استغلت صفية جباري، رئيسة جمعية مرضى السيلياك لولاية الجزائر، اليوم العالمي لحماية المستهلك المصادف ل 15 مارس من كل سنة، لطرح انشغالات المرضى الذين يعانون من الافتقار لمنتج وطني ذي جودة. وقالت في حديثها إلى "المساء" بمناسبة تنظيمها يوما تحسيسيا ببلدية الرايس حميدو، "إنهم كمرضى، يعانون من حساسية تجاه مادة الغلوتين، ويطالبون بتحسين المنتج الموجَّه لهم على قلّته، ليرقى إلى المنتج الأجنبي الذي يتمتع بجودة عالية، غير أن الغلاء حال دون إمكانية شرائه". تقول رئيسة الجمعية إنهم رفعوا شعار "كلنا من أجل منتج وطني صحي"؛ لأن صحتنا كمرضى، رهينة بما نتناوله من أغذية من المفترض أن يجتهد المنتجون فيها لتكون صحية قدر الإمكان؛ أي أن تكون خالية من مادة الغلوتين التي تتسبب لنا في العديد من المشاكل الصحية، مشيرة إلى أن المنتجين الذين استثمروا في هذا المجال على مستوى الوطن، لا يتجاوز عددهم سبعة، يقدّمون منتجا لا يرقى إلى المستوى المطلوب، حيث إن النقائص تتمركز أساسا في النوعية؛ إذا ما قارنّاه بالمنتج الأجنبي، فإما أن يكون صلبا وقاسيا أو أنه يتفتت بمجرد طبخه سواء كان "كسكسا" أو أي نوع من العجائن، وهو الأمر الذي يؤثر علينا سلبا؛ لأننا نعتمد عليه اعتمادا كليا في غياب علاج لهذا المرض، الذي ينصح فيه الأطباء بالتقيد بالحمية فقط". وحول أهم طلباتهم كمرضى، جاء على لسان محدثتنا، أن الجهات الوصية اليوم، وهي وزارة الصحة، مطالَبة بإدراج مرض السيلياك في خانة الأمراض المزمنة، هذا من جهة، ومن ناحية أخرى لا بد أن يتم تدعيم المستثمرين الذين يعِدون منتجا خاليا من الغلوتين؛ لأن ضعف النوعية بالنسبة لهم مرجعه غلاء المادة الأولية غير المدعّمة، والممثلة في الفرينة، مشيرة إلى أن "الجمعية اليوم تحصي أكثر من 300 مريض انشغالهم الدائم الحصول على غذاء صحي لا يتسبب لهم في متاعب صحية". ومن ناحية أخرى، تشير رئيسة الجمعية إلى أن المشكل المطروح أيضا "يتمثل في غلاء المنتج الغذائي الموجّه لمرضى السيلياك، والمتوفر على مستوى العاصمة فقط؛ الأمر الذي يطرح أيضا حتمية أن يتم تأمينه في بعض الولايات". ومن جهتها جمعية مرضى الصدفية، هي الأخرى شاركت جمعية مرضى السيلياك في تنشيط اليوم التحسيسي؛ على اعتبار أن مرضى الصدفية هم أيضا يعانون حسب رئيس الجمعية أحسن بعداش من حساسيتهم تجاه بعض الأغذية التي تؤدي، حسب بعض الدراسات العلمية، إلى تهييج المرض، مشيرا إلى أنهم اغتنموا فرصة المعرض للتعريف بمرضهم وتحسيس المرضى وغير المرضى بكل ما يتعلق بهذا المرض، خاصة لكونه غير معد؛ باعتبار أن الإشكال الكبير الذي يعانون منه هو رفض المجتمع لهم خوفا من العدوى. رفضُ التقيّد بالحمية مرجعه غلاء المنتج المحلي احتكت "المساء" بعدد من المرضى الذين توافدوا على ساحة الرايس حميدو للاطلاع على مختلف المنتجات التي تم عرضها، والتي يُفترض أنها خالية من الغلوتين، ممثلة في بعض العجائن، بينما التفّت النساء حول الورشة المفتوحة على تعليمهن بعض الوصفات لتحضير الخبز أو الحلويات الخالية من الغلوتين. وفي حديثنا إلى السيدة بوزيدي حول مدى وفرة الأغذية الخالية من الغلوتين، قالت: "أنا مصابة بمرض السيلياك منذ 35 سنة، ولأني مجبرة على حماية صحتي من التدهور أتنقل إلى ولاية سطيف، لتأمين العجائن الخالية من الغلوتين؛ لسببين: الأول: عدم وفرة المنتجات بالعاصمة، والثاني لكونها أقل تكلفة؛ بحكم أني أشتريها من المنتج مباشرة". وتعلّق: "لا أخفيكم، أغذيتنا رغم كونها