أحدثت تدابير قانون المالية التكميلي هزات عنيفة على مستوى المستوردين والاقتصاد الوطني بصفة عامة، حيث كانت الدولة صائبة في هذه القرارات، بالنظر للصدى الذي أحدثته لدى مختلف المتعاملين الاقتصاديين الذين طرحوا العديد من المقترحات على الدولة من أجل الانضمام في مسعى الدولة القاضي بخلق الثروة وتوسيع الاستثمارات، بدلا من التركيز على الجانب التجاري الذي يخدم الخارج على حساب الداخل. قدم وكلاء السيارات مقترحات إيجابية جدا خاصة بإقامة مصانع لتركيب السيارات، وأخرى لإنتاج قطاع الغيار، وهو ما قد يدفع بالدولة لمراجعة الإجراءات المنصوص عليها في قانون المالية التكميلي إذا ما جسد هؤلاء مطالبهم على الأرض، عوضا من تحويل الأرباح الناتجة من القروض الاستهلاكية بالعملة الصعبة إلى دولهم الأصلية دون استثمار أدنى الأرباح في قطاعٍ منتجٍ يساهم في تقليص فاتورة الاستيراد التي تراجعت في جميع دول العالم ما عدا الجزائر. ومن المتعاملين الذين قدموا مقترحات كذلك نجد مستوردي الكتاب، حيث بعد إقرار التعامل بالقرض الائتماني قبل استيراد الكتاب تسبب في عرقلة استيراد الكتاب بعد ارتفاع التكاليف، وطالبوا بضرورة التخفيف من إجراءات الاستيراد خاصة و أنَّ الكتاب صناعة ثقافية وليست كالمواد الأخرى. وينتظر هؤلاء المتعاملين الذين نظموا أنفسهم وكثفوا من لقاءاتهم التنسيقية من البرلمان مراجعة بعض المواد الواردة في قانون المالية التكميلي الذي نزل بأمر رئاسي، وهو ما يدور حاليا في أوساط بعض النواب الذين سيحاولون اقتراح بعض المواد الجديدة أو إدخال تعديلات تصب في مصلحة الاقتصاد الوطني. وتأتي هذه الاتصالات والمشاورات قبل عرض مشروع قانون المالية التكميلي لسنة 2010 الذي سيكون مهما للغاية، بالنظر للتحولات الوطنية والدولية التي تتميز بتراجع خطير في مؤشرات الاقتصاد الكلي، حيث تراجعت الصادرات العالمية وكذلك الواردات إلا الجزائر التي يتضاعف فيها الاستيراد بأرقام ضخمة جدا حيّرت الخبراء الاقتصاديين، ليتبين فيما بعد بأن بلادنا كانت ضحية تحايل أشباه المستثمرين الذين استغلوا التحفيزات التي تضمنتها قوانين الاستثمار ليتلاعبوا بقوانين الاستثمار وحولوا ملايير الدولارات إلى الخارج. وسيتضمن قانون المالية للسنة المقبلة تخفيضات جبائية مهمة، بالإضافة إلى تخفيضات أخرى متعلقة بالقرض العقاري، حيث سيقترح النواب تخفيضات مهمة لتشجيع المواطن على اقتناء سكنات، بدلا من انتظار البرامج الأخرى التي أثقلت كاهل الدولة وأثبتت بأن القضية في التوزيع، حيث تنتشر شبكة عنكبوتية مافيوية استفادت مرات عديدة و حرمت المواطن المحروم من السكن. وعليه، فالاقتصاد الوطني عانى من الفوضى بداية من التسعينات نتيجة عدم تهيئة الأرضية الخاصة باقتصاد السوق، وهو ما استغله البعض لإغراق الجزائر بكل ما هو غير قانوني ومغشوش.