يصومون هذه السنة شهر رمضان في ظروف غير عادية لم يتعودوا عليها، يشبهونه بصيام الطفل لأول مرة، لأنه أول رمضان لهم وهم أزواج، التجربة لأغلبهم قاسية وصعبة، سألت «الشعب» بعض الأزواج الشباب عن يومياتهم الرمضانية بعيدا عن مساعدة الأم او الاخوة في تدبير شؤون المنزل.. فكانت لنا هذه الآراء. رجل آخر في رمضان منيرة بن والي، 25 سنة تزوجت قبل شهر فقط من حلول الشهر الفضيل قالت عن يومياتها كربة بيت حديثة: «الأمر بالنسبة لي اقصى من اجتياز امتحان البكالوريا لأنني وفي كل يوم انهض فيه من هذا الشهر الفضيل اجد نفسي امام امتحان شاق اهم اسئلته: ما هي الأطباق التي اطهوها اليوم؟ خاصة وان زوجي رجل متطلب، واكول و شره، ولا ادري ما اقول ايضا، لأنه انقلب رأسا على عقب وكأنني لم اعرفه يوما، فزوجي الصائم غير زوجي في الأيام العادية، ففي اول يوم قام بكسر كل شيء وشتمني بكل انواع السباب الموجود على وجه الأرض ولولا تدخل والدته لكان الأمر أسوا مما أتخيّل». واضافت منيرة قائلة: «في اليوم الأول من رمضان اعددت مائدة الافطار كما تعودت في منزلنا، ولكنه وجد كل ما قمت به بلا معنى لأن المائدة لم تكن كما تعوّد، ضننت في البداية انه يمزح ولكن ثورته وصراخه جعلاني اتسمّر في مكاني غير مصدقة لما اراه، فمجرد انني نسيت وضع القليل من «الحشيش» على صحن الشربة اصابه بنوبة جنون، لم تتوقف الا بتدخل والدته واخوته الذين اخبروني انه من الاشخاص الذين «يغلبهم رمضان»، وان الحي كله يتحاشاه في رمضان خوفا من الشجار معه بسبب او بدونه». واستطردت قائلة: «عندما تزوجنا ذهبنا الى تركيا لمدة خمسة عشر يوما كانت بالنسبة لي كالحلم لأنني ارتبطت اخيرا بالرجل الذي احببت ولكن بعد ايام فقط ومع حلول شهر الصيام اصبح بالنسبة لي رجل آخر لا اعرفه، فرغم انه اعتذر بعد الافطار وطلب مني تفهم حالته الهيستيرية بسبب الصيام الا انني لا استطيع تجاوز الأمر، لأن والدته ومنذ تلك الحادثة طلبت منا الافطار عندها طوال شهر الصيام، حتى تتفادى اي شجار اخر قد ينتهي بما لا يحمد عقباه، او كما قالت حتى اتعلم عاداتهم في رمضان فلا اقع في نفس الخطأ مرة اخرى، ولكن بالنسبة لي هو هروب الى الأمام لتغطي الأم على مساوئ ولدها الذي تزوجته رجلا لا مثيل له فوجدته بعد شهر فقط من زواجنا وبسبب عبادة جعلها الله لنا فرصة لاغتنام البركات والنفحات الربانية مجرد رجل يتلاعب بمشاعره طبق «شربة». العطلة المرضية لإنقاذ الموقف كاميليا بشيش، 27 سنة موظفة في مؤسسة خاصة للاتصالات، سألتها «الشعب» عن يومياتها كزوجة فأجابت: «صحيح انه اول رمضان لي كزوجة ولكنه عادي بالنسبة لي لأنني استطعت وخلال الشهور الماضية من معرفة أدق التفاصيل عن زوجي الذي والحمد لله ليس من الرجال الذين يعانون من القلق في رمضان لأنه بطبعه هادئ ومتفهم ربما لأنه تعود على ذلك مع اخواته اللاتي يعاملهن بكل احسان، ولكن وحتى استطيع القيام بكل الاعمال المنزلية في شهر رمضان التي تتضاعف فيه ارسلت عطلة مرضية الى المؤسسة التي اعمل بها، فإلى جانب بعد المسافة بين البيت ومقر عملي، التوقيت لا يساعدني لأن الدوام الاول في رمضان يبدأ من 10 صباحا الى 16 مساء