يؤكّد الحاج أحمد سونة أحد الناشطين في شعبة تربية النحل بولاية المدية، بأن العاملين في المجال الفلاحي يضطرون للهروب من عملية تأمين منتجاتهم وغلاتهم وثرواتهم الحيوانية لدى البنوك والصناديق المختصة، كون الإجراءات المعمول بها في هذا المجال لا تزال حسبه معقدة جدا، شارحا هذه الوضعية وفق ما تعيشه هذه الشعبة الحيوية التي يعمل بها منذ سنة 1976، لذلك فإن الجهات المطالبة بتوفير خدمة التأمين حسبه تقوم بأمر نحالي هذه الولاية المعتمدين بوضع السياج لحماية صناديق العسل من السرقة، غير أن ذلك لا يمكن التجاوب معه عمليا في الميدان، على اعتبار أن جل مربي النحل في ظل محدودية امكانيات الرعي، يجبرون لنقل صناديقهم من مكان لآخر بحثا عن الأزهار والكلأ لتحسين وترقية انتاج مادة العسل، مشيرا في هذا الصدد إلى أنه ما فائدة تأمين النحالين إذا لم تكن فيه تعويضات مناسبة لهم في حالة الجفاف أو السرقة أو الإصابة بداء حشرة “فاروة” التي تقوم بالقضاء بصفة كلية على خلية النحل. وأضاف هذا النحال في حديثه بأنه في الوقت الذي يقدم فيه البعض من النحالين المؤمنين على المعالجة الميدانية للخلايا، تتعرض هذه الثروة الحيوانية (النحل) إلى انتقال العدوى من صندوق مريض لآخر لنحالين في حال اقتراب الصناديق مع بعضها البعض أو من خلال انتقال النحل في عملية بحث عن الغذاء، إذ يحمل بعض النحل العدوى من الخلية المريضة إلى الصحيحة، وبالتالي فإن النحال المؤمن يقع تحت رحمة النحال الرافض للعلاج أو ذلك الرافض للتأمين، مبررا من جهة أخرى عزوف الكثير من المشتغلين في المجال الزراعي عن تأمين أرزاقهم كما هو الحال بالنسبة لمربي المواشي والمعرضين سنويا إلى عمليات السرقة والتهريب، حسب تقارير المجموعة الولائية للدرك الوطني بسبب ضعف حملات الإرشاد الفلاحي على مستوى دوائر الولاية، لافتا الإنبتاه بأن مرد هذا العزوف هو غياب ثقافة التأمين لدى الفلاح. ويرى السيد أحمد معيش الأمين الولائي للإتحاد العام للفلاحين الجزائريين بالمدية، بأن مسألة عزوف مختلف الأطراف المشتغلة في المجال الزراعي عن تأمين غلاتهم وماشيتهم، مرتبطة بغياب ثقافة التأمين بالدرجة الأولى، مما يجعل هؤلاء وفي حالة وجود خسائر مادية في حرج كبير، بسبب عدم اقدامهم على التأمين، مذكرا في هذا المقام بأن هؤلاء كانوا يجبرون على دفع مستحقات التأمين نظير منحهم حصص من البذور، غير أنه بعد انفتاح السوق عاود هؤلاء عملية التهرب لأسباب متعددة، من بينها اعتقادهم بأن دفع حقوق التأمين هو من باب المعاملات الربوية. وأكّد هذا المتدخل بأن ضعف المستوى ومحدودية التعليم لدى الكثير من بين هؤلاء أو لدى أي طرف له علاقة بالجانب الفلاحي، يتولد عنه عدم الإطلاع على محتوى شروط وبنود إتفاقيات التأمين بين الزبون والصندوق أو موفر الخدمة، ما يجعل هؤلاء يصطدمون مع هزالة التعويضات مقارنة بما يتعرض له الزبون من خسائر أو ما يصرح به، معددا بهذه المناسبة تعداد هيئته بنحو أكثر من 60 ألف فلاح، من بينهم 20 ألف منخرط فقط بهيئته، مطالبا ببعث نشاط الإرشاد الفلاحي على مستوى البلديات. كما نبّه محدثنا بأن أحسن طريقة لبعث هذه العملية لا تتأتى إلا بتقريب الخدمة من الزبون من خلال اقناعه بضرورة التأمين كحل قانوني، خصوصا بعدما أقدم الصندوق الوطني للعمال غير الأجراء بهذه الولاية على فتح مكتب خاص لتأمين صاحب المزرعة بتعاضدية التعاون الفلاحي بعاصمة الولاية، على أمل توسيع هذه المبادرة بهذه التعاضدية على مستوى الدوائر.ا توجيهات جديدة على صعيد آخر، أوضح السيد محمد فرجاني، مدير الصندوق الجهوي للتعاون الفلاحي بالمدية، بأن مشكلة العزوف سببها غياب ثقافة التأمين، الأمر الذي أجبر الصندوق في السنوات الأخيرة حسبه تحت اشراف المدير العام للعمل بإصدار توجيهات جديدة من خلال عملية التوجه للفلاح في الميدان، بقصد النظر في حاجياته وانشغالاته، وتكييف المنتوجات التأمينية وفق متطلباته. واستطرد هذا المسؤول جملة توضيحاته، أن مؤسسته هي حاليا بقصد محاولة تأمين المحصول، بغض النظر عن قيمة التأمين، كون أن أولوياتها هي تأمين المنتوج، ومن ثم المطالبة بالحقوق التأمينة، بعد بيع الفلاح لمنتجاته، كاشفا في هذا الصدد بأن مصالحه قامت بتنظيم أيام تحسيسية لتحفيز الفلاح لأن يكون منخرطا في هذا الصندوق، وبغية اعلامه بأن يكون شريكا حقيقيا في مساعي مؤسسته، مؤكدا بأن الولاية تحصي أكثر من 20 ألف فلاح من بينهم سوى 1600 منخرط فقط، معتبرا بأن هذا العدد هو رقم ضعيف جدا مقارنة بما هو مستهدف. وأشار هذا المتدخل في حديثه، بأن صندوقه وعبر 07 مكاتب محلية، سيعمل على فتح باب الإنخراط لتمكين الفلاح من الإستفادة من عدة مزايا، من بينها منحه تخفيضات في سعر التأمين، السماح له بالمساهمة في تسيير الصندوق وتمكنيه أيضا من ضمان تأمين شامل للمحاصيل الزراعية، المواشي، ومنشآت الإستغلال بأسعار معقولة، مختتما بأن الصندوق له كل الإمكانيات المادية والبشرية للتقرب من الفلاح بقصد بعث ثقافة التأمين لدى الفلاح من جديد، إلى جانب مباشرتها لعملية تجديد مجالس الإدارة، حيث مطلوب اليوم من الفلاحين والمربين التجند لأجل إنجاح هذه العملية الهامة التي ستكون ما بين شهر فيفري ومارس القادم، من خلال انتقاء ممثلين لهم من ذوي الكفاءة، على أمل تقوية الإرشاد الفلاحي مستقبلا لتدارك مشكلة العزوف.