات بأسرع مايمكن، بعيدا عن المرور بطريقة البريد الاعتيادي، ومايحمله من بطء في الرد على التساؤلات والطلبات وحتى ضياع الطرود احيانا وعدم وصولها الى أصحابها. فكيف اذن وضعية الهيئات القضائية والمرافق المساعدة للقضاء بالبويرة. وهل الأمور تسير على مايرام خاصة وان عملية الإصلاح العدلي، تستهدف بلوغ التناسق والتناغم في العمل القضائي، وتحركه كجهاز واحد، همه الاوحد ترك المواطن يبني علاقة ثقة مع العدالة، وينترع منه حالة الشك غير المؤسس في قصدها حيثما شاء لاستعادة حق ضائع، وطلب حماية منها تعيد له عزته وترفع له شأنه في وسط اجتماعي حبلي بالتجاوزات والاعتداءات والاخطاء، والجرائم وما اكثرها. ❊اسئلة تبحث عن أجوبة انها تساؤلات مطروحة، واجابتها تضمنتها زيارة وزير العدل حافظ الاختام الطيب بلعيز الى ولاية البويرة، وهي زيارة مكثفة للغاية، تفقد الوزير خلالها نشاط مجلس القضاء، واشرف على افتتاح المقر الجديد لمحكمة سور الغزلان، وفرع امشدالة التابع لمحكمة البوير. و عاين مشروع انجاز محكمة الاخضرية. واطلع على اشغال اعادة تأهيل المدرسة الوطنية لإدارة السجون. وعاين ورشة انجاز المؤسسة العقابية الجديدة. وفي كل محطة توقف، لم يكتف الوزير بالمعلومات والشروحات، لكن يسأل عن كل كبيرة وصغيرة غير سامح بأية فجوة وهفوة. وكثيرا مايفتح المجال لمسؤولي الهيئات القضائية لعرض اقتراحات يراها مناسبة لتأدية الخدمة كما ينبغي، وسير العمل العدلي بتلقائية وشفافية دون انتظار مؤشرات فوقية، وتدخل في كل مرة. بهذه الطريقة التي تعتمد قاعدة التقاسم الوظيفي، يصبح كل واحد في العمل العدلي مسؤول في دائرته يقدر مهامه، ويوليها العناية والرعاية دون حسابات، عدا حسابات ترقية القطاع واعلاء شأنه وجعله في مستوى الاستقامة والاقتدار والنزاهة. ❊محكمة للأخضرية بمواصفات معمارية واتضحت هذه المؤشرات في تفقد الطيب بلعيز مشروع انجاز محكمة الاخضرية في حدود الحادية عشر وعشرين دقيقة صباح الاربعاء. وهي محكمة تسلم في اكتوبر القادم بكلفة انجاز 335 مليون دينار، وتعوض القديمة في وسط الاخضرية، الضيقة، المهترئة المباني وغير الصالحة بالمرة لتأدية الوظيفة. وجاءت المحكمة الجديدة في سياق برنامج انجاز هيئات قضائية بمواصفات ومعايير معترف بها وعددها 125 محكمة وتضاف الى الهيئات المنجزة الاخرى وعددها 50 محكمة تنشط في ظروف اريح. وحرص الوزير في التأكيد على وحدانية الهندسة المعمارية وتناسقها في انجاز الهيئات القضائية مع اعطاء بعض التمايز حسب خصوصية المناطق.. وهذا الشكل المعماري، يعطي للمصالح العدلية والقضائية الثراء، ويزيدها تناغما ورونقا وجمالا. واتضحت مؤشرات العمل القضائي المكسر للحواجز، ومقرب المسافات مع المواطن، في توجيهات الوزير بلعيز وهو يفتح محكمة سور الغزلان في حدود الساعة الواحدة والنصف زوالا. فقد طالب الوزير مسؤولي القطاع بعين المكان بتخفيف الرقابة القضائية على من لم يرتكبوا تجاوزات من قبل، ولم تكن لهم سوابق عدلية.. وبهذا الاجراء، يساهم العمل القضائي، والحكم الصادر، من حماية المذنبين من السقوط في وكر اليأس والضياع. وتمنح لهم فرصة ثانية في تصحيح السلوك، والكف عن الانحراف ومايتبعه من انعكاسات خطيرة، تزيد من الفجوة مع المجتمع الذي لم يرحم على الدوام. ويبقى يلاحق من اخطأ بنظرات حارقة، حتى ولو بعد تلقي الجزاء، او التبرئة، وهذه النظرة للاسف كثيرا ماتولد لدى مرتكب الخطأ حتى ولو بسيط، روح الانتقام، وشرارة العداء مضيعة لديه فرصة الاندماج الاجتماعي، وترسيخ علاقات المودة والتسامح، تفرضها حالة الانسنة المطبقة على اكثر من صعيد قضائي، مثلما تشدد عليها الاصلاحات العدلية.. وتحترمها الى حد القداسة. ❊الوقاية.. والانسنة من هذه الزاوية شدد الوزير بعد الاستماع الى شروحات عن العمل