أخذ قانون المالية لسنة 2009 بعين الاعتبار الاشكالية المتعلقة بالعجز الكبير في الميزانية والخزينة مقارنة مع الناتج الاجمالي الخام الذي وصل الى حدود 135 مليار دولار سنة 2007 لتصنف الجزائر بذلك ثاني دولة في القارة السمراء، وعلاوة على هذا الطرح، لم يهمل القانون المبرمج في جدول اعمال المجلس الشعبي الوطني خلال الدورة الجارية التقلبات التي تعيش على وقعها سوق النفط وما قد يترتب عن التذبذب الذي تشهده الاسعار. لعل ما يميز قانون المالية للسنة الداخلة تكلفة بالمراحل الاخيرة للانتهاء من البرنامج التكميلي لدعم النمو وبرنامجي الجنوب والهضاب العليا الممتد بين 2005 و ,2009 الذي استفاد من غلاف مالي لإنجاز المشاريع التي يحتويها قدر أزيد من 13 مليار دج سوف يترجم بعد سنة 2009 باهتمام كبير بالمورد العمومي لتغطية الاعباء المتكررة التي قد تؤثر لوحدها على التوازنات المالية المستقبلية.ومرد إرتفاع ميزانية الدولة، إرتفاع قروض الدفع الخاصة بالتغطية المالية لسير مؤسسات الدولة والإستثمارات العمومية الجارية، كما أنه يترجم الاهتمام الكبير بميزانية الدولة على غرار السنوات الفارطة بعجز كبير في الميزانية والخزينة مقارنة مع الناتج الاجمالي الخام، ورغم ذلك واستنادا الى المختصين فان التوازنات المالية حاليا معقولة بفضل توفر الاموال في صندوق ضبط الواردات الذي يشكل وعاء للفارق بين منتوج الجباية النفطية المسترجعة ومنتوج الجباية النفطية الذي ادخل في الميزانية.ونظرا لهذه الاعتبارات فإن تسيير الاموال العمومية يتم على المدى المتوسط الذي يراعي الانعكاسات التي قد تنجم من تغير الاسعار الدولية للمواد الأولية وفي مقدمتها المحروقات وضرورة تأمين تمويل البرامج العمومية للاستثمارات المستقبلية ويتوقف الحفاظ على التوازنات على التمويل خارج الموارد العمومية لتسيير المنشآت القاعدية لاسيما ذات الطابع التجاري.وأعد تأطير الاقتصاد الكلي للقانون الجديد على أساس السعر المرجعي الجبائي لبرميل الخام المحدد ب 37 دولار نسبة صرف بمبلغ 65 دج للدولار الامريكي ونسبة تضخم لا تتجاوز 3,5 بالمائة واستقرار كلي في صادرات المحروقات ونمو بنسبة 10 بالمائة بالدولار الجاري في استيراد البضائع ونمو اقتصادي بنسبة 4,1 بالمائة عموما و 6,6 بالمائة خارج المحروقات.وفيما يخص الميزانية فإن تطور مداخيل وتكاليف الميزانية يترجم بعجز في الميزانيات يقدر بأزيد من 24,04 مليار دج وفي الخزينة ب 1604 مليار دج اي منخفضة ب 20,5 بالمائة و 13,7 بالمائة مقارنة بالناتج القومي الخام، مما يبقى على مستوى عجز الخزينة الذي ارتفع الى حدود 1604 مليار دج الذي يعتبر معقولا بالنظر الى امكانيات صندوق تنظيم المداخيل التي بلغت منتصف جويلية الماضي 4362 مليار دج.ويتوقع استقرار مداخيل الميزانية في سنة 2009 مقارنة بالسنة الجارية، تحت تأثير تراجع منتوج الجباية البترولية بنسبة 5,1 بالمائة التي تشكل 58,5 بالمائة في مداخيل الميزانية العامة وارتفاع بنسبة 10 بالمائة في منتوجات الجبائية العادية، مما سيترتب عنه بلوغ نفقات الميزانية 5191 مليار دج العام المقبل مقابل 4882 العام الجاري بزيادة بنسبة 6,3 بالمائة مردها ارتفاع ميزانية التسيير بنسبة 9,8 بالمائة وارتفاع ميزانية التجهيز ب 3,1 بالمائة وستسجل زيادة قدرها 231 مليار دج في نفقات التسيير ناتجة عن ارتفاع نفقات اجور مستخدمي الوظيف العمومي ب 876 مليار دج ونفقات تسيير الخدمات 153 مليار دج ومنح المجاهدين 109 مليار ودعم اسعار الماء والقمح والحليب المجفف.أما نفقات التجهيز فستبلغ 2597 مليار دج في 2009 بزيادة 31 بالمائة مقارنة بهذه السنة بعد ارتفاع ميزانية الاستثمار الى 2136 مليار دج بعد ما كانت لاتتجاور 1902 مليار دج انخفاض التخصيصات للعمليات على مستوى راس المال ب 25,2 بالمائة في ميزانية التجهيز التي تختم التكلفة المرصودة لمشاريع البرنامج التكميلي.يذكر أن قروض الدفع الممنوحة للفترة الممتدة بين (2005 / 2009) من أجل التغطية المالية للمشاريع 10574 مليار دج بنسبة تغطية تقدر ب 78 بالمائة وبلغت نسبة قروض الدفع 62 بالمائة، وتأتي هذه المعطيات موازاة مع الاجراءت المتعلقة بتبسيط النظام الجبائي وتشجيع الاستثمار ودعم جهاز مكافحة الغش الضريبي ودعم ضمانات الخاضعين الى دفع الضرائب.