لخّص الأخضر الإبراهيمي خلال المحاضرة التي نشطها، أمس، بمجلس الأمة تحت عنوان «الثورات العربية: حقيقة... سراب أم مؤامرة؟» الأحداث التي شهدتها المنطقة العربية في عشر نقاط. وقال المبعوث الأممي السابق إلى سوريا في بداية مداخلته، إنه إذا اعتبرنا الربيع العربي ثورة فإننا نتحدث وفق هذا المنطق عن ثورات وليس ثورة واحدة وإذا سلمنا بأنه مؤامرة فهي مؤامرات متعددة حيكت لكل بلد على حدة. ولم ينف هذا الدبلوماسي المخضرم وجود تشابه بين هذه الدول من الجوانب التاريخية، السياسية رغم الخصوصية التاريخية والثقافية لكل بلد. الإبراهيمي اعتبر أن حادثة سيدي بوزيد التي أشعلت الأحداث في تونس محطة تاريخية، حيث كانت الشرارة التي ألهبت (الثورة التونسية). وأضاف، أن هذه الأحداث التي شهدها العالم بداية من سنة 2011 لم تأت من العدم، لكنها كانت نتيجة تراكمات وتطورات سابقة. وعاد وزير خارجية الجزائر الأسبق في هذا الصدد، إلى التدخل السوفياتي في أفغانستان واصطفاف كل من الولاياتالمتحدةالأمريكية والسعودية خلف المجاهدين الأفغان، وهذا بحسبه ما أنتج لاحقا أسامة بن لادن والأفغان العرب. وعن ذات التطورات عاد الإبراهيمي إلى الثورة الإسلامية الإيرانية الذي قال إنها بدأت إسلامية لكنها سرعان ما تحولت إلى ثورة شيعية وتجلى ذلك بوضوح خلال الحرب الإيرانية - العراقية وهي الحرب التي سمحت – بحسبه - للتيار الإسلامي في إيران من السيطرة على المشهد السياسي وانسحاب التيار العلماني. واعتبارا من الغزو الأمريكي للعراق – أضاف الإبراهيمي - وانفصال كردستان، ازداد نفوذ إيران في المنطقة، لأن واشنطن سلمت العراق إلى إيران على طبق من ذهب حين أعطت السلطة لميليشيات تابعة لطهران وكل هذه الأحداث والتطورات قال المحاضر، مهدت، مع أخرى، لما اصطلح على تسميته بالربيع العربي. وعن سقوط النظام التونسي ونظام حسني مبارك في مصر، قال الإبراهيمي إن الغرب أخطأ التقدير ولم يتصور أن النظامين سيسقطان بهذه السهولة. وأضاف، أن التقدير الخاطئ نفسه وقع فيه الإخوان المسلمون. وعن الحالة السورية قال الإبراهيمي، إن التقدير الخاطئ كان مقلوبا، فالكل راهن على سقوط نظام بشار الأسد خلال أشهر قليلة، على غرار ما حصل في تونس ومصر، في حين أن ذلك لم يحصل، والنظام لازال قائما وهذا ما ذهب إليه الروس منذ البداية، حيث كان لموسكو رأي مخالفا للغرب حيال مصير نظام بشار الأسد وهذا ما اعتبره الغرب وعلى رأسه واشنطن انحيازا من موسكو للأسد. في هذا السياق، أشار المبعوث الأممي السابق إلى سوريا، إلى الانقلاب المفاجئ في موقفي تركيا أردوغان وقطر على الرئيس السوري، بينما كانت هناك صداقة عائلية بين أردوغان والأسد من جهة والأسد وأمير قطر من جهة ثانية، لكن هذا لم يمنع الإثنين من التحول إلى ألدّ خصوم النظام السوري. أما عن سيناريوهات المشهد السوري مستقبلا، علّق الإبراهيمي الأمل على واشنطنوموسكو في حلحلة الأزمة السورية، نافيا أن تكون سوريا مهددة بالتقسيم، لأن ذلك – بحسبه - غير ممكن على الأرض، بسبب تواجد المسيحيين في مناطق عدة من سوريا وكذا العلويين الذي لم يعد يقتصر وجودهم على الجبل، كما كان في السابق. لكن لم يخف الإبراهيمي في الوقت نفسه مخاوفه من احتمال حصول سيناريو قاتم آخر في هذا البلد، وهو تحول سورية إلى صومال ثانية يسيطر على المشهد فيها أمراء الحرب. أما ما يخص المعضلة الليبية، فقد ألقى الإبراهيمي باللائمة على الرئيس الفرنسي ساركوزي تحديدا، وعلى التدخل الغربي، في الخراب الذي حل بليبيا. وقال إن هذا التدخل كان هدفه إفشال المحاولات الإفريقية الرامية إلى رأب الصدع وحل الأزمة في البداية. وفي تحليله للوضع في اليمن، اعتبر الإبراهيمي أن البناء القبلي في اليمن شبيه بذلك الموجود بأفغانستان، وقال إن التدخل فيهما سهل ولكن لا يمكن للمحتل البقاء مطولا. أخيرا، وفي ختام مداخلته، بالعودة إلى الجزائر، بعث الإبراهيمي برسائل طمأنة بدد من خلالها المخاوف حول الوضع في الجزائر، مؤكدا أن ليس هناك ما يدعو إلى ذلك، لأن الجزائر - بحسبه - محصنة، ولكن لم يخف في الوقت نفسه وجود محاولات خبيثة لزعزعة استقرار الجزائر وتهديد أمنها. وفي رده على سؤال «الشعب» عن مدى صحة ما تروّج له وسائل الإعلام عن محور قيد التشكيل بين الجزائر- طهرانوموسكو، قال الإبراهيمي إنه لا علم له بذلك، وأن الجزائر لديها علاقات طيبة مع إيران ومع روسيا ولكن لا يمكن إدراج هذا التقارب في خانة المحاور والتحالفات.