القضائي في محكمة سور الغزلان، على تحمل القضاة المسؤولية والنطق بالاحكام وفق نزاهة الضمير ونقاء الاخلاق، وقوة القانون، ورأى ان القائمين على امور الاحوال الشخصية لابد ان يكونوا ذي اختصاص وتجربة. وان يكونوا متزوجين، يدركون مسؤولية الحكم والقرار في الجلسات، ويمنحون الفرص، لتصالح الزوجين المتخاصمين احسن من اصدار حكم الطلاق، ومايحمله من تداعيات خطيرة على استقرار الاسرة، والمجتمع. وعن قضايا الشتم والسب الاكثر استفحالا، بعد المخدرات، اوصى الوزير القضاة، باجراء تحريات ميدانية، وتحقيقات ودراسات، لمعرفة اسباب طغيان ظاهرة على اخرى. لأن هذه الدراسات التي تسند لاهل الاختصاص، تساعد على معرفة دقيقة للاسباب، ومن ثم تسهل اقتراح الحلول. وبهذه تعالج المشاكل من اساسها. وتقلع جذور انحراف واخطاء،.. وتسد عملية انتشارها، وتوسيعها ولم تعد الاحكام القضائية العلاج الانسب، في مثل هذه الحالات. ومن خلال الخروج الى الميدان، تساهم الهيئات القضائية في العمل الوقائي من جرائم باتت تتكاثر كالطحالب. وتصبح العدالة شريكا في حماية المجتمع من امراض متعددة، بدل ان تبقى جامدة في برجها العاجي تكتفي باصدار احكام تزيد من حرقة التطرف والانتقام وادارة الظهر للمجتمع من قبل اناس، يعتبرون انفسهم ضحية وضع وليس مذنبين. ❊ 20 يوما لتنفيذ الاحكام وبقدر ماكان ليناتجاه قضايا يمكن تبسيط امورها، وعدم التعامل معها بمغالاة وحدة، كان الوزير مشددا تجاه تنفيذ الاحكام وتبليغ اصحابها بها دون تماطل وانتظار.. وقال بلهجة حسم ان تنفيذ الاحكام لابد ان تتم في ظرف 20 يوما كاقصى حد. لان هذا الاجراء يعزز علاقة ثقة بين المواطن والمتقاضي. ويكرس مصداقية في جهاز العدالة. ويجعل المواطن يدرك حقيقة ان العدالة الجزائرية واجهته لاستعادة حق مهضوم. وانها تطبق المقولة المألوفة »ماضاع حق وراءه طالب«. وذكر الوزير كذلك على حتمية تسخير كل الإمكانيات للمواطن، وجعله يتولى بنفسه قضاء حاجياته دون الجري وراء الوسطاء، واعتماد اسلوب الاتكالية التي كثيرا مايتسلل منها اصحاب النفوس الضعيفة والشريرة، ويطالبون المواطن مبالغ مالية ورشاوي، مقابل خدمات في المتناول، تدركها يد المعني بالامر بصفة فورية لاتحتاج لالتوائية ووساطة. ويكسر هذا التلاعب، والتطاول، الاستقبال الحسن للمواطن، واعلامه، وتوجيهه،، وهي مسائل لم يسمح الوزير المساس بها، ولوح بأقصى العقوبات ضد المتهاونين، غير المقدرين للمسؤولية وضرب بيد من حديد كل مستخف بالامر، تتوقف فرق التفتيش الفجائية عند اخطائه وتهاونه. وفي المقابل، يكافأ من يؤدي الوظيفة على احسن حال. ويتقن عمله. ويرقى لاعلى المراتب والمستويات واتضح هذا في كلام الطيب بلعيز، لمدير المدرسة الوطنية لادارة السجون التي زارها في الواحدة واربعين دقيقة. وقال له انه سيعين مديرا للمدرسة الوطنية للقليعة، في حالة نجاحه في الادارة وتسير الامتحانات والتكوين. والتنظيم. وان الجهود التي يبذلها مدير المدرسة التي كونت 13603 متربص منذ نشأتها عشر سنوات مضت، لن تذهب سدى. ❊ 1200 متربص سنوي بمدرسة إدارة السجون وتكون المدرسة التي تخرج في السنة 1200 متربص يرتفع عددهم بعد توسيع مرافقها ومنشآتها خاصة وان الطلب عليها يزداد. واحتياجاتها تكبر وتعمل ملحقاتها بالمسيلة، وقصر الشلالة على الايفاء بالغرض المطلوب، من خلال التكوين النوعي الذي يأخذ في الحسبان الممارسة الميدانية دون الاكتفاء بالجانب النظري فقط. وتسعى المدرسة الوطنية لادارة السجون حسب مختار فليون مدير ادارة السجون واعادة الادماج الاجتماعي، الى كسب تخصصات دقيقة عبر البرامج الجديدة التكوينية، وتوسيع الشراكة مع نظيراتها الالمانية والايطالية والبريطانية، بعد الفرنسية والاسبانية. وتنصب مضمون الشراكة على توسيع المعارف والخبراء في مواجهة الجرائم