إلى الذين أرهقهم الإبحار في سفن المواجع، وتعطشت أرواحهم لراحة في واحة السكينة والسعادة بعد أن ضاقت عليهم الأرض بما رحبت ... عندما ينكسر صمود الأمواج على الصخور ... يُصفع الخيال بكف الواقع، وتعلم حينها أنّ لكل شيء نهاية، ستدرك آنذاك أننا عابري سبيل مراسيل لمسرحية الواقع، حينها نتجاوز أسوار الواقع ونصعد إلى أبنية الخيال، ونريد أن نرى الدنيا بلونها الوردي، لنستنشق عبير الزهور دون أن تعكّره لحظة النشوة بألم الذكريات، نريد أن نتحدّى الواقع ونؤمن بالحب والإخاء في عالم لا يؤمن به، ولكن... لما هو عالمنا مقلوب ... نبحث عن البسمة وقد تاهت بالأنانية والتمرّد على الذات، ولما لا يكون لسعادتنا أساسا متيناً يقاوم أعاصير الأحزان، لما في عالمنا المسلوب الشمس ترفض الأفول والليل يحجب وضوح القمر، متى لظلام الأقدار أن يرحل ونعود مرة أخرى نضحك ونفرح، لقد زادت قسوة هذا الزمان، وطالت ليالي الأحزان. عالمنا لحظة صمت ... لحظة حداد نقف فيها حزناً على جثث قلوبنا، وسنعزف معاً لحن الحزن على نغمات الوتر حتى ينقضي العمر من عذاب الألم، الشقاء، العناء، عاصفة هموم تتكرر ولن تنتهي، طالت بنا رحلة السفر، وتهنا في مطارات الحزن، ذاب الهدوء بقلب السكون ورأينا بنظراته الذهول، والدمع أتعبه الهطول... عندما نعجز عن التفكير ننسى، وعندما نحب نقسى، وعندما نكره نجامل، ولماذا الضحك وقته قصير، وللهم الحصة الأكبر، ولماذا سيظل الفرح مبتور من عالمنا وغارقً في الصقيع، إلى متى نقتل أحلامنا بالتعثر والسقوط واليأس في كبرياء الصمت المجهول، لماذا أصبحت شوارعنا تنتحب، والطرقات باردة، والأنوار باهته، والوجوه شاحبة، والقلوب دامية وقاسية، لماذا لم يعد على هذه الأرض من يفهم ماذا نقول، لماذا لا ينقطع الخيط الدموي وتشرق الشمس من جديد. لا أعلم ماذا أقول بعد ... عفواً ... لقد توقف القلم.