ناشد بختي بن عتو رئيس جمعية حماية مرضى السيلياك بسيدي بلعباس، على هامش اليوم التحسيسي الذي نظم لفائدة المرضى بضرورة التكفل الجدي بهذه الفئة التي تزال تعاني التهميش، بداية بعدم وعي المجتمع بماهية المرض والمعاناة المستمرة في توفير المواد الغذائية الخالية من الغلوتين، بالإضافة إلى قلة المسوقين والمنتجين لمثل هذه المواد وغلاء ثمنها إن وجدت، وعدم تصنيف المرض ضمن قائمة الأمراض المزمنة . أضاف رئيس الجمعية أن مرضى الولاية والذين يفوق عددهم 300 مريض، يعتمدون في علاجهم على الحمية بالتركيز أساسا على الإبعاد عن كل الأطعمة التي تحتوي على مادة الغلوتين، وهو المشكل الذي يعيق عملية العلاج بداية بقلة مادة الفرينة الخالية من الغلوتين والتي تفوق أسعار 800غ منها 240 دج وحوالي 700 دج لتلك المستوردة، الأمر الذي يرهق كاهل المرضى ويدفعهم إلى المطالبة بدعم هذه المادة وتوفيرها بالسوق المحلية. كما يعاني المرضى أيضا من مشاكل في التعرف على المواد الاستهلاكية الخالية من الغلوتين بسبب عدم وجود علامات تدل على ذلك في معظم المنتوجات وتعويضها برموز أحيان أخرى وهو ما يزيد من صعوبة قراءتها ويحرم المرضى من تناولها. وبهذا الخصوص تطالب الجمعية المنتجين الغذائيين وعلى اختلاف أنشطتهم بضرورة توضيح وجود المادة من عدمها في كل المنتجات لتسهيل التعرف على الأغذية المناسبة للمرضى. من جهة أخرى، تشكل مادة الذرة عائقا آخر يضاف إلى قائمة المشاكل، حيث يشتكي معظم المرضى من رداءة نوعية الذرة المتوفرة بالسوق المحلية والموجهة في الأصل لتغذية الأنعام، والفاقدة للكثير من خصوصيتها الغذائية، ناهيك عن انعدام المطاحن المخصصة للذرة أين يضطر المرضى لإستعمال المطاحن العادية على الرغم من احتمالية إختلاط المادة مع مواد أخرى من بقايا القمح بأنواعه وهو ما يؤثر سلبا على وضعيتهم الصحية أثناء تناولها وحدوث إختلالات في الحمية المتبعة. وفي ذات السياق، يضيف المتحدث أن مشاكل عديدة تؤرق المرضى وتدفع بالجمعية الفتية والتي تأسست سنة 2014، إلى الدفاع عن حقوقهم أهمها مشكل التصنيف،حيث لايزال مرض السيلياك من الأمراض غير المصنفة ضمن قائمة الأمراض المزمنة لدى مصالح الضمان الإجتماعي على الرغم من كون المرض ملازم لصاحبه مدى الحياة الأمر الذي يستلزم إدخاله في خانة الأمراض المزمنة للاستفادة من الامتيازات التي تقدمها الدولة في هذا المجال على غرار بطاقة الشفاء وبعض الأدوية التي يتناولها المريض للتعويض عن النقائص التي يسببها المرض وغيرها من الخدمات العلاجية، باعتبار أن جل المنخرطين في الجمعية من المرضى المعوزين وذوي الدخل المحدود. أما عن الجانب النفسي فأكّد رئيس الجمعية أنه من الأسباب التي تقف وراء أمراض عديدة تصيب المريض كحالات الإكتئاب، مرض التوحد وغيرها من الأمراض النفسية التي تعيق كثيرا العملية العلاجية وإمكانية التعايش مع المرض وتقبله، الأمر الذي دفع بالجمعية ومنذ تأسيسها إلى التكفل النفسي بالمرضى من خلال إخضاعهم لجلسات علاجية تحت إشراف مختصين وخلق نوع من الإحتكاك بين المرضى لإخراجهم من حالات الإنطواء والعزلة وتمكينهم من تبادل خبراتهم في التكيّف مع الحمية وسبل المحافظة عليها، زيادة على المساعدات المادية التي توفرها الجمعية وفي حدود إمكانياتها، خاصة ما