رغم دخول العطلة الصيفية في عدها التنازلي، تعرف مختلف شواطئ شرق العاصمة إقبالا كبيرا من المصطافين الراغبين في الاستمتاع بالبحر الى آخر يوم من العطلة، خاصة وأن الكثير من العاملين يفضلون الاستفادة من عطلتهم السنوية في شهر أوت. تنقلت “الشعب” إلى شاطئ “القادوس”، “ديكابلاج”، “لي كانديان”،”سيركوف” ونقلت لكم آراء المصطافين الذين وجدناهم بأعداد كبيرة، مقارنة بالسنوات الماضية. «القادوس” وجهتي المفضّلة محمد بن زيا، 48 سنة، موظف في احدى المؤسسات العمومية، وجدناه يستمتع مع عائلته الصغيرة بالرمال الذهبية وأمواج البحر لشاطئ “ديكابلاج”، سألناه عن المكان فقال: “استطعت الظفر بعطلتي السنوية في شهر أوت ما مكنني من الذهاب الى مختلف شواطئ العاصمة، خاصة الشرقية فأنا أفضلها عن غيرها، لأنها من جهة هي الأقرب بالنسبة لي وكذا أجدها الأجمل والأنقى، لذلك أتنقل إليها بصفة يومية رفقة عائلتي، فطفلاي يحبان هذا الشاطئ كثيرا خاصة وأنه بعيد عن الطريق الرئيسية، ما يعطيه طبيعة ساحرة وهادئة، خاصة في أيام الاسبوع، ربما لأن أغلب المصطافين انتهت عطلتهم الصيفية”. أضاف محمد قائلا: “في الماضي كانت مهمة التنقل الى البحر شاقة جدا لأننا كنا نجد صعوبة في الوصول الى شواطئ شرق العاصمة بسبب الاختناق المروري الكبير الذي تعرفه المنطقة، ولكن بعد أن رحلنا الى سكنات جديدة بعين الكحلة بهراوة، أصبح البحر بالنسبة لنا وكأنه في “الحومة”، بل أكثر من ذلك أصبحنا نفضل الذهاب إليه مساء، وتناول وجبة العشاء على رماله الذهبية، سواء هنا في “ديكابلاج” أو القادوس أو “لا بيروز” ، ولكن في شاطئ “لابيروز” الأمن بالنسبة للاطفال لأنه هادئ وغير عميق، ولكن صغره يجعله مكتظا بالمصطافين الى درجة تجعلك تشعر بالاختناق ولا تستطيع مراقبة أطفالك، خاصة عند نصب الخيام التي أصبحت كالفطريات أينما ذهبت تجدها في وجك الى درجة أنك جالس على شاطئ البحر ولكنك عاجز عن رؤية أمواج البحر”. كما لاحظ محمد أيضا نقص التربية البيئية لدى الكثير من المصطافين الذين لا يبالون بضرورة رمي الفضلات في المكان المخصّص لها، حتى وإن انعدمت، كما يقول محمد، يجب جمعها في كيس لرميها في أقرب مكان مخصص لرمي الفضلات، خاصة القارورات البلاستيكية و بقايا الطعام، لأن الشاطئ هو مكان للجميع وعلى كل واحد احترام الاخر بتركه نظيفا. «آتي كل سنة لأعرف أبنائي بسحر الجزائر” سهيلة شراي “39 سنة، مغتربة تقيم في فرنسا منذ ما يقارب الخمسة عشر سنة، سألتها “الشعب” عن يومياتها بالجزائر فقالت: “آتي الى هنا كل سنة لرؤية عائلتي وأصدقاء الطفولة بحيدرة، وطبعا ليتعود أبنائي على أصولهم الجزائرية وإن كانوا حاملين للجنسية الفرنسية، لأن والدهم من أصل فرنسي، ورغم أنه لا يستطيع المجيء معنا إلا أنني أحرص على أن أعطي أبنائي الثقافة الجزائرية حتى يكبروا مفتخرين بجزائريتهم، ولن يكون بقائي هنا دون الذهاب الى الشاطئ ومختلف الاماكن الموجودة للترفيه والتسلية، فقد زرنا حديقة التجارب والتسلية، مقام الشهيد، وقضيت عشرة أيام