اتخذت الأحزاب السياسية المعارضة شعار مقاطعة جلسة التصويت على المشروع التمهيدي لمراجعة الدستور غدا الأحد، كحل لاستعراض عضلاتها أمام الرأي العام الوطني وكسب ود المواطنين، وهو الأمر الذي يراه مختصون أنه سلوك لجلب الأنظار وإلهاء الرأي عن الاختلافات الموجودة داخل الأحزاب، في وقت شاركت فيه المعارضة خلال جلسة المشاورات سابقا. رغم تأكيد تعليل المجلس الدستوري على عدم المساس بالمبادئ العامة للجمهورية والحريات والديمقراطية في مشروع التعديل الدستوري، وكذا منح الكلمة لرؤساء المجموعات البرلمانية كلمة خلال جلسة التصويت لإبداء رأيها مستقبلا في جملة مشاريع القوانين التي ستلي المشروع، إلا أن أحزاب المعارضة فضلت منطق رفض المشروع جملة وتفصيلا. وقدمت أحزاب المعارضة مبررات مختلفة لمقاطعة جلسة التصويت غدا الأحد في إطار الدورة الاستثنائية للبرلمان بغرفتيه وفق ما يقتضيه القانون، وحسب آراء المعارضة المتباينة قبيل جلسة التصويت فإن أسباب الرفض تأتي انطلاقا من عدم الأخذ بمقترحات بعض الأحزاب خلال المشاورات السابقة، إلا أن بعض الأحزاب أكدت مشاركتها لكن المقترحات لم توثق كلها، ولكن آراء مقربين من تلك الأحزاب، بررت المقاطعة بتخوف قيادات الأحزاب من عدم إلتزام نوابهم بالبرلمان بقراراتها القاضية بالإمتناع عن التصويت، أو رفض تعديلات مشروع القانون، والتصويت بذلك لصالح المشروع، مثل ما فعل البعض في تعديل الدستور سنة 2008، حيث صوتوا بنعم لصالح المشروع آنذاك، وهو ما تحرص على عدم تكريره هذه المرة، فضلا عن بروز خلافات واسعة بين المناضلين وقيادات بعض أحزاب المعارضة في الفترة الأخيرة، أظهرت تشتت الصفوف وضعف في قيادة القاطرة انعكس سلبا على توحيد المواقف في الكثير من القضايا. وبررت المجموعة البرلمانية تكتل الجزائر الخضراء أن مقاطعة جلسة التصويت نابع من يتماشى مع موقف أحزاب المعارضة معتبرة المشروع غير توافقي ومميع للمسؤولية السياسية، حيث أشارت مجموعة التكتل الأخضر في بيان لها أمس الأول تلقت «الشعب» نسخة منه إلى أن مقترحات عدة لا تتوافق ومبادئها السياسية. كما اعتبرت المجموعة البرلمانية لتكتل الجزائر الخضراء أن المشروع التمهيدي لمراجعة الدستور لم يلق مشاركة شعبية، وهو الأمر الذي يعكس تماما موقف ممثلي منظمات المجتمع المدني التي شاركت في المشاورات حول المشروع وقدمت مقترحات تهم الشعب بالدرجة الأولى، كما شهدت مشاركة شخصيات سياسية مختلفة الطوائف للأخذ بكل المقترحات. كما قدمت المجموعة البرلمانية لجبهة العدالة والتنمية موقفها بمقاطعة جلسة التصويت على مشروع مراجعة الدستور موضحة في بيان لها تلقت «الشعب» نسخة منه أن المبادئ التي تسير وفقها الجبهة لا تتوافق مع ما جاء به المشروع ما جعلها تفضل منطق المقاطعة، مشيرة أنه كان ينبغي التعامل بايجابية مع الأحزاب المعارضة خلال مسار المشاورات. ويرى مختصون في الشأن السياسي أن أحزاب المعارضة وجدت نفسها أمام طريق مسدود عشية التصويت على أسمى قانون في البلاد رغم الصلاحيات الواسعة التي قدمها المشروع ضمن مقترحاته الجديدة لاسيما تبني مشاريع القوانين، إلا أن المشهد السياسي في ظل المقاطعة يعبر عن مسار الديمقراطية، الذي احتضن المشروع منذ جلسات التشاور إلى غاية التصويت غدا. وتجدر الإشارة إلى تصريحات مختصين في القانون لهامش إبداء الرأي والاختلاف حول بعض المسائل، وهو انشغال كفله مشروع مراجعة الدستور، حيث أن جلسة التصويت ستشهد لأول مرة في تاريخ التعديلات الدستورية منح الكلمة لرؤساء الكتل البرلمانية لإبداء آرائهم حول ما بعد الدستور. وفي هذا السياق، تطرح إلى الأفق ملف القوانين العضوية التي ستواكب التعديل مباشرة سيما القوانين التي ستنظم عمل غرفة البرلمان السفلى، وقوانين في مختلف المجالات لتجسد خطوة نحو تعزيز ثمار الإصلاحات السياسية التي بادر بها رئيس الجمهورية، والتي تعد مكسبا هاما في المجال الديمقراطي، حسب بعض المختصين.