أبرز رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، أهمية التكوين المهني، ودوره الريادي في تحريك التنمية التي تراهن عليها الجزائر في خلق مناصب الشغل والثروة. وبيّن الرئيس خلال ترأسه جلسة استماع للقطاع أمس، مواصلة الجهود المضنية للنهوض بالتكوين المهني ووضعه في أولى الاستعجالات، باعتباره عامل أساسي في النموّ والبناء.وشدّد في وقفة تقييم لمسار القطاع الذي يعرف إصلاحات جذرية أوصت بها اللجنة الوطنية المنصبة لهذا الغرض، على حتمية، انفتاح المؤسسات أكثر على التكوين المهني، لاعادة تأهيل مستخدميها، وتجديد معارفهم وعلومهم، وكذا توفير تربصات للمتمهنين في دورات تكوين، تمهد لهم أرضية الانخراط في عالم الشغل، وتجاوز السقوط في أزمة البطالة. وهي أزمة تمس خيرة أبناء الجزائر، ولم تستثن حتى خريجي الجامعات ومراكز التكوين.فلا يعقل، أن تنشأ مراكز التكوين المهني، وتعزز ببرامج وتخصصات في غاية الأهمية، وتتولى تكوين جيل من المتسربين من المدارس الوطنية، دون مرافقة المتخرجين من حاملي الشهادات في الالتحاق بوظائف تلقوا بشأنها تكوينا وتربصا.لا يعقل أن تبقى مراكز التكوين المهني حبيسة هذه الوظيفة، تكتفي بالتكوين من أجل التكوين.. حسم الرئيس بوتفليقة هذا الإشكال، موضحا أن المتمهنين والمتربصين، الذين يحملون شهادات في تخصصات متعددة، لابد أن تفتح لهم أبواب التوظيف، ويسمح لهم بالمساهمة في تحريك المؤسسات الوطنية، وانتعاشها وانتشارها وترقية الاقتصاد الوطني الذي يبقى للأسف ولمدة طويلة في تبعية مفرطة للمحروقات ويسيطر عليه البترول بنسبة 98 في المائة.ولم تسمح الجهود الكبيرة، تشجيع الصادرات، وجلب إيرادات أخرى خارج المحروقات، لتأمين المداخيل في تحقيق النتائج المرجوة، والدليل، أن الصادرات خارج المحروقات، مازالت محتشمة، وتمثل نسبة ضئيلة للغاية، لا تتجاوب والطموح.ومنحت تشجيعات وتحفيزات لرؤساء المؤسسات وأرباب العمل، مقابل توظيف حاملي الشهادات العليا والتكوين، وتخص هذه التحفيزات، اعفاءات جبائية وجمركية، لكن لم تحض هذه العملية بالعناية والمتابعة، حيث لم تتحرر المؤسسات من عقدة التردد، ولم تساهم بالقدر الكافي الشافي في توظيف حاملي الشهادات.وهذا ما دفع بالرئيس بوتفليقة إلى مطالبة الحكومة من جديد، بالنظر في هذه المسألة واتخاذ كل ما هو أنسب لحل هذه الإشكالية. وذكر بالخصوص، بتحفيزات إضافية لفائدة المؤسسات والمستثمرين الجدد لإشراكهم أكثر في ترقية التكوين المهني وتشغيل حاملي الشهادات.وتشمل الإجراءات الجديدة كذلك، وضع أصحاب الشهادات في مجال التكوين والتعليم المهني في صدارة قائمة المترشحين ذوي الأولوية في الاستفادة من التحفيزات العمومية لتوفير مناصب الشغل عبر القرض المصغر، والمساعدات الموجهة للفلاحة والصناعات التقليدية.وبررت المؤسسات الاقتصادية حالة إحجامها على توظيف خريجي التكوين المهني، بغياب شعب وتخصصات ملحة تحتاجها وتطالب بها، وانتقدت أكثر من مرة برامج التكوين المهني، التي تفتقد لمهن يطالب بها السوق.ونادى الرئيس بوتفليقة في خرجات ميدانية وفي إشرافه على الدخول المهني، على تجاوز هذه العقبة، بمراجعة قائمة الفروع والتخصصات المعبر الوحيد إلى الوظيفة والمدخل الرئيسي لعالم الشغل.وعلى ضوء هذه التعليمات، جاءت المراجعة التي عكفت على رد الإعتبار للحرف اليدوية في قطاعات البناء والفندقة والصناعة التقليدية والفلاحة. وتسبب النقص الفادح في هذه الحرف، في تأخر مشاريع استراتيجية وبرامج يحسب لها الحساب. فلا عجب أن تحتل الحرف اليدوية 80 في المائة من التكوين المهني خلال الموسم الجديد في بداية أكتوبر الداخل.وهو إجراء، يتعزز بمخطط التكوين المهني الذي يحضر، غايته تجاوب مع احتياجات سوق العمل المحلي، وخصوصية المناطق الجهوية، بعيدا عن التوجه الأحادي الذي يضع كل مؤسسات التكوين في سلة واحدة ونظام واحد دون تقاسم وظيفي وتخصصات تطالب بها المنطقة، بحكم الضرورة والاحتياج والخصوصية... وهي تخصصات يعوّل عليها في إقامة أقطاب إقتصادية، بإمكانها إمتصاص البطالة، وانتعاش الاقتصاد الوطني في زمن المنافسة، وسقوط الحواجز والحدود عدا حدود النوعية والجدوى.