والثاني من منتصف النهار الى 18 مساء وكلاهما غير عمليين بالنسبة لي». وأضافت كميليا قائلة: «حتى استطيع القيام بكل شيء قمت بتحضير 100 بوراكة وضعتها في المجمد قبل رمضان، ساعدتني في اعدادها اختي التي اعتبرها منقذتي لأنها من تنصحني ومن تساعدتني في إعداد مائدة الافطار والحمد لله اننا تزوجنا في عصر الهاتف النقال وإلا لكان الامر صعبا جدا بالنسبة لي، خاصة وانني لم اكن من الفتيات المحبات للطبخ في منزلنا، فوالدتي كانت دائم الاتكال على شقيقتي، اما انا فكنت مشغولة بالدراسة او العمل لذلك لم اجد الوقت الكافي لأتقن الأعمال المنزلية، ولكن احمد الله على ان زوجي ترعرع في منزل تعود فيه مساعدة اخواته وامه في الأعمال المنزلية لأنه وبكل بساطة يشفق عليهن». أساعدها ....وأتعايش مع الوضع محمد غومالي 39 سنة، تزوج حديثا من ابنة خالته، سألته «الشعب» عن يومياته الرمضانية كزوج فقال: «وجدت رمضان كزوج ورب اسرة مغايرا تماما لما عرفته سابقا كفرد في عائلة، فمن قبل لم يكن عليّ التفكير شراء مستلزمات الشهر الفضيل، او في مساعدة امي او اخواتي في ترتيب المنزل او لنقل في الاعمال المنزلية لأنهن كن يقمن بكل شيء دون طلب المساعدة من احد ولكن كزوج وجدت نفسي غارقا في طلبات لا تنتهي فمن الخضار الى الحبوب الجافة الى الفواكه بنوعيها الطازج والجاف، الى الأواني الى مساعدة زوجتي في الاعمال المنزلية لأنها حامل ولا تستطيع القيام بكل شيء لوحدها، المهمة شاقة وصعبة على رجل تعود النوم نهار رمضان والسهر ليله، حتى الأصدقاء الذي لم انقطع عنهم يوما اصبحوا من الماضي لأنني لا استطيع ترك زوجتي وحدها في المنزل وهي في تلك الحالة». واستغرب محمد قائلا: «الغريب في كل ما اعيشه ان زوجتي لم تستطع ان تكون مثل أمي قادرة على تسيير المنزل دون مساعدتي، فوالدتي كانت اما لا تستسلم لأي ظرف كان فرغم اننا كنا تسعة ابناء انا اصغرهم الا انها لم تتوقف يوما عن العمل، ولا اتذكر يوما ان والدي ساعدها في شيء، فحتى مستلزمات المنزل كانت هي من تشتريها، ولكن ربما رأيت التعب الذي عانته والدتي طوال تلك السنوات جعلني أرأف على زوجتي، خاصة وانها حامل، فاليوم اصبح الحمل مرضا يلزم المرأة السرير بعدما كان في الماضي حالة طبيعية لا يمكن ان تكون سببا في الامتناع عن القيام بالأعمال المنزلية التي كانت شاقة ومتعبة مقارنه بما تعيشه المرأة اليوم». وأضاف محمد قائلا: «أن تكون رب أسرة يجعلك أكثر رزانة ومسؤولية، فأنا تغيرت بشكل جذري ولولا ذاك لما كنت استطعت الاستمرار مع زوجتي إلى الأسبوع الثاني من شهر رمضان، والحمد لله انني من النوع الذي يتغير بسهولة وبسلاسىة، ربما لأنني اقدرها خاصة وأنها قادمة من منطقة نائية ويلزمها وقت لتتعود الحياة في الجزائر العاصمة». رتوش أخيرة هذه بعض الشهادات لأزواج يصمون لأول مرة رمضان في جو وظروف غير التي تعوّدوا عليها منذ سنوات طويلة ولكن يبقى الاكيد أن الكثير منهم يكتشفون الكثير من الطباع التي تميز شريكهم في هذا الشهر الفضيل لذلك يجمعون ان الشخصية الرمضانية لها حضورها الخاص وطباعها الخاصة، لذلك على كل واحد منهما ان يتحلى بالشجاعة ليرى الوجه الرمضاني لشريكه.