لا يمكن الإنكار أن ولاية عنابة، تتوفر على العديد من الحدائق المنتشرة عبر مختلف أزقة المدينة، لكن المهم ليس في الكم، وإنما في النوع وإذا ما كانت هذه الحدائق مهيّأة لاستقبال السكان للاستجمام والترفيه قليلا عن النفس، وتعمل على تقديم خدمات نوعية أو هي مجرد مساحات تحتل فضاءات لها وتستقطب زوارا يلجأون إليها في ظلّ غياب مرافق في المستوى. يشتكي زوار الحدائق العمومية بجوهرة الشرق بونة، من غياب الخدمات والمرافق الضرورية التي تضمن لهم الراحة والاستجمام، بعيدا عن صخب وضوضاء المدينة، حيث تنتشر بعنابة العديد من الحدائق التي عرفت البعض منها تهيئة لمساحاتها، لكنها في نفس الوقت تشهد تدني في خدماتها، وعلى وجه الخصوص غياب الأكشاك التجارية التي توفر لهم المستلزمات التي يرغبون فيها أثناء تجوالهم بالحديقة، مما يضطرهم لمغادرتها في كل وقت بحثا عن ما يرغبون فيه، وبخاصة إن كانوا بصحبة الأطفال الذي تكثر طلباتهم على غرار المشروبات الغازية والمياه المعدنية، ناهيك عن غياب المراحيض العمومية التي تعتبر ضرورية، خاصة وأن زوار الحدائق من مختلف الفئات لا سيما المسنين. محمد لامين سعدي أب ل03 أبناء أكد في حديث ل»الشعب»، أن وسط مدينة عنابة لا تتوفر على مرافق للترفيه بخدمات كاملة، مشيرا إلى أنهم يعانون حين اصطحاب أطفالهم للحدائق، وقال إن المرافق المهيأة للاستجمام بالولاية بعيدة عن أغلب السكان وتتطلب إمكانيات للوصول إليها كونها تتواجد بعيدا عن وسط المدينة، على غرار «سرايدي» التي تعتبر مرفقا للراحة والاستجمام بامتياز و»شطايبي» وجهة السياح بالدرجة الأولى، وهو ما أكده أيضا مرافقه سعيد لعمري الذي أكد على حاجة سكان الولاية لمرافق التسلية والترفيه بأتم معنى الكلمة، تكون ملجأ الجميع وليس للقلة فقط. مساحات معرّضة للنهب بالرغم من أن مصالح بلدية عنابة رصدت غلافا ماليا معتبرا، لإعادة تهيئة جميع المساحات الخضراء والحدائق العمومية بعنابة، من خلال تزيين مداخل الحدائق وتهيئة قنوات صرف المياه، والممرات ووضع أعمدة الإنارة، غير أن الحظ كان من نصيب البعض منها، وبقيت أخرى تعاني الإهمال وانتشار النفايات بها بسبب الرمي العشوائي للفضلات. وحسب سكان الولاية، فإن مافيا العقار، يعملون على استغلال الفرصة المناسبة لنهب المساحات الخضراء والحدائق المهملة لتشييد عليها مشاريعهم، على غرار ما حدث حسب روايات البعض منهم بحي «البرتقال» حين قرّر أحد الخواص تحويل المساحة المجاورة لمدرسة الفخارين إلى سكنات اجتماعية ومحلات، وهو ما قابله السكان لاسيما الأطفال بالرفض، حيث نظموا وقفة احتجاجية بهدف عدم استغلال العقار الذي يتواجد به ملعب للأطفال، وتشييد عمارتين من 5 طوابق، كما ندّد سكان حي 160 مسكن بالشعيبة ببلدية سيدي عمار باستيلاء أيضا أحد الخواص على مساحة خضراء توجد بين العمارات، وحوّلها إلى موقف محروس للسيارات والشاحنات في ظلّ صمت السلطات المحلية. وجهة سياحة بامتياز ينتظر سكان الولاية بشغف كبير الانتهاء من مشروع الحديقة المتوسطية ب»عين عشير»، الذي انطلقت الأشغال به منذ سنتين، مشيرين إلى أن الحديقة ستكون متنفّس المتعطشين لفضاءات الترفيه والتنزه، ويأتي هذا المشروع في إطار رغبة السلطات الولائية، وضع حدّ لنهب العقار عبر الشريط الساحلي للولاية المعروف بجماله وتنوع تضاريسه. ويتربع المشروع الذي رُصد له مبلغ 350 مليون دج على مساحة 65 هكتارا، وسيتميز بوجود شاليهات، حظيرة عملاقة لركن السيارات، بحيرة اصطناعية مزودة بنظام الألعاب المائية، ملعب، حوض أسماك، مسبح، مسرح الهواء الطلق إلى جانب أكشاك خشبية من شأنها توفير مختلف الخدمات لرواد الحديقة، والتي ستتخللها أيضا ممرات غابية وممرات للراجلين للاستمتاع بالمناظر الطبيعية، حيث تمّت مراعاة توفر المشروع على نسبة عالية من المساحات الخضراء المعشوشبة. ويرتقب أن يسلم المشروع هذه الصائفة، بعد أن أمر والي عنابة يوسف شرفة شركة الإنجاز، بإتمامه في آجاله المحددة، وفقا لما جاء في دفتر الشروط، حيث قاربت وتيرة الأشغال على الانتهاء، على غرار مدّ شبكات المياه والتطهير والإنارة العمومية. ومن المنتظر أن يكون مشروع الحديقة المتوسطية بعنابة، وجهة سياحية بالدرجة الأولى، حيث سيستقطب لا محالة على غرار سكان المدينة، الوافدين من مختلف الولايات، فضلا عن السياح الأجانب، كونه سيقدم منظرا طبيعيا خلابا يمزج بين المساحة الخضراء وزرقة البحر، على اعتبار أنه يطلّ على شاطئ عين عشير من أعالي هضبة مكسوة بأشجار كثيفة تمتد إلى أعالي جبال الايدوغ.