تعلّق بمادة الفرينة الخالية من الغلوتين. وعن المشاكل التي تعيق نشاط الجمعية أكد رئيسها، أن المشكل الأساسي يكمن في إنعدام مقر خاص بالجمعية والذي من شأنه تسهيل عملية التكفل بالمرضى واستقبالهم، فضلا عن قلة الدعم المادي والمساعدة سواء من طرف السلطات المحلية أو المحسنين، بالإضافة إلى انعدام مخبر من شأنه تسهيل عملية الكشف عن تواجد هذه المادة المضرة بصحة المرضى وإجراء مختلف التحاليل المتعلقة بمادة الفرينة والذرة وغيرها من المواد الموجهة لمرضى السيلياك. هذا وكان اليوم التحسيسي فرصة للمرضى للحديث عن مختلف المشاكل التي تواجههم فيما يتعلق بالحمية التي يضطر عدد كبير منهم إلى عدم التقيّد بها نتيجة غلاء المواد الغذائية الخالية من الغلوتين، فيما راح البعض الآخر يسرد تجربته مع المرض، وكيف تمكّن من التعايش معه. ووجه آخرون مجموعة من الأسئلة والإستفسارات إلى الأطباء حول وضعيتهم الصحية ووضعية أبنائهم، في حين ارتأت أخريات تبادل بعض الوصفات والأفكار حول كيفية إعداد الأطعمة الخالية من الغلوتين. أما الدكتور مالح من مصلحة أمراض المعدة فقد أعطى للمرضى شرحا مفصلا عن المرض الذي يعد مرضا مناعيا يصيب الأمعاء الدقيقة وذلك لمحاربة الجسم لمادة الغلوتين وهي مادة بروتينية متواجدة في القمح والشعير والخرطال، حيث ينتج عن هذا المرض إلتهاب وتسطح في بطانة الأمعاء مما يؤدي إلى سوء إمتصاص المواد الغذائية ومن أعراض الشائعة للمرض إنتفاخ البطن، الإسهال، فقر الدم، تأخر النمو لدى الأطفال وكذا مرض هشاشة العظام بسبب ضعف امتصاص الكاليسيوم . هذا ويتسبب المرض وفي حال عدم إتباع الحمية بظهور أمراض أخرى كإلتهاب القولون التقرحي، مرض السكري، أمراض الروماتيزم، إرتفاع ضغط الدم، تصلب الشرايين،الربو وقد تتطور بعض الحالات لتتحول إلى سرطانات الأمعاء الدقيقة. ومن جهتها الدكتورة بوعناني أخصائية التغذية ركزت في مداخلتها على الحمية التي تختزل فيها كل طرق العلاج مؤكدة إلتزام المريض بها إلتزاما دقيقا وصارما، وفي هذا السياق قدمت مجموعة من النصائح والإرشادات للمرضى على غرار أنواع الأطعمة المستحبة والأخرى الممنوعة والتي تتقدمها تلك المصنوعة بالقمح بأنواعه والشعير والشوفان، كما نوّهت إلى ضرورة تناول البدائل من الفرينة المحسنة، كميات كبيرة الخضار والفواكه ونسب معتبرة من البروتينات الحيوانية. كما تطرقت أيضا لدور الأولياء في متابعة حمية أبنائهم باعتبار أن فئة كبيرة من الأطفال المرضى لا يتقيدون بحميتهم ودعت الأولياء لتوعية أبنائهم بمدى خطورة التخلي عن الحمية والمضاعفات الممكن حدوثها. أما الدكتور دويدي المختص في أمراض الجهاز الهضمي فقد تطرّق إلى طرق تشخيص المرض التي تبدأ بتحليل الدم للتأكد من وجود الأجسام المضادة لمادة الغلوتين، وإلى تقنية المنظار لتصوير جدار الأمعاء. وتمّ التطرّق لأسباب المرض التي لا تزال مجهولة بدليل احتمالية إصابة أي شخص لكن هناك عوامل تساعد على الإصابة كالعامل الوراثي، غياب الرضاعة الطبيعية لدى الرضع ومختلف المواد الغذائية المكررة والمحولة التي تحتوي مواد كيماوية وحافظة تؤدي إلى تلف الجهاز المناعي، كما ذكّر بالدور الهام للجانب النفسي للمريض في تقبل مرضه ومن تمّ التعايش معه والتقيّد بالحمية التي تعتبر العلاج الوحيد للحالة.