محصورة في بعض العجائن على غرار الكسكسي، غير أنها غالية جدا خاصة بالنسبة لمن لديهم أطفال مرضى. من أجل هذا نطالب بتدعيم الفرينة حتى يتسنى لنا الحصول على أغذيتنا، لا سيما أن مرض السيلياك، كما يشاع عنه، ينتشر بكثرة في العائلات الفقيرة". وهو ذات الانطباع الذي لمسناه عند الجوهر، التي اكتشفت إصابتها بمرض السيلياك منذ حوالي ست سنوات، تقول: "المنتج الوطني رغم ضعف نوعيته غير أننا كمستهلكين، راضون به، ولكن، في المقابل، نطالب، على الأقل، بأن تتم مراجعة الأسعار، لأننا نعتمد على هذه الأغذية في علاجنا بحكم أنه لا يوجد دواء شاف إلا الحمية، التي نضطر في بعض الأحيان إلى خرقها بسبب غلاء ما يسوَّق على قلّته، ونعرّض بذلك حياتنا للخطر!". من جهتها، السيدة واكلي أم لطفلين مصابين بمرض السيلياك، تقول إنها أضحت عاجزة عن تأمين ما يكفي من الأغذية الخالية من الغلوتين لطفليها؛ بسبب كثرة طلباتهما؛ فهما لا يكتفيان بما يجري تحضيره وإنما يرغبان في أن يكونا كغيرهما؛ إذ يشتهيان الحلويات؛ الأمر الذي جعلهما يفسدان حميتهما لإشباع بعض رغباتهما، غير أن النتيجة تكون وخيمة بسبب حساسيتهما لباقي الأطعمة التي تحتوي على الغلوتين، مشيرة إلى أن كل 300 غرام من الفرينة يعادل 120 دج، وهي تكفي معدل وجبة واحدة، وبالتالي هي غير كافية، خاصة للأطفال الذين تزيد شهيتهم للطعام بحكم النمو؛ من أجل هذا تضيف: "نطالب بمراجعة الأسعار، خاصة أن علاج مرضى السيلياك متوقف على ما يتناولونه من أغذية صحية". عبد المجيد ذيب منتج أغذية خالية من الغلوتين توفير المنتوج يتطلب دعم الدولة شارك عبد المجيد ذيب، منتج أغذية خالية من الغلوتين من ولاية سطيف، مرضى السيلياك يومهم التحسيسي، حيث قام بتأمين مجموعة من الأغذية المتمثلة في بعض العجائن والحلويات، ناهيك عن عرض بعض الوصفات المجرَّبة في صنع أغذية خالية من الغلوتين، مثل الخبز وبعض الحلويات كالرفيس وحلوى الطابع. وفي حديث خاص ب "المساء" حول الأسباب التي جعلته يستثمر في هذا المجال رغم أن أغلب منتجي مادة الخبز وحتى الحلويات يرفضون هذا المجال لكونه غير مربح، قال: "ما جعلني أستثمر في مجال الأغذية الخالية من الغلوتين أن في العائلة مريضا بالسلياك، ولأن الغذاء الخالي من الغلوتين هو العلاج الفعال لحماية صحته، فكرت، بحكم أني تاجر، في الاستثمار في المجال، حيث بدأت أوّلا باستيراد الذرة من إيطاليا، ومن ثمة نتكفل بطحنها ونُعد بها بعض العجائن مثل الكسكسي وبعض الحلويات". وأضاف: "الاستثمار في هذا المجال قليل، حيث نملك على مستوى كامل التراب الوطني، حوالي سبعة تجار فقط، أولوا عناية لهذا النوع من الأغذية، وذلك بسبب عدم وفرة الذرة التي لا يجري إنتاجها بكميات كبيرة في الجزائر، الأمر الذي يجعل ما نعده من منتجات، غالية الثمن، من أجل هذا نطالب كمستثمرين، الدولة بأن تدعّمنا في مادة فرينه الذرة، وكذا من حيث الآلات التي نعتمد عليها لتحضير مختلف العجائن لتلبية احتياجات هذه الفئة المريضة، التي تعتمد في غذائها على الإنتاج الوطني بنسبة كبيرة، بسبب غلاء المنتج الأجنبي. وعن عدم جودة المنتج المحلي الخالي من الغلوتين بإجماع المرضى، أفاد محدثنا بأنه كمستثمر، يسعى جاهدا لتحضير أغذية ذات نوعية وجودة في إمكانها أن تنافس المنتج الأجنبي؛ لأنه يراهن على اكتساب ثقة المستهلك للمنتج الوطني، غير أن قلة الإمكانيات تجعل بعض المنتجين يركزون على الكمية ويهملون النوعية، المهم، بالنسبة لهم، هو توفير المادة في السوق.