عاشت المؤسسة العقابية بالحراش، أمس، أجواء احتفائية بهيجة بليلة القدر المباركة، كرمت خلالها المحبوسين من حفظة القران الكريم وترتيله وتجويده، والفائزين في المسابقات الفكرية والثقافية من كل الأعمار والأصناف. وهي مسابقات نظمت بالتعاون بين مديرية إدارة السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي ووزارة الشؤون الدينية والأوقاف والكشافة الجزائرية وجمعية ترقية الشباب. وجرى حفل التكريم الذي زادته حرارة وانتعاشا ''فرقة البدائع'' التي أطربت الجمع بأنشودة دينية تمدح فيها خاتم الأنبياء والرسل محمد (صلى الله علسه وسلم)، بحضور مختار فليون المدير العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي وإطارات وزارة العدل والمنتخبين المحليين وممثلي المجتمع المدني، يتقدمهم نور الدين بن براهم القائد العام للكشافة الجزائرية ، وعبد الرحمان برقي رئيس جمعية ''أولاد الحومة''، والسيدة بن شلابي عائشة رئيسة جمعية ''ترقية الفتاة''. وكشف، الحفل الذي ترك فيه الجميع بصماتهم، كم هي مجدية مهمة إعادة إدماج المساجين وتهيئة المحيط لهم للعودة، ثانية، إلى المجتمع بصورة أخرى، بنائية، مكسرة لمسببات الأخطاء والسقوط الحر في الجريمة. وترجم بدقة الحرص الذي توليه وزارة العدل في التكفل بالمساجين وفعل المستحيل من اجل إعادة إدماجهم بروح جديدة وعقلية جديدة تزيل كوابيس الانحراف مهما كانت، وهي مهمة تتقاسم وظيفتها مختلف الهيئات دون ترك عبئها على القطاع العدلي وحده. أكد، على هذا الطرح، المتدخلون في الحفل الذي حمل التمايز والخصوصية، تناسب والمقام الديني لشهر رمضان الكريم، لا سيما من جانب ليلة القدر المباركة وما تحمله من معنى ودلالة وبعد. وشددوا على أهمية الالتفاتة للسجين التي تعد حقا وواجبا في آن واحد، وعدم تركه وشأنه في العزلة والتهميش اكبر خطر لإعادة الإدماج الذي يدرج في قائمة أولويات إصلاح المؤسسات العقابية وأنسنتها. وشدد عليه مختار فليون المدير العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج. وقال في تصريح ل ''الصحافة'' أن عملية تكريم النزلاء من كل الأعمار بما فيهم الأحداث، والأنشطة ذات المضمون الديني والثقافي المرتبطة بالشهر الفضيل جرت على مستوى ثلاث مؤسسات عقابية ضمن برنامج إعادة الإدماج الذي تشارك فيه جمعيات من المجتمع المدني، منها الكشافة الجزائرية التي تنشط في كل السجون بناء على اتفاقية أمضيت منذ خمس سنوات. وذكر، فليون، بان مديرية إدارة السجون تتعامل مع 65 جمعية من اجل تمهيد الأرضية لعودة المحبوسين إلى أحضان المجتمع، مسلحين بشهادة مهنية أوتعليمية تقيهم شر الضياع، وان المهمة النبيلة تكسب قواها وجدواها واستقامتها بتجاوب تشكيلات المجتمع مع السجناء والكف عن ملاحقتهم بنظرة حارقة تجعلهم مجرمين إلى يوم الدين حتى بعد نفاذ العقوبة. ودعم هذا الطرح، بودريع علي، مدير سجن الحراش بالتركيز على مغزى الحفل في هذا الظرف وغاياته المقدسة المتمثلة في إعادة إدماج النزلاء كل الرهان. ومن جهته، شدد نور الدين بن براهم، القائد العام للكشافة على الحدث، وحمل المنتخبين والجمعيات مسؤولية إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين دون اقتصارها على هيئة معينة، هي مسألة مندمجة فيها الكشافة كلية بناء على عقد اتفاق امضي منذ خمس سنوات أعطى النتائج المرجوة، تثبتها إعادة إدماج 85 محبوسا نفذت عقوبتهم. وكشف لنا، بن براهم، عن مشروع سيعرضه على بن بوزيد، قريبا، من اجل فتح لجان كشفية بالمؤسسات التربوية من اجل محاربة العنف والانحراف، وتحصين النشء الصاعد من الأمراض الاجتماعية المتفشية بكثرة تستدعي التحرك العاجل للوقاية من الخطر. ولم تتأخرجمعية ''ترقية الفتاة'' عن الركب، واندمجت في الصيرورة، منذ مدة، عبر برامج موجهة للمحبوسات تساعدهن على إعادة الاندماج بلا كلل ولا ملل، وقالت لنا السيدة بن شلابي عائشة، رئيسة الجمعية، أن أنشطة تكوينية متعددة تجسدها بالتعاون مع المؤسسة العقابية بالحراش، تدرج في هذا المقام، وان هذا البرنامج وسعته مع المؤسسة بوفاريك يشرع في عمله مع قسم النساء السجينات. ويشمل، البرنامج التكويني، الرسم على القماش الذي تراه، الجمعية، الخيار الأمثل للتكفل بالسجينات لإبراز مواهبهن والترفيه عن أنفسهن. وحسس، فاروق زموري، إمام مسجد الفرقان بسطاوالي، بجدوى التكفل بالنزلاء ومرافقتهم في إعادة الإدماج. وقال الإمام وهو مرشد بإدارة السجون أن المهمة التي تولاها بالمؤسستين العقابية باب الجديد والحراش مرورا بالمخيم الوطني للأحداث بتلمسان، أثبتت حقيقة واحدة أن الأمور تسير في الاتجاه السليم يكشف النقاب عنه روح الأمل العائدة لنفوس المساجين، وهو ما يحتاج إلى تشجيع ودعم من خلال إشراك الجميع في العمل. وحسم، الإمام، الإشكال بالجزم انه لا يمكن معاقبة السجين مرتين، الأولى في الزنزانة أثناء تنفيذ العقوبة المرتكبة على خطأ أوانحراف، والثانية خارج المؤسسة العقابية من خلال نظرة المجتمع الحارقة المبقية على تهمة الجريمة بالسجين بصفة دائمة لا تفارقه لحظة.