المنظمة وتبييض الاموال. وهي جرائم عابرة للاوطان. تستدعي المواجهة الدولية من خلال اتفاقات التعاون حول تجسيد التشريعات الدولية لملاحقة المجرمين الذين تعدت انشطتهم حدود الدولة القطرية. والغاية من كل هذا، تهيئة الاجواء لتكوين متربصين وموظفين على اسس من الكفاءة اللائقة، تعزز مهنتهم في المساعدة على ادماج المحبوسين، وليس فقط الاكتفاء بتنفيذ عقوبة الحبس. وتعرف المدرسة حالة من الحركية والتوسع في المرافق جريا وراء رفع الطاقة الاستيعابية الى ازيد من العدد الراهن المقدر ب 450 مقعد . كما تجري الاشغال من اجل انجاز قاعة للرمي انطلقت بها الاشغال في اكتوبر الفارط. لكن المشكل التي يواجهها وجود بها عائلات، بعض اربابها في سن التقاعد، ولم تعد تربطهم اية وظيفة بالمدرسة،، ويتوجب ترحيلهم الى اماكن بعيدة عنها، واسكانهم قبل اتخاذ القرار. وشدد الوزير بلعيز على علاج هذه القضية مع والي ولاية البويرة، ويرى رئيس الدائرة التي طرح عليه الاشكال وسئل متى يمكن تسليم سكنات اجتماعية ايجارية لهؤلاء العائلات، ان المسألة تحل في ظرف شهر ونصف على اقصى التقدير، وتحافظ بعدها المدرسة على طابعها شبه العسكري. ولا يمكن بالمرة، تواجد بها عائلات غرباء عن السلك، عدا الذين يقطنون في السكنات الوظيفية وعددها محدود. وموقعها مدروس مؤمن، بعيدا عن التواجد في اي مكان حساس. لاتسمح به خصوصية المدرسة ولاتطالب بها طبيعتها. ❊ شهادات عن جوهر التغيير وفي كل محطة توقف بها الوزير، كان التركيز الشديد، منصبا على انجاز الهيئات القضائية في وقتها وبكلفتها ومعاييرها المعيارية. وقال بالمدرسة الوطنية للسجون بعد عرض مشاريع التوسع »الحمد لله الذي اصبحنا نرى فيه المنجزات تتم في ظرف اشهر معدودة بدل السنوات الطويلة المقدرة ب 10 اعوام او اكثر«. وهذه الوتيرة، من ثمار اصلاح العدالة، وهي مسألة توقف عندها الوفد الوزاري ببلدية امشدالة الواقعة في سفح الجبل المكسي بالثلوج عن آخره. وهي بلدية دشن فيها الطيب بلعيز فرع تابع لمحكمة البويرة لاول مرة، تقدم خدمات جليلة للمواطن بعين المكان، تبعد عنه هموم التنقل وكلفته ومتابعه الى عاصمة الولاية. وعن رؤيتها للتحولات التي مست القطاع العدلي، قالت لنا السيدة سعودي دليلة النائبة بالمجلس الشعبي الوطني، والمحامية ان الاصلاحات عرفت قفزة نوعية.. قربت العدالة من المواطن.. وان الوزارة المعنية وضعت كل الوسائل المادية في سبيل التقرب من المواطن، وتسهيل له مهمة الحصول على مختلف الوثائق والشهادات والاحكام. وعن تنفيذ الاحكام، قالت السيدة سعودي مقيمة، ان الاصلاحات والتعليمات والأوامر الصادرة من الهيئات، تؤكد على تجسيد هذه المسألة في اقرب اجل، وحددت ثلاثة اشهر للاحوال الشخصية مثلا. وعن كيفية تجسيد العصرنة في مجلس قضاء البويرة، ذكرت السيدة ان زيارة وزير العدل كشفت ان كل شيء مبرمج على اللوح الالكتروني. وهو لم يترك المواطن يسأل ويبحث عن الاحكام في جميع الاقسام مثلما جرى سابقا، لكن يعثر عليها من الشباك الموحد الذي يعطي رقم القضية والجلسات، ويسلم نسخة منها بصفة فورية لاتقبل الانتظار. وهذا الانتظار هو الذي شدد وزير العدل على تجاوزه بالمرة، ملحا على الاستقبال الحسن والاعلام والتوجيه في زيارة تفقد للبويرة انها ها في السابعة والنصف مساء، متوقفا عند ادق التفاصيل بالهيئات القضائية التي وضعت المواطن في اولى الاهتمامات.. وتدرك ان الاصلاحات لاتساوي شيئا اذا لم تنسج علاقات ثقة مع مواطن يقتنع حد الثمالة بان العدالة وجهته الوحيدة في استعادة حقه وحمايته من التجاوزات مهما كان مصدرها والجهة التي تقف وراءها.. ولم يعد عندها يخشى احد في رفع شكوى للعدالة، تعيد له كرامته وترفع شأنه. وتجعله مواطنا كامل بالحقوق والواجبات في مجتمع يعلو فيه العدل ولايعلى عليه.