حقق باحث عربي هدفا قوميا من خلال دارسة نشرت حديثا في كتاب باللغة الإنجلزية حول الفكاهة في العالم العربي والإسلامي ليتفهم الغرب أن العرب قد مارسوا الحرية الساسية منذ فجر الإسلام وحتى اليوم، وإن كان نجاح هذه الممارسة تتفاوت من عصر لآخر ومن مجتمع إلى آخر. لا يسمح هذا الحيز بالحديث عن الموضوع بالتفصيل، ولكن من المفيد تقديم المعلومات والحقائق التالية.1) الفكاهة والنوادرة التي وردت في الدراسة بعضها متداول ومعروف في الشارع العربي المعاصر أو شائع من خلال كتب كبار الأدباء العرب عبر التاريخ كالجاحظ وابن المقفع.2) تتناول الدراسة أشهر ظرفاء العالم الإسلامي وعلى رأسهم »جحا« الذي نال شعبية واسعة، حيث تنازع العرب والفرس والأتراك في نسبته إليهم وحمل جحا أسماء مختلفة، فنوارده في اللغة التركية منسوبة إلى الخواجة نصر الدين، وفي الفارسية منسوبة إلى الملا نصر الدين، ويصر العرب على نسبه إليهم، حيث ظهر فكاهي يدعى أبو الغصن بن ثابت من قبيلة فزازة وحمل لقب جحا.3) يبدو أن جحا شخصية شعبية تعبّر عن مشاعر الناس وأفكارهم في عدد من البلدان التي تشبهت بأحوالها ومراحل تاريخها، وقد يكون لوجود جحا واقعا تارخيا أضيفت إليه نوادر مماثلة في قوميات أخرى اعتنقت الإسلام وتفيد بعض المصادر بوفاة جحا في 168ه (776م) ويؤخرها الأتراك إلى القرن الثامن الهجري (الرابع عشر الميلادي ) ومهما يكن من أمر، فإن توارد جحا يصرف النظر عن أصلها وتاريخها فقد أصبحت جزءا من تاريخ العرب الشعب مكتوبا ومرويا، بحيث يمثل جحا شخصية العاقل الذي يصبح مجنونا أو العاقل الذي يتظاهر بالجنون ليستطيع التعامل مع المجانين في عالم الجنون.4) لجأ نجوم الفكاهة إلى طريق العرب المعهودة في السنين الماضي واختيار ما فيه من نوادر تلقى الظلال على الأوضاع المعاصرة ففي 1877 أصدر تلميذ جمال الدين الأفغاني صحيفة هزيلة »صاحب النظرية الزرقاء« ولما علم بصعوبة التعامل مع المحافظ البريطاني سافر منفيا إلى فرنسا ومن هناك أصدر عدد من الصحف بأسماء مختلفة واستخراج أساليب لطيفة لإدخالها إلى مصر، ولم تتمكن المحافظ البريطاني من منع دخول الصحيفة إلا بإتفاق عقده مع وكيلها المحلي وهو شراء الأعداد ال 500 المخصصة للبيع في مصر، ولما علم تلميذ جمال الدين الأفغاني بالخبر فقرر إرسال 1000 نسخة، 500 للإتلاف و500 للبيع بطريقة سرية وساعده المحافظ البريطاني على تصحيح وضعه المالي، حيث بقي زمنا طويلا ممول الصحيفة الهدامة حسب إعتقاده من حيث لا يدري.5) تذكر الدراسة السيد فارس الخوري رئيس وزارء سوريا الأسبق الذي يتحدد أصله من جنوب لبنان، وقد كان مشهورا بحجم رأسه الكبير وقد أمضى مدة أيام في البحث عن الطربوش يناسب رأسه إلى أن عثر على مطلوبه لكن البائع أراد استغلال الفرصة فطلب ثمنا إعتبره فارس الخوري باهظا، فقال البائع إذا وجدت طربوش في دمشق بحجم رأسك فأن أعطيك الطربوش مجانا فاجلبه إذا وجدت في دمشق رأسا بحجم هذا الطربوش فبعه بالثمن الذي تريد؟