بعين تموشنت ومستغانم، وقد أعجب كثيرا أبنائي الذين وجدوا أمامهم أرضا غير التي تعودوا على مناخها وطبيعتها، أما الأسبوع الأخير من عطلتي فاقضيه في شواطئ العاصمة، خاصة الموجودين في الجهة الشرقية.” أضافت سهيلة قائلة: “الملاحظ ان الدولة تبذل مجهودات كبيرة لتهيئة الشواطئ لجعلها أكثر جاهزية لاستقبال المصطافين، ولكن هناك نقص فادح في المرافق السياحية والخدمات الفندقية، لا أدري لماذا ولكن الأمر يبدو فيه تناقض كبير لأن الجزائر بها من المناطق الساحرة على اختلاف طبيعتها من شواطئ الى غابات، إلى جبال الى صحراء، لم تتمكن الى يومنا هذا السلطات المعنية من توفير الخدمات اللازمة لاستقطاب أكبر عدد ممكن من السياح، فأنا بديار الغربة ألتقي الكثير من الأجانب المأسورين بطبيعة الجزائر ولكن نقص الخدمات والمرافق يجعلهم يترددون في اختيار الجزائر كوجهة لقضاء عطلتهم، وهذا أمر مؤسف.” نبيل- ج ، 16 سنة ، وجدناه تنقل بين شاطئ “لي كانديان” والقادوس” يبيع “ليبينيي” تحت أشعة الشمس الحارقة، ما جعل بشرته السمراء تخبر الناظر إليه بعدد الساعات التي يقضيها وهو يقوم بعمله من أجل جمع بعض المال، سألته “الشعب” عن العمل فقال: “أمارس هذه المهنة منذ سنتين، فبعد أن تحصل أخي على شهادة البكالوريا امتنع عن بيع هذه الحلوى، لذلك أخذت مكانه وأصبحت أبيعها بهذه الشواطئ لتوفير بعض المال للدخول المدرسي لأن عائلتي تعتمد على ما تنتجه الارض من خضار، ولذلك هم بحاجة الى مال أكثر لتأمين مصاريف الدخول المدرسي على الأقل أستطيع شراء كل ما أريده من مالي الخاص.” عن سؤال إن كان يتمنى التوقف عن العمل أجاب نبيل: “أتمنى ذلك، لأنني أرغب كثيرا بالاستمتاع بكل وقتي في العطلة الصيفية، ولكن الظروف لم تسمح لي بذلك، ولكن رغم ذلك أحاول الاستمتاع قدر الإمكان بشاطئ البحر فأنا كما ترين أبيع “ليبينيي” وعند انتهاء الكمية أسبح قليلا لأعود الى المنزل لإحضار كمية أخرى، فوالدتي هي من تحضرها، وهي تلقى رواجا كبيرا على الشاطئ، خاصة الاطفال الصغار فهم يفضلونها على كل شيء، فبعض الاولياء يحضرون معهم الطعام ولكن أبناءهم يطالبونهم بشراء هذه الحلوى التي لها سحر خاص على الشاطئ.” عبد القادر، 36 سنة، بائع في إحدى المحلات ببراقي، إلتقته “الشعب” بشاطئ القادوس، أين وجدناه رفقة أصدقائه يستمتعون بأمواج البحر، أكد في حديثه أن الشاطئ جميل جدا، ولكن هو بحاجة الى عناية أكبر خاصة فيما يتعلق بباعة الشاي و«ليبينيي” الذين صاروا يكتسحون الشواطئ و يرغمون المصطافين على شراء ما يبيعونه، وكذا الأشخاص الذين يبتزون كل قادم الى الشاطئ لكراء الكراسي والمظلات، بل ويتعاملون بعنف كبير وكان المصطاف بالنسبة لهم مجرد دنانير يربحونها في موسم الاصطياف، بل أستطيع تشبيههم بتلك النسور الجائعة التي تحوم في الصحراء باحثة عن فريسة، ورغم ان السلطات طمأنت المواطن، منذ بداية موسم الاصطياف، بمجانية الشواطئ، إلا أن الواقع عكس ذلك تماما، بل أصبحت كل الأرصفة حظائر وكل الشواطئ تحت رحمة مراهقين متعطشين للمال.