كشفت مصادر حكومية مؤكدة، أن وزير المالية مراد مدلسي سيعرض على الحكومة المشروع التمهيدي لقانون المالية للسنة القادمة في اجتماع مجلسها المقرر تنظيمه اليوم، وهو المشروع الذي يقر بعجز جديد للميزانية العمومية في الوقت الذي يعيد فيه اعتماد أهم الأرقام التي تم تبنيها في قانون المالية للسنة الجارية منها السعر المرجعي لبرميل البترول المحدد ب 19 دولارا. سليم بن عبد الرحمان وأسرت مصادر مطلعة للشروق اليومي أن المشروع التمهيدي لقانون المالية الأولي لسنة 2007 لن يغير شيئا كثيرا مقارنة مع قانون مالية السنة الجارية، فمثل ما تم تقديره من عجز في الميزانية والخزينة العموميتين خلال هذه السنة يعاد توقعه السنة القادمة وهو نفس الأمر بالنسبة إلى نسبتي النمو والتضخم في حين سيتم الاحتفاظ بنفس السعر المرجعي لبرميل البترول موازاة مع مواصلة ميزانية التسيير في مسار ارتفاعها مقابل تراجع ميزانية التجهيز. وأفادت مصادرنا أن تأطيرات قانون المالية للسنة المقبلة تقدر أن يسجل الاقتصاد الوطني نسبة نمو ب 5.2 بالمائة وهو الاتجاه الذي تم تسجيله في السنوات الماضية ومقرر أن يستمر النمو ذاته بنسبة تفوق 5 بالمائة خلال سنوات مقبلة. كما أكدت مصادرنا أن نسبة التضخم المقرر اعتمادها في القانون ذاته تم تحديدها في مستوى 3.5 بالمائة وهي النسبة ذاتها المقررة في قانون مالية سنة 2006 حتى وإن كانت النسبة الحقيقية للتضخم المسجلة إلى غاية هذا الشهر ومنذ بداية جانفي الماضي لم تتعد 1.6 بالمائة مثلها مثل النسبة المسجلة في السنة الماضية حسب الأرقام المقدمة من الديوان الوطني للإحصائيات. وأوضحت المصادر ذاتها أن الزيادة في أجور الموظفين العموميين التي تم إقرارها مؤخرا وكذا التوجه إلى زيادة أجور عمال القطاعات الاقتصادية في بداية الخريف المقبل بالإضافة إلى الزيادة في معاشات التقاعد من الأسباب الرئيسية المؤدية إلى وصول نسبة التضخم الفعلية المتوقعة إلى مستوى 3.5 بالمائة وهذا بعد أن تم تسجيل استقرار في الأسعار على أرض الواقع خلال السنتين الماضية والجارية جعل نسبة التضخم بعيدة كل البعد عن نسبة 3.5 بالمائة المعتمدة في قانون المالية. من جهة أخرى، علمت الشروق اليومي أن السعر المرجعي لبرميل البترول المعتمد لإعداد الميزانية سيبقى في مستوى 19 دولارا في قانون مالية 2007 ولن يتم إعادة النظر فيه تأكيدا لما جاء به وزير المالية مراد مدلسي في الأسابيع الماضية خلال ندوة صحفية نشطها لعرض قانون المالية التكميلي للسنة الجارية وصرح حينها أن الحكومة لم تنظر بعد في مسألة مراجعة السعر المرجعي ذاته حتى وإن كانت أسعار البترول في الأسواق الدولية تفوق 70 دولارا، وهي أسعار تدعو إلى مراجعة السعر المرجعي بالزيادة فيه لتجنب أي عجز للميزانية والخزينة العموميتين. وبدلا عن هذا فضلت الحكومة تعديل المرسوم التأسيسي لصندوق ضبط الموارد البترولية لتغطية أي عجز يطرأ على الميزانية والخزينة من الأموال المجمعة في الصندوق التي تجاوزت 30 مليار دولار، وهو التعديل الذي يسمح للحكومة استغلال أموال الصندوق في حدود يجب ألا يجعلها تتراجع إلى أقل من 10 مليارات دولار، أي لها إمكانية استغلال في الوقت الراهن أكثر من 20 مليار دولار بداية من النصف الثاني من السنة الجارية باللجوء إلى تغطية عجز الميزانية والخزينة بما فيه المتوقع في قانون المالية وغير المتوقع في اتجاه يجعل اعتماد ميزانية إضافية كبيرة دون مراعاة صلاحيات البرلمان في المشاركة في إعدادها. هذا المنحى سيتم اتخاذه السنة المقبلة حسب ما أشارت مصادر الشروق اليومي، على اعتبار أن معدي المشروع التمهيدي لقانون المالية لتلك السنة يقدرون أن يمثل عجز الخزينة لوحدها نسبة 16.5 بالمائة من الناتج الداخلي الخام في حين أن عجز الميزانية سيكون أكبر بكثير من النسبة ذاتها، علما أن الخبراء الاقتصاديين يوصون بعد تجاوز عجز الميزانية نسبة 3 بالمائة من الناتج الداخلي الخام. العجز المذكور ستساهم فيه الزيادة في ميزانية التسيير بنسبة 4.1 بالمائة مقارنة مع الميزانية نفسها المعتمدة في السنة الجارية التي حددت في قانون المالية التكميلي لهذه السنة في مستوى 1439 مليار دينار بعد أن كان في حدود 1283 مليار دينار في القانون المالية الأولي في السنة ذاتها. الزيادة المرتقبة في ميزانية التسيير في السنة القادمة مردها المستجدات المتعلقة برفع أجور عمال الوظيف العمومي التي تترك أثرا ماليا إضافيا مقدرا ب 98 مليار دينار وكذا ما يتعلق بالزيادة في معاشات المتقاعدين. ومقابل هذا، ستخسر من جديد الدولة مداخيل أخرى في السنة المقبلة جراء دخول المرحلة الثانية من اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ في سبتمبر 2007 وهي المرحلة المتعلقة ببداية تفكيك الثلثين المتبقيين من التعريفات الجمركية المفروضة على السلع الأوروبية، علما أن بداية تفكيك الثلث الأول من التعريفات نفسها انطلق بداية من سبتمبر 2005، هذا التفكيك سينجر عنه فقدان الدولة لمداخيل جمركية معتبرة بالإضافة إلى خسارة ستسجل إثر تخفيض في ضريبة أرباح الشركات من 30 بالمائة إلى 25 بالمائة وكذا في الضريبة المفروضة على الأرباح المعاد استثمارها من 15 بالمائة إلى 12.5 بالمائة. من جهة أخرى، أوردت نفس المصادر أن ميزانية التجهيز ستتراجع السنة القادمة إلى مستوى 1800 مليار دينار بعد أن وصلت 4311 مليار دينار في قانون المالية التكميلي للسنة الحالية و 2376 مليار دينار في قانون المالية الأولي لنفس السنة. كما قالت مصادرنا أن المداخيل الجبائية البترولية سترتفع إلى مستوى 22 مليار دولار في السنة المقبلة في الوقت التي تقدر حاليا حوالي 18 مليار دولار و هي زيادة ترجع إلى استمرار ارتفاع أسعار البترول في الأسواق الدولية وما ينتج عنه من مداخيل إضافية من الصادرات المحققة في قطاع المحروقات. ومقابل ذلك يتوقع معدو المشروع التمهيدي لقانون المالية للسنة المقبلة استمرار ارتفاع الواردات الجزائرية بنسبة 8 بالمائة في الوقت يقدر هؤلاء الخبراء وصول نسبة ارتفاع الواردات مع نهاية السنة الجارية 10 بالمائة.